حذر رئيس" اتحاد غرف الصناعة السورية" فارس الشهابي، من أن الأغلبية العظمى من معامل الدواء، سوف تضطر إلى إيقاف إنتاج نحو 70% من الأصناف الدوائية الحيوية التي تقوم بإنتاجها عادةً، لأن أسعار الصرف الحالية ستؤدي إلى ارتفاع التكاليف إلى درجة أن تكاليف الإنتاج، ستكون في المحصلة أعلى من الأسعار المحددة من "وزارة الصحة السورية".

وأشار الشهابي وفق صحيفة "الوطن" المحلية، إلى أن معامل الأدوية التي تخسر وتعمل بتكلفة إنتاجها فقط منذ نحو السنتين، ستتوقف في هذه الحالة عن الإنتاج، ومعظم هذه المعامل التي تلقينا اتصالات منها ومن مختلف المحافظات، أهمها في حلب ودمشق اضطرت إلى إيقاف إنتاج معظم أصنافها.

ولفت إلى أن العامل الأهم في هذه الأزمة، يتمثل في ارتفاع أسعار صرف الدولار مقابل الليرة السورية، وأن "المصرف المركزي" الذي كان في البداية يقوم بتمويل المستوردات من المواد الأولية الداخلة في الصناعة الدوائية بأسعار تشجيعية هو متوقف حالياً عن هذا التمويل، وبالتالي فإن معامل الدواء البالغة نحو 70 معملاً - ومنها نحو 15 معملاً متوقفاً منذ فترة بسبب الظروف الأمنية – يعملون بنصف طاقتهم الإنتاجية، وعلى وضعه الحالي يعتبر ذلك كارثة.

وأوضح الشهابي أنه عندما تضطر هذه المعامل إلى استيراد موادها الأولية بناءً على أسعار صرف السوق السوداء، فإنها سرعان ما ستفلس وبالتالي التوقف حتماً عن العمل، "وهذه كارثة حلها برسم الحكومة وتلك هي مسؤوليتها، وأن أي سؤال حول أسباب توقف المركزي عن دعم هذه المستوردات يتم توجيهه إلى الحكومة فقط".

ولفت رئيس الاتحاد إلى أن تلك المعامل شارفت على الإفلاس وبالتالي فإن هذا الوضع هو بداية لكارثة حقيقية تتمثل بعدم توافر الدواء المحلي الصنع ودخول الدواء المهرب، الذي تصل أسعاره إلى خمسة أضعاف المحلي على الأقل، علماً أنه دواء غير موثوق الجودة لأنه مهرب ولا أحد قد يعرف من أين جاء وما هو مصدره.

ونقل الشهابي مطالب مصنعي الدواء في سورية، عبر ربط تسعير الدواء بسعر الدولار، وأن تقوم "وزارة الصحة" بإصدار نشرة تسعير شهرية للأدوية، وذلك كما فعلت العديد من الدول الأخرى في حالاتها المشابهة لحالتنا، على أن تكون مربوطة بسعر الدولار ارتفاعاً أو انخفاضاً، "لأن الأسعار الحالية لم تعد تجد نفعاً مع الصناعيين، وبالتالي سيكونون مضطرين لإغلاق منشآتهم، وهذا الموضوع يجب أن تكون الحكومة هي فقط المسؤولة عنه أولاً وآخراً أمام الناس، لأنه خطير جداً ويتطلب حلاً سريعاً".

وقال: "أذكر هنا أسعار الطاقة التي يحصل عليها الصناعي، كما يشتري مصنعو الدواء ليتر المازوت بحوالي 60 ليرة والفيول بسعر يتراوح بين 40–50 ليرة لليتر الواحد".

كما يدفعون أضعاف تكاليف النقل عدا السرقات في المحافظات، ليأتي الآن الارتفاع المتزايد لأسعار الصرف، ليكون السبب في توقف هذه المعامل وانقطاع الدواء عن السوق، وهذا أخطر ما قد يصيب الاقتصاد الوطني وحله غير معقد.

وقال الشهابي: "نحن كاتحاد غرف للصناعة السورية نضمن بعد أي زيادة في أسعار الدواء، بأن يبقى سعر الدواء السوري الأرخص عالمياً وأن يكون أرخص من الدواء التركي واللبناني والأردني والمصري وغيره، ولكن من غير المعقول أن نقول لهذا الصناعي اذهب وانتحر".

وحول المقترحات تحدث الشهابي: "إما يجب تمويلهم بأسعار التمويل التي قدموها وهي تتراوح بين 70–80 ليرة، ما يجعل مصنع الدواء قادراً على العمل ضمن إطار الأسعار الحالية.ولكن في حال لم يستطع المركزي تأمين هذا السعر وطلب منا الاعتماد على أسعار صرف الدولار في السوق السوداء، فإن منتج الدواء سيكون غير قادر على الإنتاج، إلا إذا تم ربط سعر الدواء مع ارتفاع سعر الدولار، إضافة إلى إصدار نشرة من وزارة الصحة لكافة المعامل مرة واحدة على الأقل شهرياً وإما تحرير أسعار الدواء".

وأكد الشهابي أن منتجي الدواء لا يفضلون فكرة تحرير أسعار الدواء، لأن هناك جشعاً عند البعض سيؤدي إلى احتكار بعض الأصناف، ما سيؤدي إلى الدخول في متاهات لا تحمد عقباها.

وختم بالقول: "إن كل اقتراحاتنا بما فيها تحرير أسعار الدواء لن تؤدي إلى جعل الدواء السوري أعلى سعراً من مثيلاته في الدول الأخرى على الإطلاق، وعلى العكس فإنه سيبقى أرخص من غيره".

أقترح "المجلس العلمي السوري للصناعة الدوائية" تعديل تسعير الأدولية استنادا للسعر الفعلي للدولار، حيث وجه مذكرة إلى رئيس الحكومة وائل الحلقي، أكد فيها على أنه منذ صدور القرار الأخير بتعديل أسعار الأدوية بنسب معينة، حصلت بعض التطورات التي تستدعي تدخلاً سريعاً لإنقاذ هذه الصناعة وضمان استمرارها.

وأشار "المجلس العلمي" في مذكرته إلى أن أهم هذه التطورات تتمثل بأن "المصرف المركزي" أوقف مؤخراً تأمين القطع الأجنبي المخصص لصناعة الدواء بالسعر الرسمي.وأن سعر الدولار الفعلي وصل خلال الشهرين الماضيين إلى 135-140 ليرة في حين كان السعر حسب النشرة الرسمية نحو 97 ليرة
وبيّن "المجلس العلمي للدواء" أنه من أجل ضمان استمرار هذه الصناعة لابد من اتخاذ القرار المناسب بشأن التسعير وعدالته، مقترحاً تعديل تسعير الأدوية استناداً للسعر الفعلي للدولار.

وبرر ذلك بأن مخزون المواد الأولية الذي كانت المعامل تعتمد عليه قد نفد حالياً، وأي استمرار بالإنتاج يتطلب تجديد المخزون بالسعر الحالي للقطع، مع الإشارة إلى استمرار صعوبات الاستيراد بالتأثير في الصناعة مثل صعوبة التحويل والنقل وارتفاع أجور الشحن والتأمين.

ونوّه المجلس العلمي أيضاً بدعم الحكومة لصناعة الدواء الوطني من خلال محورين: الأول بتأمين بعض القطع عن طريق "المصرف المركزي" بالسعر الرسمي، وتعديل الأسعار وفق شرائح محددة، مذكراً بأن السعر كان لدى صدور قرار التعديل ثمانون ليرة ، وسعر التدخل 87-88 ل.س.

واستدرك المجلس، أن استمرار الصناعة الدوائية بالإنتاج، مع المقترحات المذكورة سيبقى ضمانة لصحة المواطن وعلاجه، فالبديل لذلك لن يكون في مصلحته، مثل توقف المعامل عن الإنتاج وفقدان الأدوية من السوق والتوجه نحو التهريب والاستيراد ما يضع المواطن أمام خيارين ليسا في مصلحته هما: "عدم ضمان جودة الدواء وارتفاع سعره عدة أضعاف، ناهيك عن توافر الدواء المناسب بالوقت المناسب".

وختم المجلس مذكرته بالتأكيد على رئيس الحكومة، ضرورة النظر للمقترحات والموافقة على مناقشتها مع "المجلس العلمي" في أقرب فرصة ممكنة، بعد تحديد رئيس الحكومة موعداً لهذا الأمر.

التعليقات