تتعالى اليوم الأصوات الباحثة عن الجودة في الأسواق المتنوعة، والتي بات واقعها مقلقاً ومزعجاً للمستهلكين (الزبائن) الذين يتعرّضون للغبن في السعر، وفي جودة البضائع، حيث يلاحظ في مجال الملبوسات الوطنية انتشار قطع قليلة الجودة، وفي

الوقت نفسه تحمل اسم ماركات عالمية، بأسعار تبدأ من 1500 ل.س وصولاً إلى 10 آلاف، ودون معرفة أسماء منتجيها المحليين، وبشكل يضلل المستهلك الذي يصعب عليه التمييز بينها، وبعد الشراء يفاجأ المستهلك بالتغير السريع في لون قطع

الملابس، ومقاسها، واهترائها، وسيكون من الصعب مراجعة البائع الذي يتذرع بأن القطع مغسولة بحرارة فوق 40 درجة مئوية، أو تعرّضت للشمس، أو ملوحة تعرق الجسم، وغيرها من حجج الغش، والجشع الواهية، والغريبة، وفوق ذلك تباع الملابس

بأسعار خيالية.
والحال ذاتها بالنسبة للأدوات المنزلية والكهربائية، فهي في الغالب وليس جميعها ذات جودة قليلة تشابه الماركات غير المعروفة الصينية (الستوك)، بسبب احتوائها قطعاً بنخب رديء جداً، وفي الوقت نفسه تباع بسعر مرتفع، أحد المواطنين اشترى

مروحة دلفين 20 بوصة مثلاً بسعر 20 ألف ل.س، وبعد أقل من شهر قام بإعادتها للشركة بسبب تناقص سرعتها تدريجياً، وتوقفها عن العمل، بل عادت للعطل نفسه مجدداً بعد الصيانة، وبشكل يدل على رداءة المحرك، وكان بإمكانه شراء مروحة

صينية 40 بوصة بسعر 18ألف ل.س ولن تكون أسوأ، ووفقاً لعدد من أصحاب محلات الأدوات المنزلية فإن شاشات سيرونكس الوطنية غير منافسة بسبب بيعها بسعر أعلى من الشاشات الصينية، ويقارب سعر شاشة تريفيو الوطنية التي تعتبر ذات

مواصفات أعلى(حسب تعبيرهم)، كما أن القياس الأكثر شعبية وتناسباً للمنازل هو 32 بوصة شاشات سيرونكس، وهو مفقود من السوق!!.
 
إغلاق وإلغاء سجل
المهندس ماهر ثلجه، مدير صناعة دمشق، أكد أن المنتجات الصناعية السورية تخضع لفحص عينة منها في مركز اختبار الأبحاث الصناعية عند منح ترخيص المنشأة، أما بالنسبة لجودة القطع والمواد الداخلة في الصناعة فهي من اختصاص

الجمارك، وبرر أنه بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار، وظروف الحصار الاقتصادي فقد تدنت جودة هذه القطع التي كانت أوروبية في غالبيتها، وتحولت الآن إلى صينية، أما الرقابة على جودة هذه المنتجات في الأسواق، وسعرها، وتضمنها بطاقات

تبيّن جودتها، ونوعيتها بعد ذلك فهي من اختصاص وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وللمواطن الدور الأكبر في تحريك أية شكوى حول مخالفات الجودة، أو السعر، أو مواصفات المنتج، سواء لدى وزارة التجارة الداخلية، أو وزارة الصناعة،

والتعهد بإغلاق أية منشأة ضمن قطاعه يثبت بيعها منتجات تخالف المواصفات القياسية السورية، وإلغاء السجل الصناعي في حال التكرار، ولكن معظم المنشآت الصناعية حالياً تتركز في ريف دمشق، ومعظم الشكاوى التي يتم تلقيها تتم إحالتها إلى

مديرية صناعة ريف دمشق، وتابع المهندس ثلجه: رغم أن صناعاتنا تهدف لإنتاج ما يناسب دخل الفرد، إلا أن السائد هو السعر المرتفع، وغير المنافس حتى للمنتجات الصينية، والحل يكمن في فحص شهادة التحليل، أو شهادة المنشأ المرفقة مع المواد

الأولية المستوردة لهذه الصناعات عند دخولها القطر، وتشديد الرقابة من قبل الجهات المسؤولة عن المستوردات أسوة ببقية الدول، وذكر لنا مثالاً على ذلك بأنه عندما حاول أحد الصناعيين السوريين إدخال صفقة ملابس إلى إحدى الدول تقرر إعادتها

لأن أزرار الملابس من النوع الصيني فقط، وهذا يدل على مدى الدقة التي يجب اتباعها عند الاستيراد، بل حتى عند التصدير، وقد طالب مراراً بذلك للحفاظ على سمعة المنتج الوطني داخل القطر، وخارجه، وأوضح ثلجه بأن الصناعيين يمرون حالياً

بظروف سيئة جداً بسبب معاناتهم، ودمار منشآتهم خلال الأزمة، وغلاء حوامل الطاقة، وهم بحاجة لبعض الوقت لاسترجاع قواهم، والعودة إلى السوق بقوة ومنافسة حقيقية، وأكد أن الحل الأمثل لإنقاذ صناعاتنا يكمن في إيجاد الصناعات العنقودية

المتخصصة، والمكملة لبعضها بدلاً من الشركات الكثيرة التي تكتفي بالصناعات التجميعية البسيطة، بحيث نصنع جميع المواد الأولية، والاكسسوارات، وحتى المحركات ضمن مصانع متخصصة بنوع معين من القطع، ونكتفي باستيراد المواد معقدة

الصنع فقط، وبشكل ينعكس إيجاباً على الكلفة، ويؤدي للنهوض بالصناعة وتطويرها، أما فيما يتعلق بالملابس فقد أكد المهندس ثلجه بأن معظم الألبسة الرديئة مستوردة، وتدخل للقطر بصورة غير مشروعة، بينما تحافظ الألبسة السورية على جودتها،

باستثناء بعض الألبسة الرخيصة التي تنتج في ورشات صغيرة يصعب الرقابة عليها، وشدد على ضرورة الرقابة من قبل التجارة الداخلية وحماية المستهلك على سعر ومواصفات الملابس، وتضمنها بيانات تبيّن النخب والسعر بشكل دقيق، والرقابة

على الظواهر السلبية مثل بيع الملابس بأرباح قد تصل إلى 200% في بداية الموسم، ومن ثم العودة لنسبة الربح الحقيقية في نهاية الموسم، وبشكل غير مبرر، ويجعل الموضة حكراً لشريحة صغيرة من المواطنين.
 
الصبر مطلوب
لقد حققت صناعة الأدوات المنزلية والكهربائية الوطنية في السابق تطوراً لافتاً ما قبل الأزمة، ومرد ذلك وجود معامل الاكسسوارات، والملحقات بسيطة الصنع، أو المعقدة كالمحركات، وبرزت شركات كبرى في هذا المجال في ريف دمشق بحسب ما

أكده لنا المهندس محمد عوض فياض مدير صناعة ريف دمشق، إلا أنه وخلال الأزمة تم استهداف هذه المنشآت المميزة من قبل الإرهاب برعاية من دول الجوار المتضررة من النشاط الاقتصادي السوري، وحالياً لا توجد سوى 19 منشأة عاملة من

تلك المنشآت في ريف دمشق، ومعظمها أصبحت معامل تجميع ولا تنتج حتى الاكسسوارات، وإيماناً من وزارة الصناعة بأهمية هذه المنشآت فهي حالياً تمد يد العون لها من خلال تبني سياسة إحلال المستوردات، ومنع استيراد معظم التجهيزات

المنزلية والكهربائية التي تنتج داخل القطر، وأيضاً من خلال تبني ودعم المنشآت المتوسطة والصغيرة التي تقوم بإنتاج القطع الأساسية، والاكسسوارات اللازمة للصناعات المنزلية بهدف تخفيف التكلفة، ونوّه المهندس فياض إلى أن جميع منتجات

الأدوات المنزلية والكهربائية تخضع للمواصفات القياسية السورية، وفيما يتعلق بصناعة الألبسة الوطنية فقد علّق المهندس فياض بأن هذه الصناعة تعاني حالياً من نقص اليد العاملة الخبيرة، الأمر الذي سبب توقف العديد من المنشآت عن العمل، حيث

بقيت منها فقط 120 منشأة عاملة حالياً، وهذا ما تسبب إلى حد كبير بغياب روح المنافسة بين هذه المنشآت، إضافة لوجود العديد من منشآت الظل التي تعمل في مدينة دمشق دون رقابة، أو تراخيص، أو دفع ضرائب، وتبيع بالأسعار نفسها، ما يضر

بالمنشآت المرخصة، كما أن معظم المنشآت تعتمد على القماش المستورد بسبب قلة جودة القماش المحلي نظراً لتأذي المنشآت التي تقوم بعملية تحضير القماش وصبغه، وخروج معظمها عن العمل، وأشار فياض إلى أن الوزارة تسعى حالياً لدعم هذه

الصناعة من خلال افتتاح ورشات داعمة للقطاع العام تهدف لتأمين فرص العمل لذوي الشهداء، وتأمين ألبسة ذات جودة، وأسعار منافسة، وأعرب عن أمله بتحقيق الصناعة الوطنية تقدماً لافتاً في القريب العاجل رغم الظروف المرحلية التي نعاني

منها.
 
شاشات نخب أول
إن شاشات سيرونكس من أرخص الشاشات إذا ما قورنت بأسعار الوكالات الموجودة في سورية، إما إذا أردنا مقارنتها مع الشاشات الأخرى كالموجودة على سبيل المثال في (السويقة) بدمشق فهي غالية الثمن بحسب ما أكده لنا مدير الشركة العامة

للصناعات الالكترونية «سيرونكس» لؤي ميداني، لأن شاشات هذه الأسواق في معظمها ذات ماركات رديئة جداً، ومهربة، وليست مكفولة، فالكفالة وخدمات ما بعد البيع المعروفة عن شركة سيرونكس تكلف الشركة حوالي 15% من قيمة كل منتج،

وبالنسبة لشاشات تريفو الوطنية فهي تباع بسعر أعلى من سعر شاشات سيرونكس، فعلى سبيل المثال، إن سعر شاشة سيرونكس 24 تباع بسعر 55 ألف ل.س، بينما يباع القياس ذاته نوع تريفيو بسعر 65 ألف ل.س، (مع ذلك تحوي شاشة تريفيو

مواصفات أعلى بقليل)، أما شاشات سيرونكس فهي تضاهي جودة الشاشات الموجودة في الوكالات، وتتضمن قطعاً نوع “ال- جي” نخب أول صيني، وتقوم اللجنة الفنية المتخصصة في مصنع سيرونكس بفحص الشاشات المجمعة بدقة قبل بيعها في

الأسواق، كما تقوم اللجنة المالية بتحديد وتعديل الأسعار وفقاً لما يناسب الأسواق والتكلفة، وأسعار الصرف، كما أكد المهندس ميداني أن قياس 32 فعلاً غير موجود حالياً بسبب نفاد كمية القطع التي تم التعاقد عليها، والتي كانت متوفرة بكمية قليلة لدى

شركة “ال- جي”، إلا أنه سيتم التعاقد على دفعة جديدة من القطع لكافة قياسات الشاشات في غضون شهرين.
 
أحقية الكفالة والجودة
إن جميع المواد يجب أن تتمتع بالجودة وفقاً للأستاذ علي الخطيب، مدير حماية المستهلك، وفي حال الإخلال بذلك من قبل التاجر يحق للمستهلك الاتصال الفوري مع جهاز حماية المستهلك، وتقديم شكوى حول الخلل الحاصل في المنتج، وكانت وزارة

التجارة الداخلية وحماية المستهلك قررت أحقية المستهلك في إعادة القطعة المشتراة إذا كانت مخالفة للشروط المتفق عليها، أو المواصفات القياسية، أو تتضمن عيوباً صناعية، ويتم سحب عينات من أية مواد مشتبه بها، وفحصها، وتحليلها في المخابر

المختصة للتحقق من جودتها، ومطابقتها للمواصفات القياسية، إضافة لتدقيق بطاقة البيان للحد من مظاهر الغش تحت طائلة حجز البضاعة المخالفة، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها أصولاً، وأكد الخطيب أن دوريات حماية المستهلك تتولى كتابة

الضبوط بحق كل مخالفة تتعلق بجودة الألبسة الوطنية، أو سعرها، ويتم تحديد أسعار الألبسة من قبل عدد من الجهات كاتحاد الحرفيين، وغيره وفقاً للنخب، والمواد الداخلة في التصنيع، ونوّه الخطيب إلى أن جهاز حماية المستهلك تلقى توجيهات

لتشديد الرقابة على الأسواق، والتحقق من الإعلان عن الأسعار، والتقيد بها، والتداول بين التجار والباعة بموجب فواتير، ومنذ بداية عام 2019 وحتى الشهر العاشر تم تنظيم 27989 ضبطاً عدلياً، و8682 ضبط عينات، فيما بلغ عدد حالات الإغلاق

2610، والتوقيف والإحالة إلى الجهات المختصة 760 حالة.

البعث
بشار محي الدين المحمد

 

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات