لم يكن إنجاز تحرير الغوطة نصراً عسكرياً فقط وإنما اقتصادي بامتياز، لما تشكله هذه المنطقة الاستراتيجية من أهمية على الصعيد الزراعي والصناعي والتجاري، الذي انتظر أهله هذه اللحظة مطولاً لمعرفة مصير بضاعتهم المخزنة في المستودعات منذ سنوات، فكما هو معروف، تتركز المستودعات الكبيرة في الريف وتحديداً الغوطة لقربها من العاصمة، وفعلاً باشر التجار فوراً الكشف على مستودعاتهم، التي فوجئ بعض التجار ببقائها على حالها بينما لحق مستودعات أخرى ضرر كبير وأخرى نابها ضرر جزئي، لكن رغم ذلك كانت خسائرهم كبيرة ومقدرة بملايين الليرات، ولاسيما عند القيام في أوقات كثيرة بشراء بضائعهم ذاتها بأسعار مضاعفة من الإرهابيين، لزوم الاستمرار في العمل بمصانعهم، لكن هذا الأمر بات من الماضي بعد تحرير الغوطة، وإمكانية نقل البضاعة إلى مكان آخر في العاصمة ريثما تستقر الأوضاع خوفاً من سرقتها، لكن ما لم يحسبوه أن تكون الجمارك لهم بالمرصاد، ولاسيما أن قوافل السيارات المحملة بالبضائع تستدعي الحذر والدقة لمعرفة إذا كانت البضائع مهربة أم مستوردة بشكل نظامي أم محلية الصنع.

 

لجنة خاصة
إشكالية نقل البضاعة المخزنة قبل سنوات الحرب وأثناءها قبل تفاقم الأوضاع في الغوطة، من مستودعاتها إلى مستودعات أخرى في العاصمة، كشفها ضبط جمارك دمشق، حوالي 20 سيارة محملة بمضخات مياه وأنابيب تمديدها من مستودعات في منطقة عربين، أحضرت إلى الحرم الجمركي، وبقيت قرابة 4 أيام للتأكد من امتلاك التاجر صاحب البضاعة، البيانات التي يثبت ملكيته لها وتبيان أنها نظامية وليست مهربة، وهنا يؤكد مصدر مطلع في الجمارك لـ«تشرين»، أنه لا يمكن التغاضي عن رؤية هذا العدد الكبير من السيارات تدخل إلى المدينة من دون التأكد من محتوياتها ومعرفة إن كانت مهربة أم لا حتى لو استلزم الأمر وقتاً طويلاً، لافتاً إلى تشكيل لجنة خاصة لهذا الغرض، وقد تم فعلاً الكشف على البضاعة وبعد إبراز التاجر وثائق تثبت أنها مستوردة بشكل نظامي نظم محضر بهذه القضية، وبناء عليه أفرج عن البضاعة وسمح للتاجر بأخذها على مراحل بعد إثبات ملكيته لها جميعاً، لافتاً إلى أنه في حال تبيين أن البضاعة مهربة كانت الغرامات ستصل تقريباً إلى 15 مليون ليرة.
النيات الحسنة!
وشدد المصدر على استمرارية قيام الجمارك متابعة وضبط أي سيارات تحتوي بضاعة مشكوك في مصدرها، من دون نكران تعرض بعض التجار إلى المظلومية لعدم مقدرتهم على إثبات ملكية بضاعتهم بسبب تعرضها للحرق أو التلف من قبل الإرهابيين، لكن رغم معرفة ذلك إلا أنه لا يمكن الركون إلى منطق النيات الحسنة في حال عدم وجود إمكانية لإثبات مصدر البضاعة وملكيتها، وهو ما يعتمد على التاجر بالدرجة الأولى عبر إحضاره أي أوراق تثبت ملكيتها ومصدرها، مع محاولة قدر الإمكان مراعاة وضعه.
مستودعات أخرى!
كنا حاضرين في الحرم الجمركي، أثناء الكشف على السيارات الـ 20، والتقت السائقين لمعرفة تفاصيل القضية، حيث أكدوا أنهم نقلوا البضاعة من المستودعات في عربين إلى العاصمة دمشق، وفي الطريق قامت الدوريات الجمركية بتوقيفهم وإحضارهم إلى الحرم الجمركي، بغية التأكد فيما إذا كانت مهربة أم مستوردة نظامياً، وهو ما أكده التاجر صاحب البضاعة، الذي أكد امتلاكه الوئاثق بأكملها التي تثبت أن البضاعة مستوردة نظامياً وليست مهربة، مشيراً إلى أن الرسم الجمركي لهذه البضائع حوالي 1%، وهو رسم منخفض جداً ولا يقارن بمنتجات رسمها الجمركي 30%، ما يعني أن تجار هذه البضائع لا يفكرون في تهريبها أبداً بينما الأخيرة احتمال تهريبها قائم وبكثرة، لافتاً إلى وجود بضاعة له في مستودعات أخرى يجب عليه نقلها، ولا تخوف لديه مادام يملك الوثائق المطلوبة لكن الإشكالية، هي في الوقت الذي تستغرقه في الجمارك لتبيان كونها مهربة أم مستوردة، مشيراً إلى وجود الكثير من التجار يخشون نقل بضائعهم من المستودعات الممتلئة بسلع مختلفة وخاصة أنهم لا يملكون الوثائق المطلوبة بسبب تعرضها للتلف أو الحرق من جراء اعتداءات الإرهابيين، الذين قد يقومون بذلك عن قصد لغايات في أنفسهم، وهنا يشير مصدر في الجمارك إلى أن ذلك مرهون بالتجار أنفسهم، فمن يثق بأن بضاعته غير مهربة ويمتلك الوثائق المطلوبة لإثبات ذلك لن يخاف من دوريات الجمارك وغيرها.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات