دمشق _ نور ملحم

حين قررت سوريا في عام 1980 تأييد الثورة الخمينية في إيران ودعمها والوقوف إلى جانبها في وجه دول الخليج، كانت النتيجة صعبة وسيئة على الاقتصاد السوري حيث كلف القرار سوريا في ذلك الوقت خسارة أكثر من مليار ونصف المليار دولار سنوياً كانت تُرسل كمساعدات خليجية، لعبت هذه الأموال فيها دوراً كبيراً على مدى أكثر من عشر سنوات، بحماية الاقتصاد السوري من الانهيار في أعقاب حربين مدمرتين،عامي 1967 و 1973. في عام 1982، كان الشعب السوري يعيش ظروف مشابهة للظروف التي نعيشها اليوم والتي لا نحسد عليها أبداً، فتوقفت حركة العمل وزادت البطالة والفقر ونقص المواد الغذائية والمشتقات النفطية وبالمقابل قامت إيران بتعويض سوريا عن المساعدات الخليجية، بمنحها 100 ألف برميل نفط يومياً. فالعقوبات الاقتصادية التي نُفذت على سوريا في ذالك الزمن زاد من صعوبة الأوضاع المعيشية، ليكتمل المشهد في إغلاق الدول الغنية لأبوابها بوجه المواطن السوري، الذي أصبح بنظر دول الخليج إرهابياً يسعى لزعزعة الأمن والاستقرار فيها. اليوم هذا الزمن يكرر نفسه فالعقوبات الاقتصادية على سوريا هي نوع من الضغط على المواطن قبل السلطة وتشمل هذه العقوبات الدول الحليفة لسوريا خلال سنوات الحرب. لعبت إيران دورا بارزا في مساندة سوريا، إثر الأحداث التي بدأت في آذار 2011، وحرصت على تعزيز نفوذها الاقتصادي في الوطن العربي من خلال اتفاقيات وقروض بمليارات الدولارات، ولكن كان للعقوبات الأميركية الصارمة واقع اقتصادي كبير في سوريا، بالنظر إلى التحالف الوثيق بين طهران ودمشق. فاليوم لم يعد أحد يرتسم على وجه الاستغراب والتعجب عند مشاهدة طوابير من عدة كيلومترات مصطفين على دور الكازية ليحصلوا على كميات محدودة من الوقود بعدما انتهى تسليم النفط الإيراني إلى البلد الذي يعاني تبعات سنوات من الحرب الضارية. وتستهلك سوريا ما يقارب 100 ألف برميل من النفط في اليوم الواحد، لكنها لا تنتج سوى 24 ألف برميل، وهذا يعني أن البلاد لا تستطيع أن تؤمن سوى الربع من الاحتياجات. وكانت سوريا تعتمد على إيران التي دأبت على تصدير كمية من النفط تتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين برميل بشكل شهري، لكن سوريا لم تصلها أي شحنة من النفط الإيراني منذ ستة أشهر بسبب عقوبات واشنطن، وفق التصريحات الحكومية. وفي العام الماضي، فرضت الخزينة الأميركية عقوبات على شبكة عالمية تلجأ إليها إيران، حتى يقوم بتصدير ملايين البراميل من النفط إلى سوريا، في إطار تعاون مع روسيا. وتقول الولايات المتحدة إن الهدف من العقوبات هو الحد من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط فضلا عن إجبارهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات ومناقشة الاتفاق النووي المبرم سنة 2015 بعدما انسحبت منه واشنطن في مايو 2018. وفي ظل هذا النقص الحاد للوقود، أصدرت الحكومة السورية قرارا يمنع أن تتزود بأكثر من عشرين لترا كل خمسة أيام. وامتدت طوابير الانتظار لعدة أميال فيما اضطر بعض السائقين إلى دفع سياراتهم بالأيادي من جراء نفاد المخزون الذي كان بها، وانتشر عناصر من قوات الشرطة ليحولوا دون وقوع فوضى. وأوضح مصدر مسؤول من وزارة النفط والثروة المعدنية أن الدولة ما زال لديها مخزون من النفط لكنه محدود، مضيفاً، أن السلطات بصدد توقيع اتفاقيات لأجل توفير واردات نفطية. وتتقاسم سوريا حدودا برية مع العراق، وهو ثاني مصدر نفط في منظمة "أوبك"، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت بغداد ستتحدى العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات