أفادت مصادر خاصة بأن طلب الحكومة في كتابها الموجه إلى هيئة التخطيط والتعاون الدولي بتشكيل فريق فني من الجهات المعنية لدراسة الواقع الاجتماعي والاقتصادي قد جاء بناء على دراسة شاملة أعدتها وزارة الاقتصاد والتجارة تضمنت تحليل العوامل المؤثرة في الاقتصاد السوري والوضع المعيشي للمواطن والوقوف على الثغرات وتحديدها ومعرفة الفرص المتاحة ومواطن القوة في الاقتصاد السوري وتعزيزها لاستكمال عملية الإصلاح الاقتصادي وتطوير السياسات الاجتماعية وفق برامج زمنية محددة. «الوطن» حصلت على نسخة من الدراسة المقدمة والتي تبين في محتوياتها أن الحكومة تعتزم النظر بشكل جدي في الوضع المعيشي للمواطن لأن ضعف القدرة الشرائية لذوي الدخل المتوسط من السكان لا ينجم فقط عن ارتفاع الأسعار المحلية نتيجة ارتفاعات الأسعار العالمية للسلع والمواد عبر انتقال التضخم المستورد وإنما يشمل إضافة لذلك تزايد ظاهرة الاحتكار من التجار والمستوردين والمواد الأساسية والحياتية، وهذا يؤدي حتماً -حسب الدراسة- إلى تدني القدرة الشرائية المحدودة أصلاً نتيجة قيامهم بدفع مبالغ أكبر لتلبية متطلبات السلع الأساسية الضرورية والفواكه على حساب المواد والسلع الأخرى البديلة، وهنا لا تكون مرونة السلع والبدائل كبيرة لأن هذه المواد أساسية وضرورية للمواطن للعيش الكريم ولهذا فإن ضعف القدرة الشرائية ليس نتيجة ارتفاع الأسعار فقط لأن ارتفاع الأسعار عالمي ليس فقط في سورية وإنما أيضاً وجود ظاهرة الاحتكار وتناميها والتهامها لمبالغ أكبر تدفع لتلبية الحاجات ما يؤدي إلى تدني القيمة الاسمية للرواتب والأجور بشكل عام وانعكاس هذا التدني بشكل أكبر على ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى من السكان ما يسبب انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. وأكدت المصادر أن الوضع المعيشي للمواطن يعدّ العنصر الأساس الذي يتم العمل عليه، ولاسيما أن هناك العديد من العقبات التي يتجلى أبرزها في الروتين المتبع ودفع الرشاوى وارتفاع أسعار البناء. وإلى ضرورة إيلاء الجمعيات الأهلية والخيرية العناية اللازمة والمراقبة للمساهمة في تقديم الحاجات الأساسية للعديد من الأسر، حيث اقترحت ضرورة أن تقوم مديرية التعاون الاستهلاكي بالإشراف على عمل الجمعيات التعاونية والتوسع بالقطاع التعاوني، والابتعاد عن المركزية وإعطاء بعض الصلاحيات لتسهيل العمل مع توجيه الجمعيات المستمر لضرورة مواكبة التطورات الاقتصادية المحلية والعربية والدولية باتباع أساليب العمل التجاري ومنهجية السوق مع عرض السلع بمظهر يضاهي مثيلاتها من القطاع الخاص. وأوضحت الدراسة أن الحكومة تعتزم أيضاً تشكيل لجان نزيهة ومشهود بكفاءتها لكشف الفساد وتقديم الحلول المناسبة من مجلس استشاري اقتصادي للحكومة وضرورة إحداث جهاز خاص لمكافحة الفساد واستقلالية القضاء.. كانت قد ناقشت مؤخراً ضمن اجتماعات اللجنة الاقتصادية مذكرة تتضمن ضرورة القضاء على الفساد ومحاربته بشكليه الإداري والمالي في القطاع الحكومي وقطاع رجال الأعمال والتجار. وأضافت المصادر: إن التزايد السكاني والبطالة ليسا السبب الأساس وراء عجز الحكومة عن تأمين فرص العمل دائماً، وإنما عدم التوسع في إقامة استثمارات ومشروعات استثمارية لامتصاص أكبر عدد ممكن من العاطلين عن العمل وضعف الاهتمام بتحفيز ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى أن الروتين ليس من يضطر المواطن لدفع الرشاوى، وإنما تفشي الفساد بكل أنواعه والمحسوبية في أجهزة الدولة ومؤسساتها وانخفاض دخل الموظف وضعف الوازع في شرائح المجتمع وبين موظفي القطاعين العام والخاص. وأوضحت المصادر أهمية تقديم مقترحها في مجال الرقابة الداخلية من حيث ضرورة إجراء تقويم ورقابة دورية لعمل المديريات من لجان متخصصة لمكافحة كل أشكال الفساد، وتالياً التوصل إلى أوجه القصور والخلل والانحراف في مختلف أوجه العمل، وكشف أي إساءة أو فساد قبل استفحاله لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة ما يتم الوقوف عليه من إساءات أو غير ذلك بما يحقق حماية المال العام وحسن تطبيق القوانين والأنظمة، وأن يتم تقويم دوري للعاملين بجهاز مكافحة الفساد والتأكيد من مستوى فاعليتهم وأدائهم للمهام الموكلة إليهم. أما بخصوص تحسين الواقع الاقتصادي للمواطن فقد أوضح المصدر ضرورة تبني العديد من السياسات المالية لتكون أكثر وضوحاً وشفافية وتركز على الاستثمار المحلي مع دعم أسعار الطاقة والتركيز على استخدام الطاقات البديلة لتخفيض الإنفاق المالي والاستهلاك الحكومي والعمل بشكل دوري على رفع القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود لتتلاءم وتترافق مع ظاهرة ارتفاع الأسعار المحلية والعالمية، والعمل على تصنيع مستلزمات الإنتاج والابتعاد عن استيرادها، الأمر الذي يمهد لتطوير الصناعة الوطنية وتحقيق قيمة مضافة بتشغيل أكبر عدد ممكن من العمالة والتخفيف من البطالة والتوجه إلى تصدير السلع المصنعة والسعي لبناء إستراتيجية تعتمد على اختيار الشخص المناسب وعدم الفصل بين القطاعين العام والخاص وتفعيل العمل المشترك وزيادة الكفاءة لكليهما بهدف تلبية احتياجات سورية. ومن جهة أخرى أشار المصدر إلى معالجة أوضاع المؤسسات والشركات التي تتبع للقطاع العام ولاسيما المتعثرة، وإعادة هيكلة الوحدات الاقتصادية بأولويات مدروسة لتحقيق الكفاءة الاقتصادية والسعي إلى تفعيل عملية دمج وإعادة تأهيل المؤسسات ذات النشاط الاقتصادي، الأمر الذي يشجع على العمل ويرفع الكفاءة، وتوفير بعض النفقات الإدارية ما ينعكس إيجاباً على تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة. مع تأكيد ضرورة إلزام كل الفعاليات الاقتصادية والتجارية والخدمية بالإعلان عن الأسعار وتداول الفواتير وبطاقة البيان واتخاذ أشد العقوبات الرادعة بحق المخالفين. ولم تغفل الدراسة عن تقديم بعض المقترحات لتحقيق جودة المنتجات وعدم وجود مواد مهربة، مع ضرورة تأمين مخابر معتمدة عالمياً لتحليل كل المنتجات لضمان سلامة المنتجات ولاسيما الغذائية. أما فيما يخص القطاع الخاص، ذكرت المصادر أن لهذا القطاع أيضاً سلبياته التي تحكم بعض التجار بحركة السوق والأسعار واستيراد مواد ذات مواصفات فنية سيئة ومخالفة للشروط ومغالاة بعض كبار التجار والمستوردين أو الحاصلين على امتياز تصنيع للماركات العالمية في تحديد أسعار منتجاتهم الضرورية واحتكارها، كالرز والسكر، مع حرصهم الشديد على عدم البيع بخسارة، ورفع هوامش أرباحهم، كما أن التحكم بالأسعار والاحتكار ووضع مقومات لمنافسة عادلة واقتصادية في السوق لا يقتصر فقط على الشركات والتجار والمنتجين، بل يشمل التواطؤ الذي تشهدها أجهزة الجمارك والعبور والمنافذ الحدودية مع مزودي الخدمات والتجار والمستوردين للمواد والسلع وهذا ما يجعل الاحتكار والتواطؤ وحتى اقتسام الأسواق ظاهرة واضحة، وتتكون هناك حلقة مفرغة من التجار المحتكرين وعناصر الجمارك والمنافذ الحدودية تسعى للربح غير المشروع وطلب الرشاوى والفساد... الخ كلها تكاليف يدفعها المستهلك في آخر الحلقة المفرغة. وهذا يتطلب حسب المصادر ضبط الاحتكار من هيئة المنافسة ومنع الاحتكار بالتعاون مع الوزارة والجهات المعنية وجمعية حماية المستهلك للحد من الممارسات التجارية المخلة بالمنافسة لضبط هذه الحلقة المفرغة التي تمارس ضد المستهلك النهائي والذي يدفع هذه الضريبة الضمنية من دخله المعيشي. كما أن من مساوئ القطاع العام أيضاً عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وإقصاء العناصر الكفؤة والنزيهة عن المناصب العليا وسوء توزيع العاملين على قطاعات الدولة كلها.
المصدر :  aliqtisadi
syriadailynews

التعليقات