أزمة عدم الثقة هي التي طغت على العاملين في قطاع المصرفي في سوريا جراء وضع شروط متشددة لا تتناسب مع الظرف الراهن، بحجة منع تكرار تجربة القروض المتعثرة ...

من المفترض أن يحمل إعلان الحكومة، إطلاق القروض في المصارف لتسهيل عمليات الاستثمار بعد توقف سنوات بسبب الحرب، إشارات لبدء استعادة عافية الاقتصاد المنهك بحسب تصريح وزيرالمالية د. مأمون حمدان خلال مؤتمر التمويل المصرفي والذي عقد في فندق الداماروز .. ولكن كلام معظم مدراء المصارف يعكس الحالة السلبية لهذا التعافي نتيجة الإقبال الضعيف والخجول على تلك القروض.

تبلغ كتلة الأموال المخصصة للإقراض قرابة 2000 مليار ليرة سوريا، وفق تصريحات الوزير، فيما لم تُمنح منها قروض تزيد عن عدد أصابع اليد الواحد، بسبب الضمانات الكثيرة المطلوبة من صاحب القرض منها ضمان الآليات والعقار و منع السفر، والتي شكّلت مصدر خوف وقلقاً للكثير.

وفي الوقت الذي يبدء «المصرف الصناعي» التزامه في تقديم تسهيلات للتشجيع على الاقتراض، يؤكد "عمر سيدي" مدير عام المصرف في تصريح خاص لـ " سيريا ديلي نيوز " أن عدد الملاحقين قضائياً من قبل المصرف الصناعي بقضايا مدينين متعثرين حوالي 15 آلاف شخص، بمجموع ديون متعثرة تقدر بـ 30 مليار ليرة سورية، مبيناً أن نسبة القروض المتعثرة وصلت إلى 87 % من محفظة القروض ونكون بذلك قد تجاوزنا الدول التي تعرضت لأزمات، لافتاً إلى عدم قدرة المصرف من تحصيل هذه الديون لأن الأمر يحتاج إلى تعديل قانون التسويات وهذا يعود لوزارة المالية والبنك المركزي.

وعن جدية دعم الصناعيين قال سيدي: «الفوائد المخفضة وتصل إلى حدود 10%»، مشيراً إلى أن السيولة المخصصة للإقراض بلغت 20 مليار ليرة، لا تمنح من دون الالتزام بشروط تضمن حق المصرف، ولا يمكن للمصرف تجاوز ضوابط المصرف المركزي، فالتسهيل الممنوح لا يجب أن يتجاوز نسبة 25% من رأسمال المصرف (لمقترض واحد)، فيما تقول المصارف العامة إنها ارتضت أرباحاً قليلة كون فوائدها أقل من المصارف الخاصة، التي تصل إلى نحو 17%.

تحاول المصارف تحرير القروض لكن حزمة إجراءات المصرف المركزي تحول دون توظيف تلك الأموال بالشكل الأمثل، حيث يشير الباحث الاقتصادي الدكتور عابد فضيلة في تصريح لـ "سيريا ديلي نيوز" أنه من الضروري إطلاق القروض في هذه المرحلة، خاصة أن المصارف باتت «تمتلك كتلة نقدية كبيرة، تشكّل عبئاً عليها»، مبيناً أن أغلب المصارف لجأت إلى طرق الإقراض ذاتها التي كانت متبعة قبل الحرب دون أي تطوير في آلية المنح أو إجراء دراسة تسويقية، لافتاً أنه يجب ابتكار طرق وآليات جديدة للإقراض مع وضع شروط وفق المعطيات على أرض الواقع، وأهمها دراسة معدلات الفائدة واستهداف القطاع المنتج المطلوب وتعديل الشروط بغية جعل الإقراض سياسة موجهة بيد الحكومة.

علماً أن معظم الديون المتعثرة تعود إلى ما قبل العام 2011، إذ أن المصرف المركزي السوري كان قد دعا المصارف الحكومية والخاصة، منذ العام 2012، للتوقف عن برامج الإقراض، وفي سوريا 6 مصارف حكومية هي التجاري والعقاري والصناعي والزراعي والتسليف الشعبي والتوفير، وجميعها خاضعة للعقوبات الغربية.

سيريا ديلي نيوز- نور ملحم


التعليقات