يشكل محصول القمح الحجر الأساس في تحقيق الأمن الغذائي في سورية، لذلك اهتمت به كل السياسات الاقتصادية والخطط الخمسية واعتبر محصولاً استراتيجياً لاقى ما يستحقه إلى حد ما من الاهتمام واحتكرت الحكومة شراء القمح وحذرت المزارعين من الاتجار به

في خطوة لتأمين الطحين لمادة الخبز وكثير من المنتجات التي يدخل فيها القمح كمحصول أساسي أو وحيد، حيث حرصت الجهات المختصة على تأمين مخزون يسد حاجة القطر لأكثر من عام حرصا على تأمين الاقماح المطلوبة لصناعة الخبز حتى في مواسم المحل وقلة الهطل المطري.

وعلى التوازي مع حصر بيع محصول القمح بالمؤسسة العامة للحبوب ومؤسسة إكثار البذار تقوم الحكومة بتأمين جميع المستلزمات الزراعية للفلاحين وتشرف على تنفيذ خطة زراعته وتتابعه حتى وصوله إلى أماكن التخزين المحددة ، كما تسعى بشكل دائم لتبسيط إجراءات الاستلام للمحصول و حصول الفلاح على قيمة محصوله بعد تحديد سعر القمح من قبل لجنة مختصة و بعد دراسة متوسط الأسعار العالمية خلال السنوات الماضية والأسعار السائدة بالأسواق, وهذا العام  حددت وزارة الزراعة سعر شراء الأقماح من المزارعين للموسم الحالي بمبلغ 22 ألف و500 ليرة للطن الواحد من القمح القاسي و22 ألف ليرة للطن الواحد من القمح الطري، وذلك بناءً على النتائج التي توصلت إليها اللجنة المكلفة بتسعير المحاصيل الاستراتيجية التي تسوقها الجهات العامة. وعلى الفور  خصصت الحكومة 60 مليار ليرة لتسديد قيم شراء القمح من الفلاحين والمزارعين للموسم الحالي.

وفي هذا العام سعت وزارة الزراعة ضمن خطتها لانتاج نحو  4.7 ملايين طن من القمح بزراعة نحو /565ر1/مليون هكتار منها /787/ألف هكتار مروي و/778/ألف هكتار بعل .

إلا أن الظروف الجوية وغمر قسم كبير من المساحات المزروعة وانقطاع المطر في شهري آذار ونيسان  وتأخر وصول الأسمدة اللازمة وارتفاع سعر مادة المازوت وعدم توافرها لسقاية المحصول، وقلة المطر في معظم المناطق الداخلية وخاصة في مناطق الاستقرار الثانية والثالثة أدت إلى خفض التوقعات إلى إنتاج حوالي 3.7ملايين طن  منها مليون و900 ألف طن (قمح قاسي) ومليون و800 ألف طن (قمح طري).

ونظرا لأهمية محصول القمح استطلعنا استعدادات بعض المحافظات لتأمين وصول الاقماح إلى أماكن التخزين والإجراءات التي اتخذتها الجهات المعنية لتسهيل عمليات الاستلام للمحصول واستلام الفلاحين لثمن المحصول المسلم للمراكز.

الحسكة ..194 ألف هكتار غير قابلة للحصاد بسبب قلة الأمطار وعدم توفر المستلزمات الزراعية

تسير عمليات حصاد وتسويق الحبوب في محافظة الحسكة بوتائر جيدة, إذ يبلغ الإنتاج المتوقع للمحافظة من القمح المروي والبعل مليوناً و 149 ألفاً و 724 طناً, حسب التقرير الصادر عن مديرية الزراعة, والذي يقول: إن هناك مساحات غير قابلة للحصاد كلياً, تبلغ 194.459 هكتاراً من القمح و 226584 هكتاراً من الشعير و 2607هكتارات من العدس. وتعود أسباب ذلك إلى انحباس الأمطار وقلة الهطلات المطرية ولاسيما خلال شهر نيسان, وعدم توافر المياه في سرير نهر الخابور وعدم وجود مياه في السدود, وعدم توافر الأسمدة الآزوتية والمحروقات بالكميات الكافية وفي وقتها المناسب, إضافة إلى توقف المحركات الزراعية العاملة على الكهرباء بسبب التقنين.

ولهذا اعتبرت اللجنة الفرعية لتسويق الحبوب في المحافظة مناطق الاستقرار الثانية والثالثة والرابعة في المحافظة مناطق ضرر عام, ما يعني تأجيل الديون المترتبة على مزارعي البعل لمصلحة المصرف الزراعي تلقائياً, وذلك لأن كل المحصولات الزراعية الشتوية البعلية المزروعة ضمن هذه المناطق, خرجت من الإنتاج الزراعي بسبب الظروف الجوية الصعبة التي سادت المحافظة, باستثناء بعض المساحات المتفرقة.

775 ألف طن الإنتاج المتوقع شراؤه

قام فرع القامشلي للمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب بافتتاح 39 مركزاً لشراء الحبوب في مختلف أنحاء المحافظة, واخبرنا مدير الفرع المهندس أحمد الحسن أن المؤسسة ستشتري جميع الحبوب المعروضة عليها مهما كانت درجة نظافتها وأشار إلى أن الكمية المتوقع شراؤها من القمح هذا الموسم تبلغ 625 ألف طن, ومن المقرر أن يشتري فرع المؤسسة العامة لتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي إكثار البذار 150 ألف طن, يصبح المجموع 775 ألف طن, وهذا الرقم مطابق إلى حد ما للكمية التي تم تسويقها خلال الموسم الماضي, وهي 800 ألف طن تقريباً.

وقال المهندس الحسن: إنه كان من المفترض أن تقوم الجهات المعنية باتخاذ بعض الإجراءات التي تشجع المنتجين على تسويق إنتاجهم لمؤسسة الحبوب, من ذلك مثلاً تأجيل الديون المترتبة على المزارعين للمصرف الزراعي بالنسبة للقمح المروي أسوة بالقمح البعل, وذلك لأن الفلاحين والمزارعين المدينين سيلجؤون إلى وسائل متعددة غير شرعية لتسويق إنتاجهم, من ذلك مثلاً تسويق الإنتاج بأسماء منتجين غير مدينين للمصرف الزراعي, أو تهريب الإنتاج إلى محافظات أخرى, أو بيعه للتجار وغير ذلك.

المساحات المروية متضررة أيضاً

وقد أكد العديد من المنتجين على ما ذكره مدير فرع القامشلي لمؤسسة الحبوب, حول ضرورة تأجيل الديون المترتبة على المنتجين لمصلحة المصرف الزراعي التعاوني, الأمر الذي يدفع المنتجين للعزوف عن تسويق إنتاجهم للمؤسسات المعنية, خشية قيام فروع المصرف الزراعي باقتطاع الأقساط المترتبة عليهم لمصلحة المصرف, وذلك لأن قيم الحبوب يتم صرفها عن طريق فروع المصرف الزراعي.

ويوضح المنتجون أن تخوفهم له ما يبرره, رغم إقرارهم بأحقية تحصيل الديون, والمبرر هو الوضع المتردي للموسم ولاسيما المساحة البعلية, التي تشكل الأغلبية الساحقة من المساحة المزروعة بالحبوب, ولذلك فإن الإنتاج المعول عليه هو إنتاج المساحة المروية, التي عانت ما عانت هي الأخرى, نتيجة لعدم توافر مستلزمات الإنتاج بالكميات والأسعار المناسبة ما اضطر المنتجين لشرائها بأسعار مرتفعة, وتكبد مصروفات إضافية, قضت على كامل هامش الربح المتوقع وجزء من رأس المال, وهذا يعني أن جميع منتجي الحبوب متضررون بشكل أو بآخر. كما يطالب المنتجون بالإسراع بصرف فواتير الشراء. وذلك لأن المنتجين بأمس الحاجة للسيولة المالية في هذه الفترة بالذات, من أجل تأمين مستلزمات المحصولات الصيفية وخاصة القطن.

واعتبر المنتجون أن زيادة سعر شراء الكغ الواحد من القمح ليرة واحدة فقط خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية, وذلك لأن هذه الزيادة في السعر تعد تعويضاً لهم ولو عن جزء مما تكبدوه من خسائر خلال الموسم, بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وخاصة المازوت والسماد, نتيجة لشح الكميات المطروحة في الأسواق منهما من جهة, وما رافق ذلك من فساد في توزيعهما من جهة ثانية, حيث اضطر المنتجون إلى شراء هاتين المادتين بثلاثة أضعاف سعرها الحقيقي, ولهذا كان المنتجون ينتظرون زيادة أكبر من ذلك, تصل إلى 5 ليرات على الكغ الواحد على الأقل.

وتائر جيدة

وقد اتخذت الجهات المعنية في المحافظة عدة إجراءات لتوزيع المازوت على الحصادات وفق آلية معينة, وحالياً الوضع مقبول, وعمليات الحصاد والتسويق تسير بوتائر جيدة, ومن المتوقع أن تبلغ ذروتها مطلع الأسبوع القادم.

درعا ..اســتلام المحصول في درعا و«الأثمان» في دمشق

أدى الإجراء الذي اتخذته الإدارة العامة للمصرف الزراعي القاضي بتسليم أثمان محصول القمح الذي يقوم فلاحو محافظة درعا بتوريده إلى مراكز استلام الحبوب في محافظة درعا هذا العام من بعض المصارف في مدينة دمشق حصراً إلى استياء المسؤولين والفلاحين وتنظيمهم النقابي في المحافظة.

صدمة الفلاحين

وقال الفلاح سعيد العيشات: إن الفلاحين صدموا من هذا الإجراء غير المقبول مهما كانت الأسباب الداعية إلى اتخاذه لاسيما وأن الفلاحين يضطرون إلى إتمام إجراءات توريد الحبوب في المحافظة بدءاً من شهادة المنشأ التي نحصل عليها في الوحدة الإرشادية مروراً بتسليم المحصول في مركز الاستلام وصولاً إلى تنظيم الفاتورة والشيك في المصرف الزراعي في درعا، ولايبقى على الفلاحين سوى صرف الشيك حيث كانت هذه العملية تتم في المصرف الزراعي إلا أنه في هذا العام تم التوجيه بصرف الشيكات من مصارف معينة في مدينة دمشق، وهذا الأمر يؤدي إلى إرباك الفلاحين الذين سيضطرون للسفر إلى مدينة دمشق لصرف الشيكات، وقد يضطرون للسفر عدة مرات حتى يتمكنوا من صرف الشيكات، وقال الفلاح سليمان الطعاني: إن أصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة هم الأكثر ظلماً بسبب تطبيق هذا القرار حيث يضطر قسم كبير منهم إلى توريد إنتاجهم إلى التجار والابتعاد عن الإجراءات الإدارية والورقية المطلوبة لتسليم المحصول وتجنب مغبة السفر إلى مدينة دمشق.

إجراء مجحف

أما اتحاد الفلاحين في المحافظة فقد رأى عبر مكتب التسويق أن هذا الإجراء ظالم وغير منصف، وسوف يؤدي إلى تشجيع توريد الحبوب إلى السوق السوداء، وذكر مصدر في مكتب التسويق في اتحاد الفلاحين في المحافظة أن اتحاد فلاحي المحافظة قام برفع عدة مذكرات لجميع الجهات المعنية طالب فيها بإلغاء قرار صرف أثمان المحصول من دمشق وإعادته إلى المصرف الزراعي في درعا أو أي مصرف موجود في المحافظة لأن هذا القرار من شأنه تشجيع التجار ومساعدتهم في التحكم بالفلاحين وحرمان مكتب الحبوب والدولة من استلام جزء كبير من المحصول، كما سيؤثر هذا الأمر على مدى تنفيذ خطة استلام الحبوب في المحافظة، وحول مقترحات التنظيم الفلاحي في درعا حول موسم تسويق الحبوب قال المصدر: لقد طالبنا منذ البداية بتأمين مادة المازوت للآليات العاملة في مجال الحصاد والتسويق بدءاً من الحصّادات وانتهاء بالجرارات الزراعية وشاحنات نقل المحصول، كما طالبنا بتسهيل مرور الآليات والحصادات وتنقلها في المحافظة، وكان رئيس اتحاد الفلاحين في المحافظة قد طالب في اجتماع رسمي خصص لمناقشة موسم تسويق الحبوب بالتقيد بالدور المسبق في مراكز استلام الأقماح والإسراع في إعداد وتنظيم الفواتير الخاصة بقيمة المحصول واستلام كل الكميات المعروضة على مؤسسة الحبوب مع الأخذ بالحسبان الدرجة والنوعية وتحديد أجور النقل للسيارات والجرارات الزراعية وإلزام أصحابها بهذه التسعيرة.

إجراءات ميدانية

وفي لقاء مع مدير فرع المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب في المحافظة المهندس نضال المبارك قال: بدأت حركة توريد محصول القمح إلى مراكز استلام المحصول التي تم تحديدها في محافظة درعا بالتزايد بعد أن قام الفلاحون بعمليات الحصاد منذ بداية شهر حزيران الجاري، وبلغت الكميات التي تم تسويقها من الحبوب حتى صباح يوم الأحد الماضي 1371طناً، وقد قامت الجهات المعنية بتسويق الحبوب في المحافظة باتخاذ عدد من الإجراءات لإنجاح موسم التسويق هذا العام فقد وجه السيد محمد خالد الهنوس محافظ درعا بإيجاد السبل الكفيلة بتوفير مادة المازوت اللازمة لعمل الحصّادات ووسائل نقل المحصول ومستلزمات عمليات الحصاد والتسويق من دون انقطاع وبالكميات الكافية، وتمكين الفلاحين من إيصال إنتاجهم إلى مراكز استلام المحصول بيسر وإنجاز أعمال استلام المحاصيل بالسرعة المطلوبة وبالدقة أثناء سحب العينات وتحليلها لإعطاء الفلاحين حقوقهم كاملة غير منقوصة،

وأضاف مدير الفرع أن الفرع انهى جميع الاستعدادات الميدانية اللازمة لاستلام إنتاج الفلاحين من محصول القمح ومن المتوقع أن يتم تسويق أكثر من مئة ألف طن من القمح هذا الموسم، وسوف يتم تسويق القمح بسعر تشجيعي يبلغ 22.5 ليرة سورية للصنف القاسي و22 ليرة سورية للقمح الطري، وقال: إن الفراغات المتوفرة لدى الفرع تتسع لتخزين نحو 130 ألف طن من القمح وأن أكياس الخيش الموجودة لدى الفرع كافية لتسويق الكميات التي سيتم توريدها وسيتم توزيعها على الفلاحين بسعر 80 ليرة للكيس الواحد على أن يعاد المبلغ المدفوع للفلاحين بعد تسليم المحصول، وأضاف أن عمليات الاستلام للموسم الحالي من الفلاحين ستكون من خلال سبعة مراكز رئيسية موزعة في مدن درعا ونوى وازرع وبصرى الشام والصنمين وفي بلدة اليادودة وفي صوامع غرز حيث يعد مركز صوامع غرز مركزاً تسويقياً جديداً ومهماً تصل طاقته التخزينية إلى نحو مئة ألف طن ويستوعب معظم إنتاج المحافظة إضافة لتأمين مركز موسمي في بلدة خربة غزالة بهدف تخفيف الأعباء عن الفلاحين وعدم نقل محصولهم إلى مراكز بعيدة عن حقولهم.

120 ألف طن قمح

من جهته قال مدير الزراعة في درعا المهندس عبد الفتاح الرحال: إن الإنتاج المتوقع لمحصول القمح في المحافظة هذا العام يصل إلى أكثر من 120 ألف طن، وبين مدير الزراعة في درعا أن إجمالي المساحات المزروعة بالقمح خلال الموسم الحالي بالمحافظة بلغت 70880 هكتاراً مشيراً إلى أن الأصناف الأكثر انتشاراً في درعا هي من الأنواع القاسية مثل شام 5 وشام3 وبحوث 11 والتي تعد من أفضل الأنواع القاسية والمتحملة للظروف المناخية وأخطار التعرض للإصابات الحشرية والمرضية وأضاف الرحال أن المديرية قامت منذ بداية الموسم بمراقبة المحصول وتنفيذ نشاطات إرشادية للفلاحين ومكافحة الأعشاب الضارة والآفات الحشرية كالسونة وفأر الحقل والإصابات الأخرى كالصدأ حيث بلغت المساحة المكافحة من هذه الحشرات خلال الموسم الحالي 7210 هكتارات ضد فأر الحقل و1023 هكتاراً ضد حشرة السونة مبيناً أنه تمت زراعة 20 حقلاً إرشادياً رائداً بمحصول القمح موزعة في مناطق المحافظة وبمساحة خمسة دونمات لكل حقل، إضافة إلى ثمانية حقول خاصة بمدارس المزارعين الحقلية تمت زراعتها بعدة أصناف مختلفة.

.. ولإكثار البذار نصيب

من جهته بين المهندس غازي ناصيف مدير عام المؤسسة العامة لإكثار البذار في درعا في اجتماع اللجنة الزراعية في درعا أن خطة الفرع للموسم الحالي تتضمن استلام 17 ألف طن من الأقماح من أصحاب الحقول الإكثارية المتعاقد عليها والبالغة نحو 75 ألف دونم تتوزع في منطقتي الاستقرار الأولى والثانية موضحاً أن الفرع مستمر بتوزيع مختلف أصناف الأسمدة بناء على التنظيم الزراعي الصادر عن مديرية زراعة درعا ووحداتها الإرشادية.

الحماية من الحرائق

وفي مجال حماية المحاصيل الزراعية في المحافظة ولاسيما محصول القمح عن الحرائق فقد عمم فوج إطفاء درعا على الجهات كافة في المحافظة خارطة توضح أماكن توزع ووجود وحدات الإطفاء وأرقام هواتفها من أجل إبلاغها عن أي حرائق قد تحدث في المحاصيل التي اقترب موسم حصادها كالقمح والشعير وغيرها، وأوضحت قيادة الفوج أن وحدات الإطفاء تتوزع في كل من نوى والصنمين والشيخ مسكين وازرع وبصرى وانخل والشجرة وطفس، وهي بجاهزية تامة كما هي الحال في الأوقات الطبيعية التي تكون فيها الاستعدادات على أتمها وعلى مدار 24 ساعة من أجل التجاوب السريع والتدخل في أقصر زمن وتالياً السيطرة على الحرائق في أضيق الحدود.

حلب.. سـهولة في اســتلام المحصول  وصعوبــــة في تســليم الثمــن

بدأت في الأسبوع الماضي عملية تسويق القمح وفتحت مراكز الاستلام البالغة 29 مركزاً لفرع المؤسسة العامة للتجارة وتصنيع الحبوب بحلب أبوابها لاستلام كمية نصف مليون طن من القمح يتوقع أن تنتجها المحافظة، ويشير سير عمليات الاستلام في الأيام الأولى إلى الاستعداد الجيد للمؤسسة لاستقبال الكميات المذكورة دون اختناقات أو مشكلات، لكن قبل أن نستعرض عمليات التسويق ومايكتنفها ومايحيط بها من ظروف لابد من الاطلاع على وضع المحصول بشكل عام من خلال القائمين عليه.

بين نقص المازوت والغمر بالأمطار

بالاطلاع على تقارير مديرية زراعة حلب يتبين أن محصول القمح لهذا الموسم كان جيداً بشكل عام ولم تواجهه إلا بعض الصعوبات التي أمكن التغلب عليها فقد تمت زراعة حوالي 330 ألف هكتار بالقمح منها حوالي 150 ألفاً مروياً وحوالي 180 ألفاً بعلاً وأدت الهطولات المطرية الغزيرة إلى غمر أكثر من 2200 هكتار من المساحات المزروعة في منطقة سمعان وحوالي 30 هكتاراً في عفرين كما أدى نقص مادة المازوت إلى وقوع بعض الأضرار في مساحات القمح المروي، وسجلت مديرية الزراعة وقوع بعض الإصابات بحشرة السونة وتمت مكافحتها في حوالي 11 ألف هكتار وتسهيلاً لعملية إيصال المحصول إلى المراكز من دون عوائق استجابت مديرية الزراعة لطلب منح المزارعين شهادة المنشأ في مركز الاستلام ذاته إذا تعذر الوصول إلى دوائر المصالح الزراعية في بعض مناطق الانتاج حيث تم فرز موظفين من مديرية الزراعة إلى مراكز الاستلام.

تجهيز المراكز وتأمين كل المستلزمات

يقول المهندس عابدين عيسى مدير فرع المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب إن المؤسسة انطلاقاً من مهامها المتمثلة في تسويق محاصيل الحبوب داخلياً وخارجياً وضمن عملها لتأمين حاجة الاستهلاك المحلي والقضاء على دور الوسيط فقد قامت بتجهيز مراكزها في مختلف أرجاء المحافظة لاستقبال كميات القمح المسوقة وأمنت كمية 3 ملايين و560 ألف كيس خيش و676 ألف كيس بولي بروبلين وهي تفيض عن حاجة المحافظة.

كما وزعت العناصر الفنية والمحاسبية على المراكز وشكلت أربع مجموعات رقابية لمتابعة عمل المراكز وتذليل الصعوبات فيها وأمنت أجهزة حاسوب لمراكز الشراء بعد أتمتة قوائم الشراء واعتماد البصمة الالكترونية منعاً للتزوير وتوفيراً للوقت والجهد.

وحول الكميات التي يمكن تخزينها لدى فرع المؤسسة يقول السيد مدير الفرع: تستطيع المؤسسة استيعاب كل الكميات المسوقة مهما بلغت حيث تبلغ الطاقة التخزينية للصوامع والصويمعات 713 ألف طن وهناك فراغات متاحة هذا العام تزيد عن 460 ألف طن إضافة إلى طاقة تخزينية متاحة في المستودعات تصل إلى 214 ألف طن، وتالياً فإن فراغات الدوكمة وحدها قادرة على تخزين الكميات المسوقة وتؤكد المؤسسة على تفضيل استلام كميات الدوكمة لكونها الأفضل والإسراع في التخزين والاستلام، وقد تم الطلب إلى مديرية الزراعة ومصالحها لتوجيه الفلاحين من أجل التوجه نحو التسويق بطريقة الدوكمة.

صعوبات ومعوقات

لدى سؤال مجموعة من المزارعين عن الصعوبات التي تواجههم في التعامل مع مراكز الاستلام أكد معظمهم أن عملية الاستلام تسير بسهولة ويسر وتعاون جيد من قبل العاملين فيها خصوصاً وأن عملية الاستلام في بدايتها، ولم يبدأ الازدحام على التسليم بعد، لكن بعض المزارعين في مناطق الريف الشمالي أشاروا إلى توقف بعض مراكز الاستلام هناك عن  العمل هذا العام بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة هناك ولاسيما في مناطق مارع وتلرفعت وأخترين والراعي لكن التسهيلات المتوفرة لدى المراكز الأخرى مكنت من سير عملية التسويق بسهولة ويسر وتبقى المشكلة في الحصول على قيمة المحصول لأن تحويل المبالغ سيكون من مدينة حلب حصراً.

حول هذا الموضوع يقول السيد أحمد صالح ابراهيم رئيس فرع اتحاد الفلاحين:

من الواضح أن عملية استلام القمح تسير هذا العام بصورة جيدة وسلسلة وهناك تعاون ملحوظ بين مختلف الجهات الرسمية ولاسيما فيما يتعلق بشهادة المنتج حيث يتم منحها ضمن مراكز الاستلام لمن منعتهم الظروف من مراجعة المصالح العقارية في مناطق الإنتاج لكن تبقى المشكلة في حصر استلام المبالغ من المصرف الزراعي بحلب إذ سيضطر المزارعون إلى حمل مبالغ كبيرة والانتقال بها إلى أماكن سكنهم.

ويجيب المهندس عابدين عيسى مدير فرع مؤسسة الحبوب: أنه بالفعل تم تحويل 1.5 مليار ليرة إلى المصارف الزراعية كما يجري تحويل قوائم الشراء المنجزة إلى المصارف لصرف قيم الحبوب المشتراة لكن بالفعل تم اعتماد المصرف الزراعي في حلب للصرف نظراً لصعوبة الصرف من مصارف الريف وسيجري تزويد المصرف تباعاً بالمبالغ المطلوبة لاستكمال عملية شراء الأقماح المنتجة.

الحلقة الأضعف

لابد من القول إنه لايكفي أن نؤمن الانسياب في عملية استلام القمح المنتج ولابد من إيجاد وسيلة تضمن للمزارع عدم المخاطرة بحمل المبالغ التي جناها بعد عمل عام ومحاولة تأمين ذلك عبر فروع المصرف الزراعي إذ لاينبغي أن يكون المزارع هو الحلقة الأضعف.

حمـــاة.. %50 انخفـاض الإنتاجية في الحقول التي لم يصلها السماد والمازوت

أجمع المزارعون في محافظة حماة رأيهم على عدم صوابية نقل صلاحية توزيع الأسمدة من المصارف الزراعية إلى مؤسسة تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي (إكثار البذار) التي لا تمتلك الخبرة الكافية في التعامل مع المزارعين وليس لها دراية بالأوقات المناسبة لنثر الأسمدة واتباع المركزية التي تعطل عمل المزارعين بدل تبسيط الإجراءات ما أدى إلى حدوث أزمة في توفر الأسمدة واحتكارها من قبل تجار الأزمات ورفع أسعارها ودخول المحسوبيات على خط التوزيع غير العادل في المؤسسة حسب زعمهم وهذا أثر سلباً على مردودية وحدة المساحة ونوعية الحبة وجودتها لكن عطاء السماء بالأمطار الغزيرة وتواترها على مدار فترة نمو النبات رغم مرور فترة انحباس ليست بالقصيرة عوضت عن نقص الأسمدة بشكل جزئي وحسن الإنتاج الذي كاد أن يحبط أمل الزراع بالحصاد في نهاية الموسم.

جاء في تقرير هيئة تطوير الغاب التي تحظى بالقسم الأكبر من المساحات الصالحة لزراعة القمح أنها خططت لزراعة مساحة تقارب 52 ألف هكتار قمح مروي نفذ منها أكثر من 50.5 ألف هكتار يضاف لها التخطيط لزراعة حوالي 3500 هكتار قمح بعلي تمت زيادتها بالتنفيذ إلى 3772 هكتاراً حيث وصلت المساحة الكلية المخططة للقمح المروي والبعلي لأكثر من 55 ألف هكتار وتجاوزت نسبة التنفيذ 54 ألف هكتار بقليل بعد أن تم قلب مساحة تزيد عن 1140 هكتاراً أصيبت بتعفن الجذور بسبب الهطل الغزير للأمطار وغرق الأرض المزروعة بها.

بعض المساحات تعرضت للحرق على يد الإرهابيين

وأشار التقرير إلى أن التقديرات المتوقعة للإنتاج الكلي في مجال إشراف هيئة تطوير الغاب تزيد عن 206 آلاف طن لنوعي القمح القاسي والطري.

وقال المهندس غازي العزي مدير الهيئة العامة لتطوير الغاب: إن موسم القمح لهذا العام كان خالياً من أية آفات حشرية أو أمراض باستثناء ما ذكر عن تعفن الجذور وأضاف إلى أن عمليات التسويق ستتم إلى صوامع وصويمعات الحبوب في مناطق المحافظة.

وفي مجال إشراف مدير زراعة حماة قال الدكتور بسام بازر باشي معاون المدير: إن المساحات التي زرعت بالقمح المروي لهذا العام زادت عن 22.6 ألف هكتار والتي زرعت بالقمح البعلي أكثر من 12.6 ألف هكتار ووصلت المساحات القابلة للحصاد إلى نحو 22.35 ألف هكتار للقمح المروي وحوالي 15 ألف هكتار للبعلي وأشار إلى أن معظم الأقماح المزروعة من النوع القاسي وسيتم توريدها إلى مؤسسة الحبوب بعد الحصول على شهادة المنشأ من الوحدات الإرشادية والجمعيات الفلاحية المنتشرة في ريف المحافظة كما سيتم توريد العقود إلى الجهات التي تخصها كمؤسسة إكثار البذار التي تعنى بتأمين البذار للموسم القادم وشركة تجفيف البصل والخضار في سلمية لاستخدام الأقماح المتعاقد عليها مع المزارعين في تصنيع البرغل وأضاف أن المديرية لديها مندوب في كل صومعة وصويمعة لحصر أسماء المزارعين الذين لم يوردوا إنتاجهم لمتابعتهم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وذكر أن بعض المساحات تعرضت للحرق من قبل مخربين ولم يتم حصرها حتى الآن كانت بمساحات قليلة وتم اتخاذ إجراءات الحيطة والحذر قدر الإمكان لتفادي أية حوادث قد تطرأ حيث تم توزيع صهاريج إطفاء وآليات للتعامل السريع مع الحالات الطارئة في جميع الأماكن المزروعة بالمحاصيل القابلة للاشتعال.

الثمن يصرف خلال يومين فقط

مدير  فرع مؤسسة الحبوب المهندس محمد سمير الجمال قال: إن المؤسسة بدأت بتسليم الأكياس لتعبئة المحصول اعتباراً من تاريخ 25/5/2012 وبدأ تجهيز الدور في 2/6/2012 وباشرت اللجان باستلام المحصول في 5/6/2012 بإقبال جيد حيث تم استلام أكثر من 9 آلاف طن خلال يومين والدور يسير بسرعة وانتظام ولدينا الفترة لاستلام كامل الكميات المتوقع توريدها والتي قد تتجاوز كميتها 225 ألف طن وأكد أن المؤسسة لن ترفض أية كمية من القمح المورد إليها مهما كانت نوعيته وأن أثمان المحاصيل سيتم صرفها بعد التسليم بيومين فقط لأن الأموال المرصودة لقيم المحاصيل وصلت وتم توزيعها على المصارف الزراعية لصرفها للمزارعين حسب الفواتير النظامية التي بحوزتهم كل حسب استحقاقه.

عمدت المؤسسة العامة للمباقر في حماة منذ عدة سنوات لاستثمار الأراضي التابعة لها في مجمعاتها ومشاريعها الزراعية بزراعة محصول القمح الاستراتيجي كدور داعم لهذا المنتج المهم وذكر مدير الإنتاج النباتي في المؤسسة عبد الباسط إبراهيم أن المساحات المزروعة بهذا المحصول لهذا العام وصلت إلى حوالي 14 ألف دونم منها 5550 دونماً في مجمع مسكنة بريف حلب والبقية موزعة في الغاب وطرطوس وادلب ويتوقع أن يتم إنتاج أكثر من 4 آلاف طن سيتم تسليمها بالكامل لمؤسسة الحبوب.

من جانبه مدير المؤسسة المهندس سامي بصل قال: إن عدم توفر السماد في مرحلة البذار وقلة المازوت لري المحصول جعل الإنتاجية لوحدة المساحة تنخفض لأكثر من 50% في أغلب المواقع المزروعة بالقمح حيث كانت إنتاجية الدونم للعام الماضي تتراوح بين 400 إلى 500 كغ بينما في العام الحالي قد لا تزيد عن 200 كغ.

المزارع والحق الضائع

المزارعون أحمد العوض وسلمان العلي وحسن اليونس تحدثوا عن ضرورة تفعيل الجمعيات الفلاحية والوحدات الإرشادية والمصارف الزراعية بتأمين الأسمدة والمازوت ولوازم الإنتاج منعاً لتكرار ما حدث في الموسم الحالي حيث ضاع حقنا في الحصول على إنتاج جيد نتيجة لتخبط الجهات المعنية ونقل الصلاحيات لجهات غير مؤهلة ما أدى لتراجع المردود الذي كنا نعول عليه إلى النصف أو أكثر وتساءلوا عمن يعوض عليهم حقهم الضائع.

الإنتاج المتوقع يفوق 3.7 ملايين طن والمخزون الاحتياطي يغطي حاجة القطر عامين كاملين

يتوقع إنتاج ثلاثة ملايين و 750 ألف طن من القمح لهذا العام, فيما بلغ الإنتاج العام الماضي ثلاثة ملايين و 600 ألف طن, هذا ما ذكره المهندس يوسف قاسم مدير الشؤون العامة بالمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب الذي أشار إلى أن إنتاج القمح خلال الفترة من 1995 وحتى 2006 كان ممتازاً ما عدا 2001 حيث كان الإنتاج فيه منخفضاً مشيراً إلى أننا صدرنا القمح خلال تلك الفترة حتى نصف عام 2007 لافتاً إلى أنه قبل عام 1995 كنا نستورد القمح وكذلك عام 2011 استوردنا أيضاً.

وأشار إلى أنه بالنسبة لهذا العام لا يمكننا أن نحدد إن كنا سنستورد أم سنصدر أم سنغطي حاجتنا من القمح إلا في نهاية هذا الموسم في النصف الثاني من آب 2012.

ولفت المهندس قاسم إلى أن انحباس الأمطار أو سقوطها في غير موعدها المطلوب لنضوج إنتاج القمح يؤدي حكماً إلى انخفاض الإنتاج إلى حد كبير الأمر الذي يفرض علينا تعويض حاجتنا من القمح عن طريق الاستيراد, ففي عام 2007 مثلاً كان لدينا انحباس أمطار خلال شهري آذار ونيسان في حين سقطت أمطار غزيرة خلال النصف الثاني من أيار للعام نفسه أي قبل الحصاد الأمر الذي أدى للضرر الكبير على المحصول.

وبين المهندس قاسم أن الأمن الغذائي من ناحية تأمين رغيف الخبز مصون ومؤمن والمؤسسة تقوم بدورها في هذا المجال وفي حال وجود أي نقص تقوم باستيراده من الخارج ولدى وجود فائض لديها يتم تصديره مشيراً إلى أن المخزون الاحتياطي من القمح يغطي حاجة القطر لمدة سنتين كاملتين.

وحول استلام المحصول من الفلاحين وتخزينه أشار المهندس قاسم إلى أن الاستلام يتم بشكل مباشر من المنتج (الفلاح) في 144 مركز للمؤسسة وهي منتشرة في مناطق الإنتاج الرئيسية حيث يتم تحديد درجة القمح إن كانت (أولى- ثانية- ثالثة- رابعة) حسب نظافته وبناءً عليه يتم تحديد قيمة القمح ويتم إرسال الفاتورة بعد ذلك (قائمة الشراء) للمصرف الزراعي لقبض قيمة الاقماح المستلمة من المزارعين مشيراً إلى أن القمح يخزن بالصوامع البيتونية بالدرجة الأولى ثم بالصويمعات المعدنية على شكل دكمة والزائد عن استيعاب الصوامع والصويمعات يتم تخزينه مشولاً إما ضمن مستودعات أو بالعراءات لافتاً إلى أن المؤسسة وصلت لمرحلة الخبرة لتأمين صيانة المخزون بالعراءات بشكل جيد وبالحد الادنى للضرر أو التلف المسموح به ضمن أنظمة الوزارة مشيراً إلى أن تأمين الصوامع الكافية للإنتاج مكلف جداً ولذلك يتم اللجوء للعراء الذي يعد مرحلة مؤقتة ريثما يتم تأمين فراغ بالصوامع البيتونية ليتم ترحيله لها لافتاً إلى أن الطاقة التخزينية للصوامع تصل إلى حد خمسة ملايين طن من القمح. مبيناً أن قمة إنتاجنا من القمح يتم في محافظة الحسكة أولاً التي تؤمن تقريباً أكثر من ثلث حاجتنا من القمح ثم الرقة وحلب وحماة وإدلب و دير الزور ودرعا وحمص وطرطوس واللاذقية ودمشق والسويداء.

يذكر أنه تم تمويل الموسم بتخصيص 60 مليار ليرة سورية وصل منها الدفعة الأولى 10 مليارات التي يتم توزيعها على المصارف الزراعية وحالياً تتم متابعة إجراءات استلام الدفعة الثانية.

وحول استثمار الحبوب التي يتم شراؤها والخطة المستقبلية لذلك بين المهندس قاسم أن استثمار الحبوب التي يتم شراؤها يتم حصراً بإنتاج رغيف الخبز التمويني, أما إذا وجد فائض فيمكن تأمين أصحاب المنشآت الصناعية الخاصة لمتطلباتها حسب المتاح وإلا فالقطاع الخاص يؤمن لهذه المنشآت حاجتها عن طريق الاستيراد لافتاً إلى أن الخطة المستقبلية مرتبطة بالواقع الفعلي للمخازين الذي لا يظهر إلا في نهاية الموسم في نهاية آب القادم وأن الخطة تتضمن إن كنا سنستورد الحبوب أم لا نستورد حسب ما هو متوفر لدينا من مادة القمح.

تشرين - جمال كنعان خليل اقطيني

syriadailynews

التعليقات