لم تكن جلسة الحكومة أمس إلا نتاج وحصيلة اجتماعات ومداولات لاجتماعات شبه يومية للوقوف على سبل التعامل مع الأزمة الجديدة التي بدأت ترتسم مع تشديد العقوبات الاقتصادية على سورية والتي كان أخرها مشروع قانون “سيزر الأمريكي ” والذي لو اعتمد سيستمر مفعوله لمدة خمس سنوات وسيُفرض بموجبه حصار على كل من يساهم في تمويل او تنفيذ مشاريع اعادة اعمار أو توفير الدعم لقطاع الطاقة السوري , مُطبق على البنك المركزي السوري و قطاع الطيران و منع التعاملات التجارية والمالية مع سورية

في الظاهر كانت الاجتماعات لمعالجة وضع نقص الغاز في السوق , ولكن سرعان ما تطورت هذا الاجتماعات لتتحول الى “لجنة لإدارة الأزمة ” حيث بدأت ترسم ملامح المرحلة القادمة في ظل الظروف المستجدة ووضع خطة مواجهة وهو ما تم إعلانه في جلسة مجلس الوزراء أمس .

بقرارها الاعتماد على الذات , لعل الحكومة ذهبت الى الخيار الأصعب في التطبيق خاصة و أنه يحتاج الى وقت , ولكن المهندس عماد خميس الذي قاد الامور منذ البداية بروح الاعتماد على الذات وتحقيق التنمية يعلم أن الأمور قد لاتأخذ وقتا طويلاً خاصة و أن الكثير من سياسات الاعتماد على الذات والتنمية توشك على اعطاءالنتائج والإثمار ولذلك كان من الطبيعي أن تخرج جلسة الحكومة أمس بقرار وطني بالتوجه للاعتماد على الذات واستنفار امكانيات العمل والإنتاج واجتراح الحلول والبدائل لمواجهة الحصار مع يقين رئيس الحكومة هنا أن السوريين لطالما كانوا بارعين في التعامل مع الحصار والالتفاف عليه بل والتأقلم معه .

قد لاتشبه هذه الايام ربما مرحلة الثمانينات في تفاصيلها ولكن لابد أن تشبهها في القدرة عل التعامل مع وجعها الذي سيطال الشعب كله نتيجة عقوبات ظالمة يزيد من وطأتها أنّ البلاد بالكاد تخرج من حرب طويلة أنهكتها ودمرت الكثير من البنى التحتية وتسببت بخسائر يقول الاستاذ في جامعة دمشق مصطفي العبدالله ان خسائر سورية الاقتصادية فيها تجاوزت ال 1170 مليار دولار .

كان من المفترض أن تتلقى سورية الاستثمارات والمساعدات وأن تُعقد من أجلها المؤتمرات لإعادة إعمارها ولكن عدم رضوخ القيادة السورية للإملاءات الخارجية , جعل الأمور تذهب في اتجاه الحرب الاقتصادية التي بات على كل مواطن التحضر لها وعدم التقليل من أثارها والتي قد تصل الى مرحلة التجويع ؟ من هنا تأتي أهمية اعتماد الحكومة سياسة “الاعتماد على الذات وتقوية الانتاج المحلي بكافة قطاعاته ” والتي تمكن البلاد مجددا من تلمس الطريق باتجاه امتلاك ناصية الأمن الغذائي ومن اجل ذلك فتحت الحكومة امس الابواب واسعة للاستثمار في الزراعة والمشاريع الريفية إنطلاقا من أنّ تقوية دخل الأسرة هو حاجز صد مُهم للحصار وللعقوبات .

تدرك الحكومة السورية أن قانون سيزر يهدف الى تكرار مأساة حصار العراق (1990 ـ 2002) في سورية ؟ ، بعدما فشلت واشنطن في كسر سورية عسكريا..

كل ذلك دفعها لتواجه فورا دون انتظار عبر تأمين اجتماع البلاد على على خطة وطنية لتدعيم صمود الشعب، عبر تخفيف القيود على المواطن ودعم مقومات معيشته اليومية، مدركة أنّ الايام القادمة صعبة وخطط الدول الطامعة ما زالت قائمة في بلادنا .

المهندس عماد خميس سيعلن خلال الأيام القادمة عن المزيد من الاجراءات والخطوات لمواجهة الحصار والظروف الصعبة للبلاد ونعتقد أنّ حربا قوية ستُقاد ضد مظاهر الفساد من سرقات للمال العام وتهريب وتهرب ضريبي ومنع تسرب المزيد من الخبرات الوطنية بتأمين فرص عمل لها

إذا لقد أعلنت الحكومة الاستنفار لمواجهة آثار العقوبات الاقتصادية الجديدة على سورية، ودرء آثارها عن المواطن الذي بدا هدفاً رئيسياً لها

وهذا ما يفسر توجيه رئيس مجلس الوزراء خلال جلسة الحكومة أمس ، كل الوزارات بالضرب «بيد من حديد» على الفساد والفاسدين والبدء بخطوات محاسبة مكثّفة ضماناً لحصول المواطن على حقه، إضافة إلى اضطلاع الوزراء بواجباتهم أمام المواطن وإجراء لقاءات نوعية ودورية معه عبر تواجدهم في مفاصل العمل والخدمة.

تبدو حكومة المهندس عماد خميس عند مفترق مفصلي وهام لربما لم يكن بالحسبان بهذا الشكل المعقد ما يتطلب منها ربما الاستنفار بكل إمكانيات البلد من أجل تحصين حياة المواطن وتعزيز صمود البلد في معاركه التي ما زالت مفتوحة , وكل ذلك لابد أن يكون مترافقاً بدرجة عالية من الوعي والادراك من قبل المواطن الذي عليه أن يستعد لمواجهة مرحلة أقل ما قيل عنها أنه اعادة لسيناريو الحصار الامريكي على العراق . .

سيريا ديلي نيوز


التعليقات