شجرة الزيتون الشجرة المباركة التي نزل ذكرها في القرآن الكريم عندما أقسم بها الله تعالى " والتين والزيتون "، وذكرها ملك الملوك الفرعون رمسيس الثاني عندما دخل بلاد الشام وانتصر على الحثيين فاتجه غرباً إلى الساحل ووصل عمريت وهناك قدم له لأهالي النبيذ وزيت الزيتون فقال لجنوده " كلوا الزيت وصارعوا الحيط " إنها ابنة البحر المتوسط.. البنت البارة التي تعيش على المناخ الدافئ صيفاً والمعتدل شتاءاً...لذا احتلت زارعة الزيتون في سورية أهمية كبيرة لدى المزارعين حيث بلغ عدد الأشجار أكثر من 100مليون شجرة، وهو منتج مطلوب لدى جميع السوريين فلا تجد مائدة إفطار تخلو من صحن الزيتون الأخضر أو الأسود نتيجة فائدته الكبيرة، ومن العادات والتقاليد المتوارثة لدى السوريين هي مونة الزيتون في مثل هذه الأشهر من كل عام، ولكن يبدو أن الواقع الحالي فرض عكس هذا التقليد ،فكيلو الزيتون الأخضر كان في الماضي يباع ما بين 60 و70 ليرة سورية أما اليوم فهو مضاعف الأضعاف حيث وصل الكيلو ما بين350 و400 ليرة سورية.

 

وفي حساب بسيط لتكلفة مونة الزيتون نجد أنها أصبحت مرتفعة جداً لذلك فضلت معظم العائلات عدم تموين الزيتون لهذا العام على أن تستعين بشراء الزيتون الجاهز بما أن سعر كيلو الزيتون الجاهز أرخص من الزيتون الأخضر حيث وصل سعر الكيلو الزيتون الجاهز للطعام إلى 300 ليرة سورية نخب الأول و250 ليرة سورية نخب ثاني وفضل البعض الأخر أن يكون الزيتون من الأكلات الكمالية، وأن تقتصر مائدة الفطور على اللبنة والجبنة والبيض والزعتر.

 

وفي الوقت الذي يتوقع مكتب الزيتون التابع لوزارة الزراعة أن يبلغ إنتاج سورية من ثمار الزيتون 925 ألف طن خلال الموسم الزراعي الحالي أشار المزارعون في القرى التابعة للمناطق الساحلية والذين يعتمدون بالدرجة الأولى على زراعة الزيتون بعدم توافر موسم لهذا العام فالزيتون مفقود بالمنطقة بسبب مرض أصاب الشجر إضافة إلى المناخ السيئ مما أدى إلى تخريب الموسم، وتساقط قسم كبيرمن الثمار وجفاف الأشجار، وبالتالي تأثرت كميات الإنتاج التي كانت متوقعة ففي الماضي كانت الشجرة الواحد تنتج أكثر من 35 كيلو زيتون أما اليوم فمن كل 5 شجرات ننتج 35 كيلو من الزيتون لذلك فالفلاح لم يستطيع أن يحصل على مونة عائلته هذا العام .

 

أما بالنسبة لمواسم القرى المتواجدة في المناطق التابعة لحلب وإدلب فقد توقع الفلاحون أن يكون هذا الموسم جيد جداً فالتقديرات لهذا العام تشير إلى ارتفاع إنتاج الزيتون، حيث قدر بمليون طن من الحب يستخدم منه حوالي 170 ألف طن زيتون مائدة، و يقدر إنتاج الزيت 200 ألف طن هذا العام، وأرجع السبب في ارتفاع الانتاج إلى أن جميع أشجار الزيتون حملت بشكل جيد بفضل المناخ المناسب والأمطار الغزيرة في العام الماضي.

 

ومن المعروف أن محافظة ادلب كانت تحتفل بموسم الزيتون بطريقة مختلفة عن المحافظات الآخرى حيث يتم تحضير مهرجان "عرس الزيتون "..وينقلون به الصورة الحقيقة والواقعية لطقوس قطاف الزيتون واللحظات التي يقضيها الفلاحون في الحقول وهم يرددون الأغاني والأناشيد إضافة إلى صنع الاكلات شعبية خصيصاً لهذا اليوم الجميل الذي يجني فيه المزارع ثماره ويرى نتيجة تعبه طيلة ايام السنة ...ولكن بسبب الظروف التي تمر بها البلد حرم أهل هذه المحافظة من القيام بهذا المهرجان إضافة إلى عدم قدرتهم على استجرار أي كمية من الزيتون إلى المحافظات الأخرى .

 

من جهة ثانية عزا تجار سوق الهال في محافظة دمشق ارتفاع الأسعار لهذا العام بسبب عدم وصول الكميات المطلوبة فقلة الكمية وكثرة الطلب ترفع السعر إلى الأضعاف، وفي حال استطعنا إحضار كميات من الزيتون فهناك الكثير من الصعوبات التي تعترضنا أولها ارتفاع أجور النقل والطرق الغير أمنة إضافة لعدم توافر المادة بشكل كبير فالمزارعون في قرى إدلب وحلب يفضلون تهريب الزيتون إلى تركيا وبيعها بضعف الأسعار على أن تنقل إلى محافظات مجاورة .

 

يذكر أن سورية تعد المرتبة الثانية عربيا والرابعة عالميا بإنتاج زيت الزيتون ,ومن حيث عدد الغراس تعتبر الأولى عالمياً.. وبحسب الدراسات تقدر الأراضي المزروعة 647 ألف هكتار أي بما يعادل12% من المساحة المزروعة، وأكدت الدراسات أن 100مليون شجرة زيتون توجد في سوريا منها 77مليون مثمرة والباقي قيد الإثمار.. وتنتشر زراعة الزيتون في كافة المحافظات وخاصة الشمالية والغربية من سوريا كما أنها تعتبر غذاء أساسياً ومصدر دخل لكثير من الأسر السورية، ويعتبر الزيت السوري من أجود الأنواع العالمية.

 

نور ملحم - Syriandays


التعليقات