سيريا ديلي نيوز - مجدعبيسي

 

كما لم يزل ياسمين دمشق ناصع بياضه، لم يزل رداء الحضارة فضفاضا علينا. وعقد وراء عقد وراء عقد، ونحن نتشمم ريح الشواء ونغلق الأعين ونلوك الحنظل ! ونقنع أنفسنا -نحن اللائكين- أن شذابات الشواء تذوب في الحلوق، وأن الحليمات تهنأ بالطعم والطيب !

ولكن أه من العنجهية.. فحتى بعد أن فتحنا أفواهنا -وبان المخبوء- لنتفوه بالحماقات، وتكاشفنا كتل المرار حتى ألسنة المزمار، بقينا مصرين على تمثيل تنظيف بقايا الدسم العالق بين الأضراس..

لا البعض ادعى السمنة !! وهرع إلى ثوب الحضارة مقتنعا أنه بات على مقاسه. وتبختر فيه جاره وراءه، لاما ما ظن أنه تجاوزه من عذر بدنه و"روثه".. ونتن ريحه يسبقه ويتأخر عنه!!

هونا يا أبا الرداء.. فلن أراوغ اليوم عن الحقيقة. أنت كاذب أفاق، وتسربلت رداءا لا تعلم شيئا عن أركانه.. والتي هي حفنة من الأخلاق. أكبر ادعاء – أشهد للجميع فيه بالنفاق- هو الحب دون العشق، لأنه سيد الأخلاق.. ولأنه إن وجد اقترنت فيه متممات وجوبه، والتي هي التواضع والتسامح والتأخي والإيثار والمصابرة والأمانة والرحمة. والحضارة والرقي ما هما إلا تاج على رأس جسد من أخلاق تجري في عروقه فنون التعامل مع الغير. وهما إن وجدا بحقهما، كان السلم والسكينة والرفاه والدعة والرغد. وغاب التاج، فقفزت الشياطين بين أرجلنا تحمد وتقدس بالقتل، وتسترخي في بؤرة مترامية الأطراف ومعدية من التخلف والتعصب والعنت..

 ونحن نغطيها بقماش مزركش .. وندعي الصحة والسلامة .. ألا إننا نعلم ونخفي !!

ونصيبنا من الحضارة وأمم الحضارة النفي والنفور، والحجر الصحي علينا وعلى عقولنا المهترئة جراء التقادم وقلة الاستخدام "نحن المكابرون".. وتركنا نفنى بوبائنا الذي نحب والذي نصر والذي نخفي.

 

 

التعليقات