صدر مصرف سورية المركزي قراراً يسمح للمصارف المرخص لها بالتعامل بالقطع الأجنبي ولشركات الصرافة المرخصة بشحن الأوراق النقدية الأجنبية "البنكنوت" باستثناء الدولار الأميركي واليورو من داخل سورية إلى خارجها براً أو جواً. هذا القرار لم يحدد الهدف من شحن الفائض هل هو لتمويل الاستيراد أم لإخراج رؤوس الأموال ؟ ومن أين هذا الكرم على حساب البلد؟ وهل العملات الصعبة هي فقط اليورو والدولار؟ ماذا عن الجنيه الإسترليني وعملات دول الخليج ؟ أليسوا عملات صعبة ؟ أما إذا تم التسويق للقرار على أنه محاولة لتجنب العقوبات، فهو وهم طالما أن البنك المركزي اشترط أن يتم تقييدها لدى البنك المراسل . وهنا نجد أنفسنا مضطرين لرفع الراية الحمراء في وجه من اعتاد أن يصيغ القرارات بشكل يمالئ البنوك الخاصة: "يا أيها الفريق الاقتصادي طالما أن الحكومة لاتضمن إيداعات المواطنين، فلماذا هذا التراخي بالسماح بإخراج الأموال (دون تحديد مسوغ مثلا تمويل استيراد ) من البنوك إلى الخارج وهل ينقص البلد نقص سيولة في القطع الأجنبي". ألم يفكر هذا الفريق ولو للحظة بإمكانية حدوث تخلف عن الدفع من بعض المقترضين من الشركات الكبرى ؟ ماذا سيكون وضع الملاءة المالية للكثير من البنوك في هذه الحالة ؟ أسئلة تحتاج إلى إجابات من فريق اعتدنا على أن يتصرف وفقا لأجندة البعض ممن اعتادوا على شد اللحاف لطرفهم ؟ ولاننس أن المصارف السورية الخاصة تودع عادة حوالي 40% من أموالها في المصارف الخارجية المراسلة وهو ما يقترب من 200 مليار ليرة سورية سنوياً، وكانت المصارف السورية تقوم بهذا الإجراء بشكل غير قانوني لأن القرارات لاتسمح لها بذلك، لكن الحكومة كانت تغض الطرف بسبب عدم وجود مناخ استثماري يسمح للمصارف باستثمار أموال المودعين فيه ضمن سورية، أو على الأقل هذه كانت الذريعة التي تقدمها المصارف. لكن المشكلة اليوم تبدو خطيرة، وهي مخاطرة بأموال المودعين خاصة بعدما كشف مدير عام أحد كبار المصارف السورية في مقابلة لمجلة الاقتصادي أنّ جزءاً من اموال المصارف السورية في الخارج تعرضت للتجميد من قبل قبل بعض الدول بسبب العقوبات، واعترف أنّ هذا التجميد جاء نتيجة لتفسيرات خاطئة للعقوبات لكنه حصل وصودرت على أساسه أموال هي للمودعين السوريين. والخوف اليوم، ونحن نعلم أن العقوبات متصاعدة أن يسمح هذا القرار بشرعنة إخراج الأموال للمصارف الخارجية، وأن تتعرض أموال المودعين للتجميد أو المصادرة مع أية عقوبات جديدة
نادر الشيخ الغنيمي

التعليقات