بدأ بـ200 ألف وانتهى بـ100 ألف مقابل كتابة تقرير يشرح فيه نسبة العجز لدى مريضة مبتورة الساق!

قد يكون الابتزاز مقبولاً من شخص ليس لديه ضمير، لكن أن تتعرض للابتزاز من قبل أطباء شرعيين وللنظر بحالة إنسانية هذا ما هو مستهجن!

تقول القضية: منذ شهرين تقريباً ذهبت المريضة (ا.م)، وهي مصابة حرب أودت قذيفة بساقها أثناء توجهها لعملها في شركة خاصة، وزوجها(م.ح) إلى مركز الطب الشرعي للحصول على ورقة من أحد الأطباء يشرح فيها نسبة العجز الذي تسببت به القذيفة التي جعلتها أسيرة قدم صناعية باتت تسبب لها الكثير من المضاعفات.

يقول زوجها -الذي كان معها منذ بداية الشكوى- قمنا بالذهاب وزوجتي إلى مركز الطب الشرعي في سبيل كتابة تقرير بنسبة العجز لديها وذلك بعد تأكيد الشركة التي كانت تعمل بها بمقاضاتها مبلغاً مالياً كجزء من التعويض في حال كانت نسبة العجز لديها بحدود 80%، ولأن (أ.ر) هو الطبيب الذي كشف على زوجتي من بداية الحادثة فقد قمنا بمراجعته هناك وإخباره بالأمر، ليقول لنا «اتركني لأصفن بالموضوع» وبعد 15 يوماً من الذهاب والإياب لمكتبه تبين أنه يريد المال لكتابة التقرير فبدأ بالتفاوض بمبلغ 200 ألف ليرة.

يتابع الشاكي: ما كان مني إلا أن ذهبت لتقديم شكوى إلى رئيس المركز الذي قال: أنا مجرد مدير اسمياً طالباً مني الذهاب إلى الطبيب والتفاهم معه، هنا عدت إلى قاضي الجرائم المشهودة الذي كتب لي الإحالة فاتصل فوراً بالطبيب الذي ابتزني(أ.ر) وعاتبه، وقام بتشكيل لجنة ثلاثية من قبل طبيبين شرعيين وطبيب عظمية فقاموا بكتابة التقرير بنسبة العجز 80% فالموضوع إنساني أكثر مما هو طبي، بعد ذلك قمت بتقديم شكوى نظامية في الهيئة العامة للطب الشرعي مرفقاً التسجيلات التي قام بتسجيلها لكلا الطبيبين.

تسجيلات مفبركة

الطبيب الذي نظمت الشكوى بحقه (أ.ر) نفى أن يكون قد قام بابتزاز الشاكي أو طلب منه مبالغ مالية لقاء كتابة التقرير الذي يريده قائلاً: «مين قلك أنو هذا صوتي» ، مؤكداً أن كل التسجيلات المرفقة من قبل الشاكي مفبركة، لكنه عاد فأكد ما ورد في التسجيل حينما طلب من الشاكي لقاءه في شارع الحمراء للتفاهم نافياً من جديد أن التسجيل يخصه فهنالك محاكم سيتم الفصل فيها بيني وبينه.

لم «تتلفلف» القصة

رئيس مركز الطب الشرعي في دمشق (أ.ن) لم ينفِ موقف الابتزاز الحاصل بين الطبيب والشاكي فالموضوع كان بازاراً وتفاوضاً وكل واحد منهما عليه مسؤولية معينة- على حد قوله- لكنه في الوقت نفسه اتهم الشاكي بتصعيد الأمور قائلاً: هناك من دفعه ليقحم اسمي كرئيس مركز في الموضوع على الرغم من أنه لا علاقة لي بالموضوع أبداً فأنا لم أكتشف موضوع الابتزاز إلا بعد أن تلقيت اتصالاً من طبيب في مشفى البيروني يعلمني بأن هناك شكوى من قبل أحد المشتكين، وبعد مقابلته تبين لي حقيقة هذا الابتزاز فقمت بإرسال الشكوى إلى هيئة الطب الشرعي، وتابع الطبيب: بعد معرفتي بأن الشاكي قام بإقحام اسمي في الشكوى هناك أخبرته ليأتي ويقدم كتاباً مغايراً لما كتبه في الشكوى بعد تهديده بتقديم شكوى قضائية ضده.

وأكد رئيس المركز وجود صراع داخلي بين الأطباء الشرعيين لذا فكل طبيب يريد أن ينشر غسيل زميله أمام الآخر لإلحاق الضرر به ولكن الخوف في أن يعم الضرر الجميع، مشيراً إلى أن التحقيق جارٍ في القضية ولا يمكن معرفة من المخطئ إلى أن تنتهي التحقيقات فقد تم تحويل الشكوى إلى الهيئة ومنها إلى الرقابة الداخلية بالوزارة ولم «تتلفلف» القصة كما قال البعض.

وأكد رئيس المركز أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف حالات ابتزاز شبيهة بتلك الحالة في عمل الطب الشرعي ففي أحد المرات قام أحد الأطباء بتقاضي ألفي ليرة مقابل كتابة تقرير وفاة قام على أثرها بإرجاع المبلغ إلى المواطن وسؤاله إذا ما كان يريد كتابة شكوى بالموضوع ليكتفي بعدم الشكوى، قائلاً: «مثلها مثل أي مكان مافي واحد ما بياخد، مالي مسؤول عن حدا لا يمكن أن أكون حارساً على كل طبيب».

التحقيق جارٍ

لم يتعجب نائب رئيس الهيئة العامة للطب الشرعي فراس ناصيف عند سؤالنا له عن الموضوع فهو على دراية تامة به، ولاسيما أن صاحب الشكوى جاء إلى الهيئة وقدم شكوى نظامية فيها وتم على أساسها اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الهيئة بكتابة تقرير عن الموضوع في قسم القانونية ومن ثم رفعها إلى الرقابة الداخلية في وزارة الصحة.

واستبعد ناصيف أن يكون الشاكي مدفوعاً من قبل أحد الأطباء أو أن تكون الشكوى مفبركة للإساءة الى سمعة الطبيب فالشكوى مرفقة بتسجيلات صوتية واضحة بصوت الطبيبين الذين كانوا على تواصل مع الشاكي.

ولم يجزم ناصيف فيما إذا كانت حالة الابتزاز هي الواقعة الأولى التي تحدث في مركز الطب الشرعي، لكنها على الأقل هي الشكوى الوحيدة التي وردت إلى الهيئة بعد افتتاح مكتب الشكاوى في الهيئة منذ أسبوعين.

المصدر: صحيفة تشرين

سيريا ديلي نيوز


التعليقات