بدأ رجال الأعمال السوريون في كافة الدول  بالعودة تدريجياً إلى وطنهم الذي لاغنى عنه، منهم من كان عذره جاهزاً هكذا وبكل وضوح قالوها: “رأس المال يجب أن يصان من مخاطر الأزمة التي عصفت بسورية، وليس جباناً من هرب من المواجهة كما يدّعي الكثيرون”...على حد تعبير بعض الصناعيين، فكان أول المطالب التي جمعت رجال الأعمال السوريين بمصر بوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك سمير قاضي أمين ومعاونيه عماد الأصيل وجمال الدين شعيب وعدد من المديرين المركزيين بالوزارة أمس، أن تخفف وسائل الإعلام من اتهاماتها لرجال الأعمال بإدارة ظهرهم وحمل رأسمالهم الصناعي ومغادرة البلاد، من أجل تحسين صورتهم أمام الرأي العام السوري، التي تلطخت نتيجة هذا التضخيم الإعلامي، حسب وصف المهندس خلدون الموقع رئيس هذا التجمع.

 

وزير التجارة الداخلية أكد أن الحكومة لا تضع جميع رجال الأعمال المغادرين من سورية في سلة واحدة، وهي بأجهزتها الخبيرة ومؤسساتها العريقة قادرة على التمييز بين من عمل على حفظ منشأته من تخريب ودمار المجموعات الإرهابية المسلحة فكان خياره الخروج بها، وهؤلاء لا إشارة على قراراتهم بالمطلق، وبين من ساهم بشكل أو بآخر في دعم تلك الأعمال الإرهابية بالمال والسلاح.

 

الظروف أجبرت أصحاب مهن سورية عريقة على التفكير ملياً بالمحافظة على صناعاتهم وفتح أسواق لها في دول مستهلكة لها مثل مصر، وبذلك ضمنّا عدم خسارتها، يقول الصناعي هشام عربي متوجهاً بالحديث إلى أعضاء الوزارة، طالباً إعطاء الدولة الطمأنينة للآخرين الباقين في مصر وغيرها من الدول لتبديد مخاوفهم ودفعهم إلى العودة للعمل مجدداً داخل  حضن الوطن.

 

كما أن العديد من رجال الأعمال اتخذوا قراراً جريئاً بالبقاء مهما كانت خسائرهم نتيجة انكماش الاقتصاد وتراجع الطلب على منتجاتهم، وعدد كبير من هؤلاء يرغب بفتح صفحة جديدة مع الحكومة، وتفعيل أعمالهم ونشاطاتهم، على ذمة الموقع، ليؤكد وزير التجارة الداخلية أن الدولة همها منصب على تقديم مواد بمواصفات جيدة وأسعار معقولة دون أيّ تعقيدات وأن جلّ ماتطلبه من المنتج والتاجر الصدق بالتعاقد مع الجهات العامة المعنية وألا يشغلوها بعمليات لا تنفذ في نهاية المطاف.

 

 

أن تكون مطالب التجار ضمن المعقول، والتقيد بسياسة التسعير وهوامش الأرباح التي تفرضها وزارة التجارة الداخلية، أمرين لا مجادلة فيهما توجه بهما أمين إلى رجال الأعمال، معتبراً إياهما أحد أهم الواجبات الأخلاقية عليهم في ظل الظروف الاستثنائية التي فرضت على المواطن، إلا أن عضو التجمع أكرم المزيك رأى ضرورة نظر الحكومة بتكاليف النقل وسعر الصرف، وقال :”إن تكاليف الأولى ارتفعت أربعة أضعاف عما قبل الأزمة، والثانية ثلاثة أضعاف من 50 ليرة للدولار الواحد إلى 150 ليرة حالياً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الصناعي سيبدأ من الصفر ومضطر أن يرفع هامش ربحه في المراحل الأولى من الانطلاق وتنخفض تدريجياً مع توافر المعروض والمنافسة، وعلى مراقب التموين أن يوضع بالصورة أيضاً، ليبتعد عن التعامل بمزاجية في ظروف أرخت بظلالها على الجميع دون استثناء”، وبدوره الوزير أوضح أن سياسة التسعير والدراسات المعمقة في تحديد هامش الربح، كانت عادلة بالنسبة لجميع الأطراف، ومراقب التموين يجب عليه العمل بناءً على السياسات الجديدة، ومن لديه من التجار ملاحظات على فساد أومزاجية مراقب أن يتقدم بها إلينا ولن تتوانى الوزارة عن معاقبته.

 

الجدل “البيزنطي” العقيم حول عدم تجاوب أسعار الوقود المحددة مركزياً مع تراجع سعر صرف الدولار، عاد من جديد إلى واجهة الحوار بين أعضاء الحكومة ورجال الأعمال الذين يعتقدون بأهمية توافق مؤشر المادتين لخفض أسعار تكاليف النقل والإنتاج، ويشير عماد الأصيل معاون الوزير هنا إلى أن تراجع إيرادات الخزينة العامة للدولة بسبب التهرب من دفع الضرائب والرسوم، هو الذي دفع بالحكومة إلى رفع أسعار الوقود، ورغم ذلك مازالت أسعارها مدعومة من الحكومة وتتكبد الخزينة خسائر كبيرة جراء هذا الدعم، والأمر لا يتعلق بسعر الصرف بالمطلق، حسب تعبير الأصيل، الذي ضرب مثالاً عن رفع الحكومة لسعر ليتر البنزين بمقدار أربع ليرات من أجل التخلص من مشكلة التهرب من ضرائب النقل، ورد عليه رئيس التجمع الموقع، مبيّناً أن التعاطي بعلمية بين ترابط مؤشرات أساسية كسعر الصرف والوقود يعطي منهجية عمل واضحة للمنتج ومصداقية عند المواطن بملاءمة الأسعار وتنافسية حقيقية بالسوق، ويجعل الجميع أكثر تلاحماً وتجاوباً مع قرارات الحكومة بعدم اكتناز الدولار والاستغناء عن الليرة بسهولة.

 

 

تعامل جهات حكومية بمكيالين بين تاجر “مدلل” وآخر “غير مسنود”، بحسب ادعاء عدد من الحاضرين بالاجتماع، كان آيضاً ضمن المنغصات التي أفصح عنها تجمع رجال الأعمال مع وزارة التجارة الداخلية، ومنها على سبيل المثال: بقاء مادة مستوردة بالتحليل المخبري شهراً كاملاً، بينما أقصى مدة لمادة مماثلة مستوردة من تاجر ثانٍ لا تأخذ في المخبر سوى يومين فقط، على ذمة الموقع، غير أن الوزير بيّن أن التحليل المخبري لصالح صحة المستهلك والتجاوزات إن حصلت فردية ومحدودة وليست ظاهرة.

 

وأكد وزير التجارة الداخلية في ختام الاجتماع أن غيرة رجال الأعمال السوريين على العودة إلى الوطن تعتبر عاملاً مهماً في التمسك بالوطن والانتماء له، متمنياً عودة جميع رجال الأعمال السوريين إلى الوطن،  ولاسيما أن الحكومة قدمت ومازالت تقدم التسهيلات اللازمة لجميع الفعاليات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بما يخص كافة نشاطاتهم وأعمالهم، وحث الوزير الحضور على ضرورة طرح المشكلات التي تواجههم وتقديم المقترحات اللازمة، منوهاً بأن الوزارة جاهزة لإيجاد الحلول بما يتعلق بمهامها وعملها، ولاسيما أننا فريق حكومي واحد بملعب واحد ولنا هدف واحد وهو خدمة وطننا الغالي.

 

من جانبه أكد المهندس الموقع من جديد أن تواجدهم في مصر ليس هروباً من سورية وإنما ليقوموا بأعمالهم ونشاطاتهم هناك بهدف خدمة اقتصادنا وبلدنا.

 

وختم بالقول: المطلوب من الشخص هو نشاطه وإنتاجه سواء داخل أوخارج البلد، فالإنسان الوطني والمخلص لبلده يمارس وطنيته أينما كان.

Syriadailynews - Albaath


التعليقات