يتوقع أن تنشط الخطوط البحرية المستحدثة من مرفأ طرابلس الى مرافئ بور سعيد في مصر، ودبا في السعودية، والعقبة في الأردن، ومرسين في تركيا، في نقل الصادرات اللبنانية لا سيما الزراعية منها الى مستورديها، بعد تعذر نقلها عبر طريق البر. ويسجل في هذا السياق، مزيدا من التطور بعد النجاح في إيجاد عنصر المنافسة بين شركات الملاحة البحرية، ودخول باخرة تابعة لإحدى الشركات الإماراتية على هذا الخط.

وتمتلك الباخرة الجديدة (وكيلها رامي قدورة وترفع العلم البريطاني) قدرة على استيعاب 136 شاحنة، بكلفة مالية أقل بنحو 30 في المئة عن الشركات التي كانت افتتحت هذه الخطوط، فانخفض السعر ذهابا وإيابا على الشاحنة الواحدة من 5700 دولار أميركي الى 4100 دولار، ما من شأنه أن يشجع حركة الصادرات اللبنانية عبر البحر، خصوصا أن الكلفة الجديدة باتت أرخص حتى من النقل البري، بحسب مدير مرفأ طرابلس أحمد تامر.

وتنطلق الباخرة الجديدة في رحلات منتظمة أسبوعيا إلى المرافئ المعنية، بعد أن جرى تأمين كل التسهيلات المطلوبة سواء عبر تخفيض الرسوم المرفئية ورسوم الترانزيت في المرافئ المعنية، بعد الاتصالات التي أجراها أمين عام غرف التجارة اللبنانية توفيق دبوسي مع سفارات تلك الدول بدعم من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الأشغال والنقل غازي العريضي، إضافة الى الاتصالات مع «مؤسسة تشجيع الاستثمارات» (إيدال) ورئيس مجلس إدارتها المهندس نبيل عيتاني بهدف تقديم الدعم اللازم للمصدرين الزراعيين لا سيما في هذه المرحلة التي تواجه فيها صادراتهم معوقات التصريف عن طريق البر بفعل الأحداث الجارية في سوريا.

وقد وصلت الباخرة الإماراتية أمس، إلى مرفأ طرابلس قادمة من مصر وعلى متنها شاحنات مبرّدة محمّلة بكميات كبيرة من الانتاج الزراعي الى عدد من الشركات اللبنانية، وقد كان في استقبالها دبوسي وعيتاني وتامر، حيث تم تدشين الخط البحري الجديد الذي ستؤمنه هذه الباخرة التي ستتحرك على طريق المرافئ الأربعة (بورسعيد، دبا والعقبة ومرسين).

وكان دبوسي  وفقاً لصحيفة " السفير اللبنانية " وضع عيتاني في صورة الإجراءات المتعلقة بتعزيز حركة النقل البحري لاسيما العروضات الجديدة التي تقدمت بها الشركة الاماراتية والخدمات المنتظرة منها، وذلك في اجتماع سبق التدشين في غرفة طرابلس. ثم انتقلا إلى المرفأ حيث اجتمعا مع تامر الذي أطلعهما على كل المقومات اللوجستية التي يتمتع بها هذا المرفق البحري المهم.

واتفق المجتمعون على أهمية تطوير كل المرافق والمؤسسات العامة والخاصة في طرابلس والشمال، حيث لفت عيتاني الانتباه إلى أن «طرابلس مدينة عريقة وحاضنة لكل مقومات الجذب الاستثماري، وأن ما نشهده اليوم من حركة واعدة لخطوط النقل البحري سيكون لها الدور الفاعل في إطلاق عجلة النهوض الاقتصادي»، مضيفاً «سنبحث على أعلى المستويات في بلورة صيغة تتلاءم مع تطلعات المصدرين الزراعيين في المرحلة الراهنة من دون أن نسقط من الحسبان أن الخطوط البحرية تتكامل مع حركة النقل البري، وأنها ستبقى وتستمر بثقة وثبات حتى ولو انتهت أزمة المعابر البرية مع سوريا».

وشدد عيتاني على ضرورة تتضافر الجهود المشتركة والمكثفة بين غرفة طرابلس والشمال و«إيدال» و«مصلحة استثمار مرفأ طرابلس» لعقد مؤتمر تطرح فيه كل الأفكار والاقتراحات التي من شأنها العمل على اظهار الدور والمكانة الإقتصادية التاريخية والحاضرة التي تمتاز بها طرابلس.

من جهته أكد دبوسي أن هذه الخطوات ستكون داعمة بشكل كبير للاقتصاد الوطني وللصادرات اللبنانية، وستفتح الباب أمام ديمومة تصدير البضائع الصناعية والزراعية عبر البحر، مشيدا بالتعاون القائم بين «الغرفة» و«إيدال» والمرفأ ووزارة الزراعة والأمن العام والجمارك والجيش، لافتا الانتباه إلى أنه أجرى اتصالا بميقاتي لابلاغه عن وصول الباخرة، وأن كل المعنيين يتابعون حركة الخطوط البحرية الجديدة باهتمام بالغ، كما أجرى اتصالا مماثلا بوزير الزراعة حسين الحاج حسن. وأبرز تامر ضرورة استخدام هذه الميزة الكبيرة في هذا المرفق الإقتصادي الحيوي، وهو عملاق تجاري واقتصادي بكامل طاقاته، وقال: «هذا انجاز مهم، لانه بات باستطاعتنا تصدير البضائع اللبنانية إلى دول الخليج العربي، وفي كلفة مالية أقل من النقل البري».

وأضاف: بعد افتتاح الخط إلى مدينة مرسين التركية، نحتفل اليوم بافتتاح خط مصر، الذي يساهم في توفير طريق آمنة للشاحنات اللبنانية، ومن المفترض أن تنظم رحلة أسبوعيا إلى مصر». كما أكد مالك الشركة الاماراتية أحمد المكراني أن الباخرة ستساهم في تطوير الخطوط البحرية من مرفأ طرابلس، بما يساهم في دعم إيصال الصادرات اللبنانية الى المكان الذي تريده، بأقل كلفة ممكنة وبشكل آمن بعيد من أي خطر. «تجمع رجال الأعمال»

من جهة ثانية، جال رئيس «تجمع رجال الأعمال» الدكتور فؤاد زمكحل في طرابلس، حيث التقى دبوسي في مكتبه في «غرفة طرابلس والشمال»، بحضور رجل الأعمال وعضو تجمع الصناعيين عمر حلاب، ثم زار زمكحل مع دبوسي ميقاتي في دارته في الميناء، ثم تفقد المرفأ حيث كان في استقباله تامر، وانتقل بعد ذلك الى «معرض رشيد كرامي الدولي» حيث اطلع على الانشاءات فيه.

وأعرب زمكحل عن سروره بزيارة طرابلس، ورأى أنها «تتمتع بكل الميزات التفاضلية التي منحها الرب إياها ومدها بالسبل والعناصر اللازمة لتكون المحرك الرئيس للنمو والإنماء الاقتصاديين، لذلك يمكن وينبغي أن تكون نموذجا مثاليا للتفاهم والاتفاق والأخوة والصداقة»، وأسف أن تصدّر «أياد خفية» أعظم المواهب من هذه المدينة، والشباب الأكثر علما والقوى الشبابية البنّاءة، وأن تستورد مشاكل العالم على أرضها لتسوية حسابات لا مصلحة لأحد بها».

ورفض أن تكون «طرابلس صندوق بريد»، مشيرا إلى أنها «صندوق غني بالأفكار، ويحتوي على الإنتاجية والكفاءة والنجاح». وأبدى زمكحل إعجابه بالتطور الذي يشهده مرفأ طرابلس، وقال: «من المؤلم أن نرى عدم استعمال هذه الميّزة الكبيرة، ذلك العملاق التجاري والاقتصادي بكامل طاقته. بالفعل يستند اقتصادنا الوطني على تبادلنا التجاري مع العالم من حولنا. ومن الجوهري استغلال واستثمار كل فرصة مثل هذا الميناء التاريخي الذي يمكن أن يسمح لنا بالتقدم والتطور الدائم». وأضاف: «من خلال هذا الميناء فإنه من واجبنا تصدير منتجاتنا ومعرفتنا وخبرتنا وثقافتنا ونجاحنا، ولكن وقبل كل شيء من واجبنا أن نصدّر أيضا، ومن هنا تحديداً، رسالة سلام وأمل، وتفاهم وأخوة الى العالم بأسره».

التعليقات