تأخذ العقارات في الفترة الحالية موضع جدل وتساؤلات كثيرة من قبل العاملين بها نتيجة الظروف التي تعيشها سورية، لذلك لابد من معرفة مصير العقارات في محافظات القطر، ومنها محافظة حمص، التي لوحظ منذ بداية الأحداث في سورية تباطؤ حركة البيع والشراء بها مع انخفاض كبير لأسعارها في مناطق معينة من المحافظة وارتفاع كبير في الأسعار في مناطق أخرى، لكن مع اشتداد الضغوط انخفضت أكثر من 50% حركة البيع و الشراء فالمنزل الذي كان سعره حوالي 6مليون ليرة في المناطق المتوترة حاليا أصبح اليوم يباع بأقل من 3 مليون وعلى العكس المنزل الذي كان يباع بمليون في المناطق الآمنة أصبح اليوم يباع بأكثر من 2 مليون .
جمود كامل ... أكد العاملون في مجال العقارات في حمص أن الأزمة التي تمر بها المحافظة جمدت جميع الأسواق ومن بينها سوق العقارات، والكثير من المواطنين يرغبون في بيع أو تأجير عقاراتهم، وبأسعار مغرية جداً، ولكن الزبون غير موجود، والسبب وجود العقار في منطقة متوترة لا يجرؤ أحد على الاستئجار أو حتى الشراء فيها رغم انخفاض سعره أكثر من 50% وبالمقابل شهدت بعض المناطق ارتفاعا في الأسعار لأنها تصنف كمنطقة آمنة كما أن هذه المناطق تشهد حركة إيجار مرتفعة بشكل كبير حيث يلجأ إليها المواطن في حال كان مضطرَّاً إلى السكن في مناطق أقل توتراً من منطقة سكنه الأصلية. أما بالنسبة إلى واقع الريف في المحافظة فهو يختلف عن المدينة من ناحية وجود حركة عقارية أفضل، خاصة من ناحية الإيجار في مناطق الريف، مثل وادي النضارى ومشتى الحلو وادي العيون والمزينة وغيرها من القرى المحيطة، حيث نشطت فيها حركة الإيجار من قبل الكثير من أبناء حمص ممن رغبوا في الابتعاد عن توترات المدينة والاستقرار فيها، لكن رغم ذلك لا يمكن القول إنَّ الحركة العقارية تصاعدت بشكل كبير جداً في المنطقة. توقف العمل ... بالمقابل انتشرت الأبنية المخالفة وبكثرة في العديد من مناطق حمص ما جعل المواطنين يبتعدون عن فكرة الاستئجار أو شراء منزل، ما زاد الأزمة العقارية جموداً، وستنعكس عملية استمرار الأبنية المخالفة على مستقبل العقارات في حمص بشكل سلبي أكثر،إضافة إلى توقف الكثير من المشاريع العقارية والأبراج (الظاهرة التي انتشرت في حمص خلال السنوات الماضية)، فقد توقَّف العمل في المشاريع ولا يبدو واضحا متى يتم استكمال إنجازها . التكاليف‏ تحلق في السماء جراء ارتفاع معدلات الأبنية المخالفة والتي استغل أصحابها الأوضاع الراهنة في حمص شهدت مواد البناء ارتفاعا جنونيا في الأسعار ولاسيما في مادة البلوك التي تعد أكثر المواد تأثراً بهذه الظاهرة، حيث شهد سعر البلوك خلال الفترة القليلة الماضية ارتفاعات كبيرة لينتهي به المطاف إلى قرابة الـ 50ليرة سورية للبلوكة الواحدة، وذلك بعد أن بلغ سعرها بداية الأزمة قرابة الـ25 ليرة ولعل أبرز ما يمكن أن يفسر أسباب الارتفاعات الكبيرة في أسعار البلوك خصوصاً هو دخولها إلى بورصة المضاربات السوداء، فقد أكد البعض قيام عدد من المتعهدين بالتعاقد مع مكابس البلوك لشراء كل ما تنتجه هذه المكابس من بلوك بمبالغ كبيرة مقابل التزام أصحاب المكابس بعدم بيع أي بلوكة لأي شخص كان، الأمر الذي تسبب في فقدان هذه المادة الأساسية من الأسواق. وعلى الرغم من تأكيد المهندس إبراهيم عباس مدير عام شركة الأسمنت لبورصات وأسواق عدم زيادة سعر مادة الاسمنت في القطاع العام ، إلا أن هذا لم يبدد المخاوف من ارتفاع أسعاره خلال الفترة القادمة، خصوصاً أن الطلب حتى الآن لم يشهد أي انخفاضٍ بحسب بعض العاملين في مجال صناعته. سيزيد الوضع سوءاً ومن جهة أخرى يعتقد محللون اقتصاديون أن آثار الأزمة ستؤثر سلبا على قطاع العقارات اذ ان الطفرة العقارية غير المسبوقة التي شهدتها سورية في السنوات الاخيرة ستصاب بالجمود وحالة من الركود بحيث لا توجد حركة بيع وشراء،وان كان من السابق لأوانه تقدير حجم الاضرار على سوق العقارات في سورية نظرا لما يتمتع به من خصائص ولكن وفي حال دققنا في الأزمة بشكلٍ أوسع لوجدنا أن تبعاتها السلبية لن تميز بين الأبنية المخالفة والنظامية، بل إنها ستضربهما على حد سواء، وهو ما سيزيد الأوضاع سوءاً، على اعتبار أنه في حال وقعت تلك الأزمة فإنها ستتسبب في تعطيل عجلة التطوير العقاري، جراء خشية المستثمرين الذين يعتبرون اللبنة الأساسية في عملية التطوير من الدخول إلى سوق العقارات في سورية، وبالتالي فقدان سورية أهم عامل يتميز به اقتصادها وهو عامل جذب الاستثمارات،كما أن كل الاحتمالات مفتوحة وأن أسعار العقارات لا تزال مهددة بالارتفاع من جديد على اعتبار أن عوامل الانخفاض ليست دائمة وهناك إمكانية لتتحول إلى عوامل ارتفاع في حال ارتفعت أسعار حوامل الطاقة أو ارتفاع أسعار مواد البناء من اسمنت وبلوك وغيره من بحص ورمل، وهناك حقيقة لابد أن يعرفها الجميع كونها تعتبر أحد عوامل ارتفاع الأسعار وهي أن العقارات في سورية لا زالت تعتبر وسيلة ائتمانية واستثمارية في ظل غياب الاستثمارات الأخرى على الخارطة الاقتصادية. بدأت الأزمة العقارية قبل الأزمة الحالية من جهته قال الخبير الاقتصادي عمار اليوسف "إن الحقيقة العملية هي الركود الاقتصادي في سورية بشكل عام، وأما المشكلة المتعلقة بالقطاع العقاري فقد بدأت قبل فترة عبر التوجه الاستثماري الكبير تجاه الأراضي والعقارات ما أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل غير منطقي". ودخل الكثير من الشركات العقارية العربية إلى السوق السورية في السنوات الأخيرة ما أدى إلى طلب كبير من شركات قادرة على دفع مبالغ كبيرة, فارتفعت أسعار العقارات بصورة كبيرة وصلت إلى 3 أضعاف خلال أعوام قليلة. وأشار اليوسف إلى أن الأسعار لم تهبط كثيرا، إلا إن هناك بوادر لهبوطها نظرا لضعف الحركة في الأسواق خلال الأيام المقبلة ، لكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت ،قد يستغرق ثلاثة أشهر أو أكثر، حتى يشعر الناس والممولون أنه لم يعد لديهم سيولة، ولا يزال السوريون يأملون بانخفاض أسعار العقارات على أمل أن يصبح الحصول على مسكن أمرا قابلا للتحقيق بعد أن أصبح خلال الفترة الماضية حتى استئجار منزل خارجا عن قدرة كثير من السوريين.
نور ملحم - عن بورصات وأسواق

التعليقات