لاقى توجيه رئيس مجلس الوزراء مؤخراً لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ومصرف سورية المركزي بزيادة نسبة تمويل المستوردات صدى إيجابياً لدى بعض التجار وخاصة المستوردين للسلع والمواد الغذائية الأساسية، لكن البعض يطالب بمعايير واضحة للتمويل بعيدة عن «الازدواجية التي يتبعها مصرف سورية المركزي في قيامه بعمليات التمويل، فليس كل من يتقدم ببوليصة استيراد يتم تمويله».

 

جاء هذا الكلام على لسان عضو غرفة تجارة دمشق محمد حلاق في حديثه لـصحيفة "الوطن" والذي وصف تعامل مصرف سورية المركزي بالنسبة لمسألة تمويل المستوردات بالبعيد عن الواقع، مشيراً إلى أن المركزي لكي يكون منصفاً إما يقوم بتمويل مادة أو يمتنع عن تمويلها، وعندما يتجه للتمويل فلابد أن يمول الجميع، أو يمتنع عن تمويل الجميع، بمعنى عدم وجود ازدواجية بتطبيق معايير وآليات التمويل.

 

عضو غرفة تجارة دمشق الذي لم ينس التأكيد على إيجابية القرار بين أنه عندما يمول المركزي جميع المستوردين لمادة واحدة عندها يصبح هناك منافسة بالسعر وطرحه في الأسواق بما يتناسب مع قدرة المستهلك، ولكن المشكلة الأساسية هي أن المركزي يبدو غير واضح في هذه الناحية من خلال تمويل بعض الإجازات وتوقيف أخرى، دون معرفة الأسباب.

 

وحول ما إذا كان توافر المادة في الأسواق هو السبب في رفض مصرف سورية المركزي تمويلها، أشار الحلاق أن الغاية الأساسية من عمليات التمويل في ظل الظروف الراهنة هي توفير السلع والمواد الغذائية في الأسواق وتحقيق وفرة كبيرة لأصناف مختلفة منها، فظروف العمل اليوم كما وصفها الحلاق استثنائية، وإن «تطبيق معايير وفق مبدأ واحد زائد واحد يساوي اثنين لكان معظم المستوردين والتجار متوقفين عن العمل اليوم، لذلك إيمان الأوساط التجارية بأن يكون لهم دور بارز في توفير السلع في الأسواق هو من يدفعهم إلى العمل في ظل ظروف خاصة كالتي تمر بها البلاد».

 

وبيّن الحلاق أن قرار الحكومة الأخير الذي طالبت فيه وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ومصرف سورية المركزي بزيادة تمويل المستوردات، إنما يهدف إلى دعم المستهلك والمنتج أولاً، وليس كما يظن البعض أنه من أجل دعم التجار. موضحاً أن انخفاض التكلفة على المنتج سيؤدي إلى انخفاض سعر المنتج على المستهلك ومن ثم فإن زيادة التمويل ينعكس إيجاباً على توفر السلع وانخفاض أسعارها.

 

وبعد أن مضى على تطبيق قرار ترشيد الاستيراد نحو ثمانية أشهر، اعتبر الحلاق أن القرار جيد ولكن يجب أن يطبق وفق معايير دقيقة وألا يكون مزاجياً ولحظياً، مبيناً أن التجار أيدوا القرار ولكن لبعض المواد غير الأساسية وغير اللازمة حالياً للأسواق، لأن ترشيد استيرادها في ظل الأزمة التي نمر بها ينعكس إيجابياً على المستهلك، لافتاً إلى ضرورة ألا يضع القرار جميع المواد وكل المستوردين ضمن سلة واحدة ويتعامل معها بشكل جامد، فعندما يصدر قرار بمنع استيراد مادة معينة يجب ألا يكون المنع فورياً وإنما يجب إعطاء مهلة ثلاثة أشهر كحد أدنى لتطبيق القرار، لأن هناك من أبرم عقوداً مسبقة لاستيراد تلك المادة وجهز القطع الخاص باستيرادها، ولذلك يجب أن يكون قرار ذا مرجعية لاحقة وليس مرجعية آنية، كما أنه يجب أن يؤخذ رأي أصحاب العلاقة في منع استيراد أي مادة، فحين يتم منع استيراد مادة معينة وهي مطلوبة في السوق، تكون قد وجهت المستهلك للبحث عنها بالطرق غير النظامية والتهريب.

 

وكشف الحلاق أن التجار يعانون العديد من المعوقات الجمركية التي تحتاج إلى حلول كثيرة، مؤكداً أن أساس الحل لمشاكل التجار هو لدى الجمارك، فكما يقال إن بناء الوطن قائم على التربية والتعليم والقضاء، فإن بناء الاقتصاد السليم يجب أن يقوم على بنية جمركية صحيحة، مع نشر لثقافة استهلاكية صحية تمنع استهلاك المواد المهربة لأنها مضرة بالاقتصاد، الأمر الذي يحتاج تضافر جهود الجميع بدءاً من المواطن وصولاً إلى الجمارك لبناء هذه البنية الاقتصادية السليمة.

Syriadailynews - Alwatan


التعليقات