رغم الجهود الأممية الحثيثة لاستئناف الجولة الجديدة من عمل اللجنة الدستورية السورية المصغرة، يبدو أن التوصل إلى اتفاق حول جدول الأعمال مازال غائبًا بين وفدي الحكومة والمعارضة.

قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، باتصال فيديو، متحدثا إلى مجلس الأمن الدولي إنه لا يرى معنى لعقد اجتماع اللجنة الدستورية السورية المصغرة، في ظل غياب الاتفاق على جدول أعمال المفاوضات.

وأضاف بيدرسون: “آمل أن يتم التوصل لاتفاق، في أقرب وقت ممكن، على جدول أعمال يتماشى مع الاختصاصات والأسس الإجرائية للجنة الدستورية، في الوقت الذي لا وجود فيه لجدول أعمال متفق عليه، لا أرى سببا يستدعي اللجنة المصغرة لعقد اجتماع”.

وفي ظل صعوبة التوصل إلى اتفاق يفضي إلى العودة لمسار جنيف، بات التساؤل الذي يحتاج إلى إجابة ملحة هو “هل فشل الحل السياسي من باب اللجنة الدستورية في سوريا؟”.

جهود حثيثة للعرقلة
الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي العضو السابق في الوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف، قال إن “الجهود الحثيثة للعرقلة التي تمسك بها وفد المعارضة التابع للنظام التركي قد أدت إلى وضع هو أقل من انسداد أفق وأكثر من استعصاء مرحلي”.
وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، نه “بعد إصرار الوفد المدعوم من النظام التركي على رفض البحث في الركائز الأساسية التي اقترحها الوفد الوطني السوري، والتي ليست أقل من مسلّمات وطنية لا يمكن البحث في أي مسار دستوري دون التوافق عليها”.

وتابع: “وبعد رفض الوفد أيضًا اللقاء والجلوس مع الوفد الوطني السوري وجهًا لوجه لتحديد جدول الأعمال، بات من الواضح أن الوفد المعارض ضمن تركيبته وقناعاته الحالية لن يقدّم ولا حتى متطلبات الحد الأدنى لدفع العملية إلى الأمام، وأنه محكوم بالأجندة التركية التي تحدد له ما يقول وما لا يقول، وما يجوز وما لا يجوز في شأن سيادي لا علاقة لها به ألا وهو الشأن الدستوري السوري”.

سياسات تداخلية
وأشار إلى أن “هذا الخلل في توجهات الوفد المعارض يندرج ضمن إطار سلسلة من السياسات التدخلية العدوانية وغير البناءة التي يتبعها النظام التركي، والتي نجد تصاعد معالمها اليوم في ليبيا على التوازي مع استمرار تدخل النظام التركي عبر الغزو العسكري المباشر، واستمرار دعم الإرهابيين، وتعطيل عمل اللجنة الدستورية فيما يتعلق بالشأن السوري”.
ومضى قائلًا: “أغلب الظن أن بيدرسون الذي قرأ بشكل واضح وجود مساحة صريحة للاختلاف في الطرح والمنهجية بين الوفدين، يدرك ضمنًا أبعاد الدور التعطيلي التركي وإن لم يشِر إليه، ولذلك فربما يراهن بيدرسون على إعادة خلط الأوراق بعد التغييرات المتوقعة على بنية ما يسمى “بالهيئة العليا للمفاوضات” التي انبثق عنها الوفد المعارض الى اللجنة الدستورية”.

واستطرد: “فما يطلق عليه اليوم اجتماع الرياض ٣ يُنتظر منه أن يحدث تغيرات واضحة المعالم على تركيبة الهيئة العليا للمفاوضات باتجاه إضعاف الجناح التركي لمصلحة الجناح السعودي، ومن هنا ربما يدرك بيدرسون بأنه لا يوجد الكثير ليبنى على الرمال المتحركة الحالية وعلى الواقع المتغير، لذلك قد يفضل الانتظار حتى انجلاء الأجواء السياسية الجديدة القادمة من الرياض وتقدير إمكانية انعكاسها المحتمل على تركيبة وعمل وفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية ليبنى على الأمر مقتضاه”.

جولة جديدة ولكن
من جانبه قال محمد خير عكام، عضو مجلس الشعب السوري، عضو الوفد الوطني السوري في اللجنة المصغرة المنبثقة عن اللجنة الدستورية، إن “هناك اتفاقًا مبدئيًا على عقد الجولة الجديدة في بداية العام القادم”.

وأضاف في حوار سابق مع “سبوتنيك”، أن “الاجتماع سيكون بعد 10 كانون الثاني بعد انتهاء أعياد الميلاد والاحتفالات السنوية، وهذا ما تم الاتفاق عليه مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون”.

وبشأن فرص النجاح للجنة الدستورية، قال: “من الصعب التكهن، الأمر هنا متوقف على سلوك الطرف الآخر، نتمنى أن يتحلى بالجدية، وبالوطنية التي تجعلنا نعمل بشكل جدي في هذا الإطار، بما يخدم وطننا سوريا، وشعبنا”.

اجتماعات اللجنة
وعقدت الجولة التالية من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لكن اجتماعات المجموعة المصغرة لم تجر بسبب الخلافات بين الوفود.

وانطلقت أعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف، في الـ 30 من أكتوبر/ تشرين الأول، تحت رعاية الأمم المتحدة، تمهيدا لعملية سياسية طال انتظارها.

وكان من المفروض أن تعقد الجولة الجديدة لأعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف في 16 من شهر كانون الأول/ديسمبر، ولكنها تأجلت.

وتتكون اللجنة الدستورية من 150 عضوا، مقسمة على نحو 50 عضوا لكل فئة من الفئات المشاركة (الحكومة السورية، المعارضة والمجتمع المدني).

ويتمثل الهدف الرئيسي للجنة، بإعداد إصلاح دستوري في سوريا، من أجل إجراء انتخابات في البلاد على أساسه، والشروع في عملية التسوية السياسية في الجمهورية العربية السورية.

وتعتمد هذه اللجنة المسودات الدستورية، التي ستعدها لجنة مصغرة مؤلفة من 45 عضوا (15 عضوا من كل مجموعة) بالتصويت عليها وإقرارها بأغلبية الأصوات.

التعليقات