ناقش المشاركون في حلقة العمل الوطنية التي تقيمها وزارة الصحة بالتعاون مع منظمتي الصحة العالمية واليونيسيف الوضع الوبائي لحالات الشلل الرخو في المحافظات وخاصة بدير الزور وسبل استئصال مرض شلل الأطفال وآلية العمل بحملات التلقيح الوطنية القادمة.

وأكد وزير الصحة الدكتور سعد النايف خلال الافتتاح أن الوزارة ومع ظهور عدد من حالات شلل الأطفال في دير الزور اتخذت جملة من الإجراءات الاستثنائية والفورية لتطويق المرض منها التعجيل في تنفيذ المرحلة الثالثة من حملة التلقيح ضد الشلل والحصبة والتي بدأت في الرابع والعشرين من الشهر الماضي وما تزال مستمرة حتى الآن إضافة للتخطيط لإقامة ست حملات تلقيح متتالية ضد مرض الشلل تشمل جميع الأطفال دون الخامسة بغض النظر عن لقاحاتهم السابقة بالتعاون مع منظمتي اليونيسيف والصحة العالمية.

ولفت وزير الصحة بحسب وكالة الانباء "سانا" إلى أن الوزارة حذرت من خطر انتقال شلل الأطفال إلى سورية ودول أخرى حافظت على خلوها من المرض على مدار السنوات الماضية نتيجة دخول مجموعات بشكل غير شرعي إليها من مناطق ما تزال تصنف على أنها موبوءة بهذا المرض مثل باكستان والصومال كما تم تسجيل وجوده مؤخرا في مجاري الصرف الصحي في فلسطين المحتلة ومصر.

وذكر الوزير النايف أن الوزارة تواجه تحديات كبيرة في مجال توفير اللقاح وإيصاله لجميع الأطفال نتيجة التداعيات السلبية للحصار الاقتصادي الأمريكي/الأوروبي المفروض على سورية والذي طال القطاع الصحي بمختلف مكوناته وأعاق تأمين الدواء والغذاء إضافة للشائعات التي تنشرها المجموعات الإرهابية في بعض المناطق ولاسيما بدير الزور حول اللقاح ومأمونيته وبالتالي تمنع الأهالي من تلقيح أطفالهم.

وشدد النايف على ضرورة التعاون والتنسيق مع جميع القطاعات العامة والخاصة والأهلية لإيصال اللقاح لجميع الأطفال المستهدفين مع التركيز على الأطفال في المناطق الساخنة ومراكز الإقامة المؤقتة إضافة لتوفير اللقاح المضاد للشلل في جميع النقاط الطبية والمراكز الصحية في المعابر الحدودية.

وأكد وزير الصحة أن الجهود والتدابير الفنية والمادية التي اتخذتها وزارة الصحة ومديرياتها في المحافظات منذ بداية الأزمة ساهمت بشكل كبير في استقرار الأمن الصحي بالمقارنة مع حجم التحديات والضغوطات غير المسبوقة التي يواجهها القطاع الصحي حيث تستمر الموءسسات الصحية في أداء واجباتها المهنية وتوفير الخدمات الطبية الوقائية والعلاجية بشكل مجاني لجميع المواطنين ولاسيما خدمات صحة الأم والطفل والتلقيح.

بدوره بين الدكتور يوسف عبد الجليل الممثل المقيم لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" بدمشق أن سورية حققت قبل الأزمة الحالية نتائج مهمة في استئصال شلل الأطفال وتمكنت من رفع نسب التغطية وطورت نظام ترصد الأمراض المشمولة باللقاحات ونفذت حملات تلقيح داعمة على مدى عشرين عاما وتمكنت بالنهاية من القضاء على المرض.

وأشار إلى أنه ونتيجة الأزمة الحالية تدنت نسب التغطية باللقاحات ومنها لقاح شلل الأطفال في عدة مناطق بسورية الأمر الذي أدى لوجود مجموعة من الأطفال ليست لديهم المناعة الكافية ومع وجود الظروف البيئية الملائمة لانتقال الفيروس ظهر شلل الأطفال من جديد الأمر الذي يعد "نكسة للصحة العامة في سورية ويشكل خطرا إقليميا كبيرا".

وأكد أن تنفيذ حملات التلقيح المخطط لها يتطلب جهودا كبيرة خاصة في المناطق عالية الخطورة والتي لا يمكن أن تنجح الحملة دون الوصول إليها والعمل مع كل الشركاء المحليين في كافة المناطق وتنمية قدراتهم وتمكينهم لتنفيذ الحملات بشكل فني جيد.

ولفت إلى أن اليونيسيف ساهمت بتوفير غرف التبريد ومستلزمات سلسلة التبريد الأخرى وصناديق السلامة والسيرنكات إضافة لبطاقات التلقيح وتدريب العاملين الصحيين وتوفير المطبوعات اللازمة مبينا أن وزارة الصحة تدفع كامل كلفة اللقاحات المستخدمة وهي "كلفة كبيرة جدا" لكن بسبب الظروف الحالية الطارئة فإن المنظمة قدمت بعض اللقاحات لدعم الوزارة و"ستقوم بتوفير لقاح شلل الأطفال الفموي لحملات التلقيح القادمة".

من جانبها أعربت اليزابيث هوف الممثل المقيم لمنظمة الصحة العالمية في سورية عن أسفها حيال انخفاض التغطية باللقاحات في سورية إلى "60 بالمئة نتيجة الظروف الراهنة" بعد أن كانت من أعلى نسب التغطية في العالم مؤكدة أن العمل على رفع النسب من جديد ومكافحة شلل الأطفال "ليست مهمة مستحيلة" إلا أنها تحتاج إلى جهود إضافية وتشاركية بين الحكومة والمجتمع الأهلي والمنظمات الدولية.

وأكدت هوف أن اللقاح المستخدم في سورية "آمن ومجرد بضع نقاط في الفم تحمي الطفل مدى الحياة" ولا يتطلب التلقيح وجود طبيب أو ممرضة وأخذ أكثر من جرعة غير خطير على الصحة معتبرة أن الحل الوحيد الذي يضمن الوصول إلى كل طفل هو تشكيل فريق من العاملين المحليين والانتقال من منزل لمنزل.

ورأى الدكتور صلاح هيثمي خبير من منظمة الصحة العالمية أن المؤشرات الصحية العالية التي وصلت لها سورية خلال السنوات الماضية وبدء حملات تلقيح قبل اكتشاف حالات شلل الأطفال من الأمور الإيجابية التي ستساعد في مكافحة فيروس شلل الأطفال ووقف انتشاره.

وكشف الدكتور هيثمي أن أكثر من 40 بلدا خاليا من شلل الأطفال بدأ يشهد ظهور حالات شلل أطفال من جديد وأن 75 بالمئة من الحالات التي تظهر في العالم متواجدة في إقليم شرق المتوسط مبينا أن الحالات المثبتة في سورية هي 10 حالات والنتائج الأولية تشير إلى أن مصدرها باكستاني.

وبين أن سورية تحتاج لحملات تلقيح متكررة في فترات قصيرة لا تتجاوز الشهر ويستهدف في كل حملة مليون طفل على الأقل مع حملات متزامنة في دول الجوار كاشفا أنه تم رصد حوالي 10 ملايين جرعة لقاح لسورية.

بدورها أوضحت الدكتورة نضال أبو رشيد مديرة برنامج التلقيح الوطني في وزارة الصحة أن استراتيجيات استئصال شلل الأطفال تشمل تعزيز برنامج التلقيح الروتيني وتنفيذ حملات تلقيح وطنية وترصد حالات الشلل الرخو الحاد وهي كل حالة شلل رخو حاد عند أي طفل عمره أقل من 15 عاما.

وكشفت الدكتورة أبو رشيد أن حالات الشلل الرخو الحاد التي ظهرت منذ بداية العام الحالي وحتى الآن بلغت 89 حالة وكانت النسبة الأكبر في دير الزور 24 حالة ثم دمشق 11 حالة وريفها 9 حالات مبينة أنه تم إثبات 10 حالات إيجابية منها لفيروس شلل الأطفال البري "نمط 1" من قبل مخابر معتمدة من منظمة الصحة العالمية.

وأشارت إلى أنه ونتيجة ظهور حالات ايجابية للفيروس البري لشلل الأطفال وحالات الحصبة وانخفاض نسبة التغطية بالحملات الوطنية في 2012/ 2013 إلى حوالي 60 بالمئة من المستهدفين فإن الوزارة ستطلق ست حملات وطنية متتالية بفاصل شهر واللقاح المستخدم هو الشلل الفموي "ثنائي التكافؤ" وتنفيذ الحملات سيكون من بيت لبيت وبجودة عالية ومتزامنة مع دول الجوار مع التأكيد على الوصول للأطفال في المناطق الساخنة.

وأوضحت الدكتورة أبو رشيد أنه وبعد انتهاء الحملة الحالية في 21 من الشهر الجاري ستنطلق حملة ثانية في 8/12/2013 وستتوالى الحملات لغاية العاشر من نيسان القادم.

وأكد محمد هادي مسؤول التلقيح في دير الزور أن حملة التلقيح الحالية والتي انطلقت في نهاية الشهر الماضي وصلت إلى 96 ألف طفل تحت سن الخامسة حتى الآن.

وتناقش الحلقة الوطنية على مدى يومين بمشاركة مديري الصحة في المحافظات آلية الترصد الوبائي لحالات الشلل الرخو الحاد والإمداد أثناء حملات التلقيح الوطني والرسائل المرغوب إيصالها أثناء هذه الحملات والتحديات والصعوبات التي قد تواجهها.

التعليقات