كشف مدير مدينة الشيخ نجار الصناعية الدكتور محمد هندية أن نحو 25% من معامل المدينة لا يزال يعمل حتى اليوم ولكن بطرقهم الخاصة.

وأشار هندية إلى أن منتجات هذه المعامل لا تزال تصل إلى المدن السورية ولكن بأسعار تبلغ 4 أو 5 أضعاف أسعارها الطبيعية، مبيناً أن السبب الرئيس لهذا الارتفاع هو الجشع إضافة إلى عوامل أخرى مثل الظروف الراهنة والأتاوات المفروضة عليهم وحالة اللاوطنية عند البعض وكذلك بسبب أسعار الصرف الوهمية وغيرها… علماً أن أهم هذه المنتجات هي الغذائية وأنواع من الخيوط وصناعة الموبيليا.

ولفت هندية وفقاً لصحيفة «الوطن»  إلى أن «الشيخ نجار» كانت تضم نحو 1000 معمل وهو ما لم يبلغه أي تجمع صناعي في أي دولة عربية أو مجاورة علماً أن خطة الاستيعاب للمدينة يبلغ 6 آلاف معمل ومنشاة صناعية تتوزع على مساحة 45 كيلو متر مربع وقادرة على استيعاب 60 ألف شقة سكنية للعاملين فيها.

وحول حجم خسائر «الشيخ نجار» أكد الدكتور هندية أنه بعد احتساب الخسارة الكبرى التي تتمثل في الأرواح، فإن هناك خسارة في الثقة والأمان ومناخ الاستثمار الذي تأثر بشكل رهيب بسبب الأحداث الحالية وهو ما يستغرق فترة لعودته إلى حالته الطبيعية في سابق عهده.

وأضاف: إن ذهاب صناعيين من حلب إلى مصر أو تركيا أو غيرها من الدول هو حالة مؤقتة لأن صناعتهم موروثة عن الآباء والأجداد، وهي ثقافة متأصلة عندهم، وهؤلاء الصناعيون الذين خرجوا إلى تلك الدول يتواصلون يومياً مع بلدهم سورية ليطمئنوا على أحواله وكأنهم طلاب مسافرون من أجل الدراسة سيعودون قريباً.

وأكد هندية أن عودة صناعيي حلب ستكون حالما تتبين لهم بارقة أمل، وهم لم يأخذوا معهم كل شيء وإنما ما يكفيهم لتشغيل جزء من أموالهم إضافة إلى أن البعض منهم عنده وقبل الأزمة فروع خارجية لعمله في تلك الدول وعندما أصابته الأزمة خفف أعماله هنا وزاد من حجمه في دولة أخرى سافر إليها.

موضحاً أن بعض الصناعيين يقومون بتوسيع أعمالهم في سورية حتى هذه الساعة ورغم الأزمة والظروف، ولذلك ستكون معافاة القطاع الصناعي سريعة.

الصناعة محرك الصادرات إلى الأسواق الخارجية

واعتبر مدير «الشيخ نجار» أنه رغم العجز الاقتصادي الحالي وحجم الأضرار الذي أصاب البنى التحتية في سورية فإنه في حال عودة عجلة الإنتاج بالشكل الطبيعي إلى هذه المدينة بالذات إلى جانب غيرها من المدن الصناعية في سورية فإنها ستكون العنصر الرديف لعملية الإصلاح والتعافي الاقتصادي في سورية وهو عامل يتفوق على المزايا الاقتصادية الأخرى بما فيها الثروة النفطية.

«فالإنتاج الصناعي سيكون في حال عودته إلى تلك المدينة بمنزلة العجلة الضخمة التي تنتظرها الأسواق في العراق وإيران وغيرها من الدول، ولن تكفي 24 ساعة عمل متواصلة يومياً في مدينة مثل الشيخ نجار لسد الطلب على المنتجات، إضافة إلى فرص العمل التي ستعود من جديد وعلى نطاق أوسع ما سينعش الاقتصاد الوطني».

وفي السياق تحدث هندية عن حجم الاستثمارات في «الشيخ نجار» وبلغ نحو 150 مليار ليرة سورية، وبسبب مناخ الاستثمار الجيد قفز حجم رأسمال الاستثمار فيها خلال الفترة الممتدة بين نهاية عام 2010 وبداية 2012 إلى نحو 195 مليار ليرة سورية.

مستدركاً بالقول: إن التطور الصناعي الهائل الذي شهدته الشيخ نجار لفت نظر دول الجوار إليها وأهمها بسبب وصول المنشآت المعنية بصناعة الغزل والنسيج التي نافست وتميزت على مستوى العالم بجودتها وبأسعارها، ومن خلال المعلومات التي توافرت عندنا ووثقناها وعبر شكاوى الصناعيين المتضررين لاحظنا بوضوح أن الكثير من معامل الصناعات كالغذائية والمقبلات وغيرها تم إحراقها أو تخريبها في حين لاحظنا أن الصناعات المتميزة ومنها النسيجية المتميزة صاحبة رؤوس الأموال الضخمة تم تحميلها وآلاتها وترحيلها إلى تركيا وخصوصاً منها المعامل المنافسة للصناعات النسيجية التركية.

ومثال ذلك تحدث هندية عن أنه منذ نحو 5 أشهر جاء أحد الصناعيين إلى إدارة «الشيخ نجار» وأفاد بأن أربعة رجال أتراك مختصين بالغزل والنسيج مع أشخاص سوريين مختصين في هذا المجال أيضاً اتصلوا معه هاتفياً من داخل منشأته الصناعية في تلك المدينة لابتزازه في منشأته وبعد رفضه عرضهم قاموا بفك اللوحات الإلكترونية المعقدة من آلات معمله ونقلوها لتركيا وثمنها عشرات ملايين الليرات السورية مع صعوبة تعويضها، وعادوا بعد أسبوعين للاتصال به مرة أخرى ولكن هذه المرة كان يهدفون إلى بيعه ما تبقى من معمله نفسه وهو قائم في أرض المدينة الصناعية، وأعطوه مهلة أسبوعين للتفكير ملياً في هذا الأمر وإلا فسيقوموا بترحيل الآلات إلى مدينة غازي عنتاب التركية.

ويؤكد الصناعي أنه بعد رفضه عرضهم قاموا فعلاً بنقل الآلات إلى غازي عنتاب لأنه رفض ابتزازهم له وفضّل خسارة معمله على ألا يخضع لعار شروطهم والمساهمة في تدمير وطنه.

من جهته أكد هندية أيضاً أن بعض اللصوص الأتراك بالتعاون مع بعض الخونة من سورية قاموا بفك بعض التجهيزات من بعض المعامل في المدينة الصناعية وباعوها لأشخاص تنقصهم هذه المعدات مع علم هؤلاء اللصوص المسبق أن فلان من الصناعيين تنقصه تلك القطعة المعينة التي يمتلكها صناعي آخر، «وحدث أحياناً أن بعض القطع انتقلت من معمل إلى معمل صناعي آخر يبعد عنه مئات الأمتار فقط».

وأكد هندية أن من قام بفك الآلات هو حتماً من قام بتركيبها أما الآلات التي نقلت إلى تركيا فتم بيعها هناك ويمكن مسح رقمها التسلسلي وتزوير شهادة استيراد لها.

وكشف عن قيام السارقين بعملية ترويج حديث على مسامع البعض ممن لا يتمتعون بالحس الوطني مفاده أن من يريد الحصول على آلة معينة بسعر معين ومخفض يمكنه ذلك، «أي بعد تزوير شهادة منشأ جديدة ورقم تسلسلي جديد لأي آلة يحتاجها على أن تشحن من الأراضي التركية إلى أرض معمل المشتري الزبون في مدينة الشيخ نجار الصناعية ولكن بعد انتهاء الأزمة».

وأكد هندية أن بعض الأشخاص الأتراك أصبح لديهم مكاتب عمل في المدينة الصناعية وتمت مشاهدة العديد من سيارات «الجيب» التركية التي تجوب المدينة ومجهزة بأجهزة الاتصال للتواصل مع السماسرة في الأراضي التركية.

 

التعليقات