سريعا تمكنت حكومة المهندس عماد خميس من استيعاب انخفاض سعر صرف الدولار الأخير وقبل أن تعلو الأصوات معترضة وخائفة .. بل لم تكن ردود الفعل أكثر من احتفاء بتحسن الليرة أمام الدولار  . فقد  حولت الحكومة الأمرسريعاً الى خطوة حقيقة لتأمين حالة الإقتراب  من الاستقرار" الهدف الأهم " عبرعقدها اجتماع نقدي سريع أسفر عنه قرار مفصلي في تاريخ الاقتصاد السوري تجلى في  السماح بإصدار شهادات الإيداع الفكرة التي يعود طرحها الى اكثر من 17 سنة الى الوراء "طرحتها حكومات ومؤتمرات وأزمات وتجاذبات وسياسات  ولم تر النور حتى قررت الحكومة الحالية أخيراً إصدارها  في خطوة ستمكن المركزي السوري من السيطرة على الكتلة النقدية في السوق " .

لعل قرار إصدار شهادات الإيداع سيعزز من ثقة الناس بقدرتهم على الحفاظ على مدخراتهم بضمانة الدولة خاصة و أن شهادات الإيداع ستصدر وبفائدة تصل حتى  15 %  .

 

في نفس الاجتماع تم اتخاذ قرارات أخرى عززت فيها الحكومة من قدرتها على شراء أي كميات من الدولار واتاحة مساحة كافية لمالكي الدولار من التصرف بحرية بها . وفي حقيقة الأمر فإنه وعلى التوازي ومع طباعة كميات كافية من العملة السورية لدى روسيا تم تسلمها في فترات سابقة فإن المركزي بدأ عملية ترميم عميقة للاحتياطي . عبر التدخل بقوة وبشكل مدروس وبشكل هادئ وغير معلن في السوق . وتشير معلومات خاصة لسيرياستيبس أن الأشهر الأخيرة شهدت تدفقات مهمة للقطع الى خزائن المركزي نتيجة التصدير وعمليات بيع الفوسفات والكهرباء ومنتجات أخرى إلى جانب مطارح تحصيل مهمة للدولار تمكنت الحكومة من وضع يدها عليها .

ومن شأن اصدار شهادات الإيداع والتي ستكون بفوائد أعلى من الفائدة العالية ب 5 % الى سحب السيولة من السوق وتجميعها لدى المركزي ليتحكم بها بما يخدم رؤية الدولة استيراداً وتصديراً وبما يعزز قدرتها على البيع لآجل ما يؤمن استقرار سعر الصرف لفترات طويلة .

الفائدة التي ستدفعها الدولة على شهادات الايداع وهي قد تكون  أعلى حتى 5 % من الفائدة الطبيعية تبدو كخسارة من حيث الشكل ولكن بالمضمون هي تضمن التحكم بالكتلة النقدية و تأمين التوزان في التصدير الرافد الأهم للإقتصاد الوطني عبر تأمين " بيع لأجل " بشكل منتظم مع استقرار بالعملة  

إذاً إصدار شهادات الإيداع يشكل أداة مهمة للسيطرة على الكتلة النقدية بالسوري والدولار و ضمان استقرار العملة لوقت طويل . وطالما أن السياسة الاقتصادية تقوم على تحريك الانتاج ودعم التصدير فإنّ إصدار شهادات الإيداع يبدو قراراً مهما ومفصليا وجاء في وقت يبدو استقرار سعر الصرف الهدف الأهم والأسمى لتأمين الاستقرار في الدخل والمعيشة و الأسعار  .

إذا أثبتت حكومة المهندس عماد خميس مرّة جديدة امتلاكها لنهج اقتصادي " خلافا لما حاول البعض ترويجه "  قادر على مسايرة المتغيرات التي تفرضها ظروف الحرب ولعل اتخاذها لقرار إصدار شهادات الايداع وهو الذي وعدت به مطلع العام الحالي يشكل نقلة في سياستها النقدية و الاقتصادية ويؤكد امتلاكها خطة ورؤيا للاقتصاد والتدفق المالي .

  

كما أنّ سياستها التصديرية باتت تملك من النضج ما يجعلها قادرة على الإستمرارأكثر وبقوة  في نهجها القائم على تحريك العملية الانتاجية وتوسيع دعم التصديروالتوسع في وجهاته من العراق الى ليبيا فشمال أفريقيا وغيرها وحيث تبدو المنتجات السورية مرغوبة جداً .

وفي كل ذلك يمكن القول أنّ السوق مقبل على حالة مهمة من التوازن طوال الفترة القادمة فمع إصدار شهادات الإيداع والقرارات الأخرى التي صدرت ووسعت مساحة المرونة في تعامل الناس مع الحوالات ومدخراته من الدولار . يبدو قدوم شهر رمضان والمعلومات عن ازدياد عدد المغتربين هذا الصيف الى سورية فرصة حقيقية لتعزيز الاحتياطي لدى المركزي .

 هذا وكانت الحكومة رفعت سقف التصريف ليكون مفتوحا في مختلف المصارف السورية التي لن تتوقف عن التصريف والتعامل المرن بالحسابات بكافة انواعها في المصارف العاملة.

وفيما يتعلق بالحوالات المالية تم التأكيد على الاستمرار برفع جميع القيود عن الحوالات، بما يمكن أي متعامل مع المصارف وشركات الصرافة تصريف أي مبلغ يريده نقداً بالليرة أو الدولار بدون قيود أو شروط، ودون وضع حد معين لقيمة الحوالات أو عددها خلال الشهر، والذي قد تلجأ إليه بعض شركات الصرافة وفق ما يتناسب مع أنظمتها الداخلية، مع إمكانية التحويل والتصريف بأي عملة يريدها الزبون، وفي حال كانت الحوالة أكثر من 5 آلاف دولار فالخيار متاح أمام الزبون إما الاحتفاظ بها بالعملة الأجنية أو تصريفها بالليرة كاملة دون تجزئة.

كما يحق لمتعامل  مع المصارف خيار التصريف المباشر للحوالات المالية أو وضع المبلغ المراد تصريفه في حسابه ، مع التأكيد على أن الحوالات فورية حتى بين المصارف نفسها وذلك بالاستفادة من تقنيات التعامل الإلكتروني بين المصارف العاملة.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات