كان لينطبق عليه المثل القائل: “الرمد ولا العمى”، لو لم يكن مشروع الزراعات الأسرية الذي أقرته الحكومة وبتمويل كامل منها وبشكل مجاني، قد أدى إلى حالة ملموسة من الدعم والأمن الاقتصادي والغذائي للأسر الأشد احتياجاً وفقراً، التي استفادت من منح المشروع (شبكات ري حديث وبذار متنوعة)، إذ شكلت تلك المنح مدخلاً لأكثر من الاكتفاء الذاتي في عدد من المنتجات الزراعية.
ففي الوقت الذي وفرت تلك العائلات ما كانت تخصصه من مال لشرائها، وجدنا وعبر تأكيد عدد من المستفيدين، أنها استطاعت بيع جزء مما تنتجه، أي أن المشروع تمكن من تحقيق أهدافه إلى حد بعيد، ولا أدل على ذلك أن هناك شكاوى” أخذت تطالب بالعدالة في توزيع منح المشروع، ومنها ما تم على مستوى محافظة حماة، بمعنى أنه لو لم يكن مشروع “الزراعات الأسرية” قد أعطى أكله، لما كانت مثل تلك الشكاوى والسعي للاستفادة التي يتم تحديدها وفق اشتراطات فنية واجتماعية، يأخذ – حين المفاضلة بين مستفيد وآخر وبين قرية وأخرى- بكثير من الحسبان الوضع الاقتصادي والمعيشي للمستفيد وبطريقة وآلية لا غبن فيها حسبما أكدت لـ”البعث” الدكتورة رائدة أيوب مدير مديرة تنمية المرأة الريفية في وزارة الزراعة، والتي أوضحت أنهم لا يتدخلون كجهة مركزية في تحديد المستفيدين؛ لأن هذه المسؤولية والمهمة تتحملها مديريات الزراعة في المحافظات التي شملها المشروع.

15 ألفاً حالياً
أيوب كشفت لنا أن هناك حالياً 15 ألف مستفيد يجري تزويدهم بمستلزمات الزراعة الأسرية، وسينتهي قريباً تنفيذ توزيع بذار الموسم الصيفي القادم، منوهة إلى أن حصيلة عدد المستفيدين قد وصلت العام الماضي 2018 إلى 17630 مستفيداً، ليصبح إجمالي عدد المستفيدين مع العام الحالي 2019 أكثر من 32630 مستفيداً في المحافظات والمناطق المستهدفة، وبكلفة إجمالية بلغت 2.250 مليار ليرة سورية.

وفق دراسة
وذكرت أيوب أن هدف مشروع الزراعات الأسرية هو تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتمكين الأسر الريفية من تحسين وضعها الاقتصادي، مبينة أن فكرة المشروع تقوم على استثمار مساحة الأرض الملحقة بالمنزل (حتى 500 م2) من خلال زراعتها بالخضار الصيفية والشتوية، وتقديم كل مستلزمات الإنتاج، وأوضحت أن الأولوية تعطى لأسر الشهداء والجرحى الأشد فقراً، إضافة إلى الأسر التي تعيلها نساء، وذلك وفق دراسة الواقع الاجتماعي والاقتصادي لكل أسرة، من خلال استمارة أعدت لهذه الغاية، إذ يستهدف المشروع دعم الأسر الريفية في مختلف المحافظات عبر تقديم حزم مجانية من المواد اللازمة للعملية الزراعية.

تؤخذ بالحسبان
في سياق متصل عرضنا على مديرية التنمية الريفية مضمون الشكوى التي وردتنا من حماة، مرفقة بالجداول التي تبين توزيع المنح على المستفيدين في القرى المستهدفة بالمحافظة، حيث كان الفارق في الحصص كبيراً وواضحاً بين قرية وأخرى، فأكدت لنا ما سبق أعلاه، مضيفة أن هناك منحاً أخرى غير حكومية، ولكن يتم التعاون مع مانحيها ومع وزارة الزراعة، وهي من منظمات دولية ودول، وهذه المنح المندرجة في إطار دعم الزراعات الريفية عامة، تؤخذ بالحسبان أيضاً حين توزيع المنح على المستفيدين في المناطق الريفية وقراها.

للاطلاع والبيان
ولكوننا حُمِّلنا أمانة عرض الشكوى التي تم تقديمها لمحافظ حماة، وبدوره وجهها لمدير زراعتها، لـ”الاطلاع والبيان واتخاذ الإجراءات اللازمة أصولاً”، فإننا نعرضها كما وردت، ونتحفظ على ما عُنونت به ونكتفي بما جاء في السياق “عدم توزيع الزراعات الأسرية بشكل متساوٍ وعادل بين القرى”.
تقول الشكوى: “أقر مجلس الوزراء مشروع دعم الزراعات الأسرية، وهو عبارة عن شبكة ري مع بذار، ليساعد العائلات المحتاجة على تأمين احتياجاتها محلياً، وأوصى بالأولوية لذوي الشهداء والجرحى والأشد فقراً، وكانت حصة حماة ٢٠٠٠ مستفيد كمرحلة أولى، و١٠٠٠ مستفيد كمرحلة ثانية، تم توزيعها كما في الجدول المرفق. فهل من المعقول أن تأخذ الخالدية والضاهرية ٢٠٠ مستفيد، ويتم استثناء قمحانة قلعة الصمود..!؟ وهل من المعقول أن تُمنح جريجس ١٠٠ ومعرزاف ٢٤١ والمجدل ١٦٠ بمحموع ٥٠٠ مستفيد!؟ أي ما يعادل مصياف وريفها كاملاً والسلمية وريفها كاملاً..! والمهزلة الكبرى في المرحلة الثانية: صوران ٢٥٠ والطيبة ٣٥٠ مستفيداً، بينما خربة القصر مستفيد واحد، وبيصين ثلاثة، ووادي العيون مستفيد واحد، وكذلك صبورة واحد.. نعم هكذا يكافأ دم الشهداء والجرحى..”!؟

لا صفة رقابية
بدورنا وضعنا أيوب في صورة الشكوى ومضمونها، وعلى ما اتضح لنا، أن المديرة مطلعة عليها – وهذا أمر إيجابي يحسب لإدارة المشروع- لكن ليس للإدارة المركزية صفة أو مهمة رقابية على كيفية التطبيق وتحديد المستفيد، حيث إن مسؤولية ذلك تعود للجهات المعنية في المحافظات والقرى، وعليه فالكلام الوارد في الشكوى غير دقيق، وفقاً لأيوب؛ لأن هناك آلية واشتراطات واضحة وصريحة تطبقها لجان معتمدة ومختصة على مستوى كل محافظة.

عذره وعذرنا
أيوب أكدت أن مدير زراعة حماة أجاب على كتاب المحافظ، وفضلت أن نتصل به وزودتنا برقم هاتفه الخلوي، لاطلاعنا على محتوى الرد، وفعلاً “لم نكذب خبراً”، فاتصلنا مرات عديدة، لكن للأسف لم يرد المدير؛ ولكوننا نقدر “أن الغائب عذره معه “، عذرنا المدير لعدم الرد على هاتفه، وعذرنا أنفسنا لنشرنا الشكوى دون الرأي الآخر، على أمل أن يكون توزيع الحصص بين القرى عادلاً، إذا يكفي ما لحق بقرانا ومناطقنا من ظلم، وعذراً لمن اشتكى ولم يأتِه الرد حتى تاريخه…!

سيريا ديلي نيوز


التعليقات