تتطلب مبادئ فرض الضريبة دون أي شك أن يخضع لها أي دخل يتحقق من كل نشاط مهما بلغ حجمه.. وإن أي دخل لا يخضع للضريبة يعتبر تهرباً.. فكيف تجري الأمور عندنا وخصوصاً أن التهرب الضريبي ه وموضوع قديم وحديث في الوقت نفسه، وهم يتحقق بالدرجة الأولى من خلال الثغرات الموجودة في القانون وفي المراسيم المعمول بها، والتي أخذت من القانون الفرنسي وترجمت عنه. وببساطة إن قوانين الضرائب هي أكثر القوانين التي يجب أن تتبدل وأن تتغير مع تطور الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

إن العائق الأساسي أمام إحداث تغييرات جدية في قوانين وتشريعات الضرائب هم كبار التجار المحتكرين والأثرياء الجدد، الذين لهم النفوذ الكافي للتأثير على هذه القوانين والتشريعات، بحيث تبقى متوافقة مع مصالحهم.

إن الموظف الحكومي والعامل يدفعان الآن ضريبة مباشرة لا تتلاءم مع دخلهما، وهي تبلغ نحو 22% منه تقريباً، وتشكل بالنسبة لهما عبئاً ثقيلاً ينوءان بحمله، في الوقت الذي جرى فيه تخفيض الضرائب على الشركات والمحتكرين، وهي لا تشكل إلا جزءاً من أرباح هؤلاء المحتكرين وغالباً ما تكون المعطيات المقدمة عن دخولهم لا تعبر عن الواقع ولا تعكس الأرباح الحقيقية. فضلاً عن أن الكثير من أثرياء الأزمة الذين حققوا أرباحاً أسطورية بطرق غير مشروعة لا تطولهم أية ضريبة. لم نسمع مطلقاً أن ثرياً محدث النعمة دخل إلى السجن أو عوقب بتهمة التهريب الضريبي الذي يقره القانون السوري على أنه جريمة موصوفة يجب أن يعاقَب من يقوم به.

ومما لا شك فيه أيضاً أن التهرب الضريبي يؤدي إلى تمركز الأموال بأيدي فئة قليلة من الناس، ويؤدي أيضاً إلى دفع الحكومة لزيادة الضرائب، التي ستقع من جديد على كاهل ذوي الدخل المحدود.

إن كل ذلك يضع أمام السلطتين التنفيذية والتشريعية مهمة مشتركة هي سن قوانين وتشريعات جديدة تفرض الضريبة فيها على مجمل دخل المكلف، وليس على كل نوع من الدخل، وبصورة تصاعدية أيضاً، كي يحصل شيء من التوازن الاجتماعي، وكي تلزم تلك الفئات الاجتماعية التي أثرت على معاناة الشعب، أن تعيد له جزءاً من السرقات التي أخذتها من جيوب أبناء هذا الوطن.

جريدة النور

سيريا ديلي نيوز


التعليقات