لم تضطلع أغلب الجهات الحكومية بمسؤولياتها تجاه مفهوم الجودة، والذي على ما يبدو لا يزال غائباً عن قاموس هذه الجهات المعنية بالإنتاج المحلي، أم بالاستيراد، إذ تشير مجريات الأمور إلى أن مفهوم الجودة لا يزال يندرج تحت إطار الترف الاقتصادي ليس إلا، تحت ذريعة أن ثمة أولويات يجب العمل عليها، في مشهد يشي بأن ثمة جهلاً أو تجاهلاً لعواقب هذا الأمر صحياً وبيئياً واقتصادياً.

رئيس الجمعية العلمية للجودة المستشار هشام كحيل أكد أن هناك مواد ذات سمية قاتلة نتيجة افتقارها لأدنى معايير الجودة تغزو الأسواق بشكل كبير ولا ينتبه إليها المواطن العادي، منها على سبيل المثال لا الحصر “لمبات توفير الطاقة”، التي تدمر أسرة بكاملها في حال انفجارها، كونها تحوي مواد كيمياوية سامة، واصفاً إياها بـ”قنابل موقوتة في المنازل” كون أن الغاز الموجود في داخلها يقتل الأطفال فوراً، ويتسبب بأذى للكبار..! وحذر كحيل من عدم كسر هذه اللمبات عند تعطلها، وضرورة وضعها في كيس أسود محكم الإغلاق ورميها في المكان المخصص لإتلاف المواد الكيماوية.

وفي سياق متصل أكد المستشار كحيل أن إحدى شركات الأغذية طلبت من الجمعية الحصول على شهادة سلامة للغذاء “أيزو 22000″، بغية التقدم إلى إحدى مناقصات “اليونيسيف” لتوريد مواد غذائية تحت إشراف الأخيرة، لكن الجمعية بينت لها أن الحصول على هذه الشهادة يتطلب من الشركة دورة تأهيلية لمدة سبعة أشهر، وأخرى للمنح لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، كما أن الجمعية المؤهلة يجب ألا تكون هي المانحة في نفس الوقت..!. فلجأت الشركة عندها إلى للحصول على الشهادة من إحدى مكاتب القطاع الخاص العاملة في مجال الجودة خلال شهر واحد فقط بطرق ملتوية..!.

يذكر أن التغاضي عن الجودة تسبب بالتدفق الهائل للشواحن الصينية سيئة الصيت التي غزت أسواقنا بداية الأزمة تحت ماركات أقل ما يقال عنها بأنها مغمورة، ولنا أن نتخيل حجم الهدر والخسارة المحققتين جراء استيراد بضائع لا تحمل شهادات تحقق أدنى معايير الجودة والمقاييس العالمية، أو حتى المحلية، وإن كانت زهيدة الثمن مقارنة بنظيراتها المشهود لها، وبعد انتهاء موضة هذه الشواحن والاستعاضة عنها بالليدات نتيجة التقنين الكهربائي خلال الفترة الماضية، طفى على السطح البطاريات المشغِّلة لهذه الليدات، فمعظمها ذات ماركات غير معروفة، وذات مستوى تصنيعي رديء، وذلك نتيجة عدم اعتماد أي منها لشهادة جودة من قبل أية جهة رسمية حكومية، أو منظمة مخولة بإعطاء الأيزو أو ما شابه، والأخطر من ذلك أنها مشروع لنفايات خطرة ستزيد من فاتورة أعبائنا البيئية والصحية، إذ يؤكد العارفون أن هذه المُدّخرات تحوي على مادة الرصاص السامة وهو المعدن السام الوحيد الذي تنتقل أعراض التسمم به إلى الأجنة..!.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات