بقلم : مجد عبيسي
لم يحتج الأمر مني إلى جهد كبير لرؤيته.. إني أراه.
كائن طويل الأذنين، عريض الفك، بارز الأسنان وراء ابتسامة عريضة..
قبيل برهة، كان يقبع بين الأكتاف وينظر من فتحات الأنف ويتحين غفلة الفهم والحكمة، ليبرز مفاتنه عبر تحريك ذيله أزغب الرأس وزم فمه الكبير، وملء الأثير.. بذبذبات النهيق والزفير، ووضع لمساته الحافرية –التي لا ير أجمل منها في الكون- على معالم الطبيعة!!
لكنه الآن خرج، وأمامي حالة قد تهدم المجتمع على المدى البعيد.. ويجب توصيف الحالة...
- كيف يظهر الحمار؟
في لحظة من التفاعلات الهرمونية تتعطل المؤشرات الآدمية، وتسيطر على الأعصاب ومراكز التحكم نبضات بهيمية (فيخرج الحمار الكامن في الداخل).
الشخص الذي تراه يُخرج حماره الخاص به يبدأ بالتخبيط والتلبيط، ويعمل بمبدأ معادلته البهيمية الخاصة بتحويل الدنيا إلى حظيرة خاصة "مشرّعة".. ويتخيل أن ما على بدنه من ثياب هي مجرد رسن وبردعة!
وطبعا مع اعتقاده الأعمى بأن الكون قد استحال إلى حظيرة صغيرة وليس "قرية" كما هو معلوم في عالم الاتصالات، فالحميرية لا تخرج إلا بعد طي العلم وطمس الفهم، وهي التي تبرر للآدمي ما قد يتصرف من أفعال تنافي الكياسة واللباقة واللياقة وحتى الإنسانية!!
- ما هي الأفعال الحميرية؟
يمكن تقسيمها إلى أفعال صوتية وأفعال حركية..
الأفعال الصوتية تكون مباشرة أو غير مباشرة.
الأفعال المباشرة تتجسد بصورة نقاشات عقيمة أو حوارات موجهة بصوت طاغ على جميع الأصوات المحيطة..
أما الأفعال غير المباشرة فهناك أمثلة عظيمة تجسد هذه الحالات تظهر في الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة، لسنا في معرض ذكرها هاهنا لكن يمكن القول إنها تكاثفت في السنوات القليلة الفائتة.
ثانيا: الأفعال الحركية.. وتتمثل باللمسات الحافرية على الطبيعة أو على الآخرين. ودائما تكون لا أخلاقية ومصحوبة بترك أثر الحافر..
وهناك حمير تخرج لتوثق طبعات حوافرها عبر تسجيلات "فيديو" كي تكون خبرة متراكمة يستفيد منها جيل الحمير الصاعد من بعدهم.
- كيف نتجنب خروج الحمار ؟
الحل الناجع الوحيد الذي أثبت فعاليته لوأد الحمار القابع في غياهب النفس، هي بتكوين خليط مبسط (ثلث ثقافة وثلثين أخلاق) نسد به التصدعات التي تحدثها البيئة في البنية الأخلاقية، تمكننا من سد مجالات اختلاس النظر للحمار وحتى التنفس.
أما تجنب خروج حمار الآخرين، فيمكننا أن نتنبه إلى إرهاصات ما قبل النوبة والفرار بعيداً بأسرع وقت. والإرهاصات تبدأ بالصمت لبرهة.. جحوظ العينين.. تباعد طفيف بين أصابع اليدين وتصاعد حشرجه ما قبل النهيق..
عند رؤية هذه العوارض يجب إخلاء الطريق، فالخارج لن يميز بين عدو أو صديق.. ودمتم.
Syriadailynews
2014-01-15 23:57:57