سيريا ديلي نيوز - مجد عبيسي

المكان: دمشق- غرفة خافتة هادئة.. بمصباح.. ببعوضتين (أعتقد بقصة حب بينهما). 

 

الزمان: سنوات الأزمة- في قطع من الليل. لا أعلم إن كان سيقرأ أحد كلامي هذا، لكن أمامي ورقة وقلم ويجب أن أوثق ما يحدث في الخارج. خارج جدراني في هذه اللحظات أسمع ضحكات ضباع وأنفاس بشعة الرائحة تحرك الغبار أسفل بابي!! 

 

الضحكات تقترب وتبتعد، تعلو وتخفت، والأنفاس تؤذي عبق ياسمين غرفتي الذي لم يزل ناصع بياضه. تارة عند الباب، وتارة من شق النافذة، حتى من صنبور المياه!

 

لو كنتم معي الأن في صمت الليل البهيم، لسمعتم ثغاء غبيا يتخلل أصوات الضحكات، وكأن الضباع والنعاج في قطيع واحد!

 

علاقة التطفل والتعايش هذه قائمة على الشكل التالي: النعاج تبض لبنا أسودا في أشداق الضباع، مقابل أن تعلمها كيف تضحك!! 

 

هل رأيتم يوما نعجة تضحك؟!

 

 صه.. لم أعد أسمع ضجيج الطغمة في الخارج، نعم زئير أسد في الأرجاء أوقف شعور الضباع وأعجف النعاج.

 

 اختلست النظر لأتبين حقيقة الخبر، فرأيت ضباعا اختبأت خلف الصوف وأناخت برؤوسها تمك أثداء النعاج الفزعة مكا - دون إضاعة للوقت - وتستدرها بكل ما أوتيت من قوى الشفط التي تنضوي عليها أخلاق الضباع. 

 

ضحكت الضباع مجددا على النعاج، والأخيرة تظن أنها تعلمها الضحك! 

 

وعادت النعاج تدر من تلقائها "بهبل".. ولكن ما لبثت أن أوجفت مجددا وكمدت الضحكات. 

 

أصخت السمع وإذا بقهقهة دب تجلجل في الفضاء بتناغم مع سحيف تنين "إن كان يطلق على صوت التنين سحيفا".. نظرت مجددا، وإذا بالضباع تدني رؤوسها من بعضها، والنعاج تتشمم أذنابها، وعيونها الصفراء تحملق في الظلمة، وضحكاتها الصفراء عادت تتصاعد شيئا فشيئا.. "فالضحك ديدن الضباع من بدء الخليقة".

 

 تصاعدت ضحكاتها واستشعرت أنفاسها تقترب من عتبة بابي..ولكن ما لبثت أن خنست حين باغتها زئير وقهعهة وسحيف.. وهكذا.. أسد ودب وتنين في الأرجاء، وضباع ونعاج وعواء وثغاء. 

 

عدت برأسي إلى الخلف، وأرحته على وسادتي باطمئنان. فالليل الطويل لما ينته بعد، ولا أعلم إن كان سيقرأ أحد كلامي هذا "بعد نومي".. لكني مطمئن بحتمية نتيجة السجال، والفجر أت لا محالة، وحين يشعشع .. عندها لكل حادث حديث.

 

 

Syriadailynews


التعليقات