أصبح من شبه المؤكد إن العالم المتأمرك وأدواته العلنية أو المخفية سائرة باتجاه أعلنت عنه سابقا ألا وهو الفوضى المدمرة للإنسانية والأوطان  من أجل تحويل البلدان لبناء هش متمزق.

 وهو ما يحقق مصالحها و التي تظهر مكثفة بالبعد الاقتصادي المتمثل بمنع إي تفوق أو تفرد إلا بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية للبلدان المتقدمة و استمرار التبعية للبلدان التي سعت لزيادة النمو والتنمية بمختلف مجالاتها وهذه الرؤية تعلن علنا ذهاب زمن العولمة ومؤسساتها وليبراليتها الكاذبة و البرامج الجاهزة فهي تنعي العولمة لمرحلة قادمة جديدة فيها مصلحة الولايات المتحدة هي المقررة لأي شكل من العلاقات.

 ولم تبوح بهذا الأمر علننا لولا تمهيدها البنيوي  لبلدان العالم بتهشيمه وصناعة شخصيات مؤثرة وفاعلة ومرتبطة بها و تشويه الهويات الوطنية الجامعة وتعويم مجتمع غرائزي استهلاكي في ظل  تجفيف اقتصادي للمؤسسات وللموارد و في ظل التمهيد ببرامج فرضت قسرا أدت لذوبان الطبقة الوسطى صمام أمان البلدان وركيزة الانطلاق بشتى المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية وهو ما سهل عليها السير قدما بأمركة العالم و كان لتفريغ المؤسسات المدنية والمنظمات من دورها الأساسي هدف وغاية لتمرير السياسات المؤدية حتما للمشاريع المخطط لها وهو ما لاحظناه فعليا خلال أزمتنا باستثناء المؤسسة العسكرية والتي حافظت على الانضباطية واستطاعت إدارة الأمور بما يحمي الأرض والشرف والعرض وطالما قلنا سابقا نتمنى  أن لا نضطر لتكون أساس وركيزة البناء.وبعد الفشل الذريع بالإرهاب المسلح والذي استجر له وقود مصنع مسبقا من كل دول العالم جاءت الأدوار البديلة متمثلة بالإرهاب السياسي والاقتصادي و الذي هيأ له بنيويا بتدمير الموارد والطاقات لأقصى درجة و الأدوات  المكملة لهذا الدور عبر الإغراق والتهريب والسرقة وسلب دور المؤسسات وهو ما سيشكل بنظرهم ونظر القوى والدول المتصارعة مسارا لفرض أجندات و علاقات تسلب السيادة والقرار وهو ما نجده متكررا بأزمات فرضتها سيرورة الأحداث والنتائج الأزموية الكارثية و الإضرار لمسايرة العقلية التي كانت من مداخل الأزمة .

في كل عام بنهاية السنة وبدايتها تتعرض البلاد لموجة أزمات تختلف شدتها بحسب المراد من ورائها وما يعتقد البعض انه سيفرضها لتتداخل المسببات بين زيادة الاستهلاك ونقص الموارد و فساد الحيتان وتجار الأزمة لاقتناص اكبر الأموال في ظل مجتمع ما بعد الأزمة لم يحصن ثقافيا وإعلاميا بسلوكيات الأزمة وفي ظل شريحة لم تعنيها الأزمة ولم تشعر بها حتى الدماء الطاهرة الشريفة لم تلاحظها والجرحى والإعاقات إلا بمتاجرة للتبييض وزيادة الحصص وهو ما كرس لضغط شعبي همه العدالة رغما من إدراك نقص الموارد ولكن بنظرهم سوء التوزيع تقصير ولا علاقة له بقصور الإمكانات .هذه الأجواء بيئة كما يراها مسببوها للضغوطات و تحصيل مكاسب فشل الإرهاب و فشلت انتهازية ملء الفراغ بالحصول عليها.وكلما سارت البلاد بفضل عقلائها و جيشها أشواط  نحو الاحتواء والانطلاقة البناءة وضعت العراقيل لحصول من يريد بلدنا ساحة تفيض عليها الدماء بديلا من بلدنا.هذه الظروف تفرض على صناع القرار المبادرة الشجاعة بالسير قدما بإصلاح يعطي الحكومة مقومات القرار الوطني المنطلق من مبدأ مصلحة البلد و الأولويات لإعادة البناء والإعمار الهادفة لتفريغ مخرجات التأزيم و التحصين القوي مواجهة لمساعي ومآرب الأعداء سواء من دواعش الداخل والخارج و لب هذا الصراع بين دولة المؤسسات ودولة يستطيع من خلالها البعض السيطرة على القرار.

الانطلاقة المراد السير بها غايتها الحفاظ على السيادة والكرامة وأدواتها التمكين الشعبي ولن تكون إلا بإعادة إحياء المؤسسات المدنية عبر تعيينات هادفة و المحاسبة المستمرة لبرنامج واضح معلن وهذه العقلية تكون أساس لإعادة بناء الطبقة الوسطى و مسيرها العدالة الاجتماعية .

الحاجة ملحة لكل الطاقات والإمكانات للاستثمار الأمثل ضمن خطط وبرامج واقعية توسع المشاركة ولا تستثني أحد وتكرس الانضباطية وتحيط بالفساد وتكرس سلطة القانون ومن دون ان تكون للحكومة عبر مؤسساتها الكلمة الفصل لا يمكن الوصول لذلك.

القرار الوطني السيادي لإعادة الإعمار يقوى كلما اعتمدنا على ذاتنا بقطاع عام يصلح ولا يستمر بتمويته .قطاع وطني خاص يمزج بين الاجتماعي والاقتصادي وحاجة الوطن وتشاركية حقيقية مخرجاتها لصالح الوطن وهنا لابد من السعي لإعادة الأموال المهربة والمهاجرة و لعودة الكفاءات السورية التي يعتمد عليها لبناء التنمية في اغلب دول العالم.

الانطلاق بمسيرة إصلاحية تعييناتها على الكفاءة والنزاهة ضمن برنامج وطني مجدول يعتمد معيار للمحاسبة و بمراقبة سابقة ولاحقة بوصلة للتحصين ضد الأزمات التي يراد منها النيل من السيادة و فرض الأجندات الجاهزة.

سيريا ديلي نيوز - د سنان ديب


التعليقات