تنتشر في هذه الايام ظاهرة الدروس الخصوصية بشكل كبير ولجميع المراحل التعليمية ابتدءاً من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية متضمنة المرحلة الاعدادية والثانوية بشكل خاص حتى أصبحت هماً يضاف إلى هموم العائلة، ورغم الاعتراضات الكثيرة ومن كافة الأطراف  الحكومية منها والمجتمع والأهل أيضا، إذ تحولت المنازل إلى قاعات تدريس لطلاب ينشدون مع أسرهم تحقيق معدلات عالية في الشهادات العلمية وباتت كل أسرة في مجتمعنا تحسب ألف حساب لنفقات وتكاليف هذه الدروس لأبنائها و تعمل على تخصيص جزء لا بأس به من ميزانيتها الشهرية أو السنوية حتى لو كانت على حساب لقمة عيشها الكريم وكأن المبالغ الضخمة جدا التي تنفقها الدولة على قطاع التربية تهدر دون فائدة إلا أن هذه المشكلة تدعونا إلى الوقوف عندها مطولا لأسباب كثيرة أهمها حاجة الطلاب لتلك الدروس رغم أن المدارس الحكومية تؤكد أنها أنهت كامل المنهاج للطلاب.

وعن الدروس الخصوصية الجامعية تحدث الطالب باسل (اقتصاد) ل "سيريا ديلي نيوز" بقوله: أن هناك دكاترة في الجامعة تستغل هذه الظاهرة لابتزاز الطلاب من خلال الدروس الخصوصية مهددة ولو بشكل ضمني أن الطالب الذي لا يأخذ دروس خصوصية لن ينجح في المادة، في حين بينت الطالبة رولا (إعلام) أن هناك دكاترة تعمل وبشكل علني على الدروس الخصوصية والكلية تعرف بذلك ولا تحرك ساكنا.

بينما تحمل مرام (طالبة جامعية ) المسؤولية للمدرسين والدكاترة فالأستاذ يصل في بعض الأحيان إلى مرحلة من الملل بالمنهاج فهو يعيدها كل سنة ويعيدها في الدروس الخصوصية الأمر الذي يجعله يقدِّم المعلومة في المدرسة بطريقة -رفع عتب- ولكنه في المقابل لا يستطيع القيام بذلك في الدرس الخصوصي لأنه يتقاضى أجراً كبيراً على الساعة التي يقضيها مع الطلاب في الدروس الخصوصية.

إلا أن المشكلة في الدروس الخصوصية أنها خلال السنوات الأخيرة دخلت عالم البورصة وأصبحت أسعارها خيالية ووصلت إلى نحو 1500 ليرة للساعة الواحدة على الرغم من تحسن رواتب المدرسين مقارنة بالسابق، وطبعا ليس كل أولياء الأمور باستطاعتهم توفير الدروس الخصوصية لأبنائهم وهذا يعتمد على دخل المواطن، حيث توجد عوائل لا تستطيع حتى توفير نعمة التعليم لأولادها ولقمة العيش بسبب ضعف المستوى المعيشي.

تبرر الطالبة سارة (بكالوريا علمي) اعتمادها على الدروس الخاصة بالقول:نضطر لها بالمواد العلمية وذلك لعدة أسباب منها ما يتعلق بأساتذة بعض المواد وبعدد الطلاب في الصف، فبعض الأساتذة لا يعطون بضمير خلال الحصة ليجبروا الطالب على أخذ دروس خصوصية عندهم بطريقة غير مباشرة.

وتلفت سارة إلى أن عدد الطلاب الكبير في الصف تمنع بعض الطالبات من المشاركة أو الاستفسار في بعض الأحيان، وإن سألت كل طالبة سؤالا فستضيع الحصة لذلك في أغلب الأحيان لا يمكن للأساتذة الإجابة على الأسئلة لإنهاء المنهاج في الوقت المحدد هذا إن تمكنوا من إنهائه.

هذا ما تؤكده رانيا (ربة منزل وأم لثلاثة أولاد) بقولها: ابني الأول اجتاز مرحلة الشهادة الإعدادية وقد كلفني خلال شهر الامتحان حوالي 100 ألف ليرة سورية ، فالدروس الخاصة تجارة رابحة حيث يلجأ الأساتذة المشهورون إلى ثلاثة أنواع من الدورات لطلاب الشهادة الثانوية دورة عادية تمتد لشهرين وكل مادة يدفع الطالب لها 4000 ليرة، النوع الثاني دورات مكثفة مدتها 12 يوماً وكل مادة 3000 ليرة والنوع الثالث الجلسات الإمتحانية وهي تسبق الامتحانات بعدة أيام ولعدة جلسات وكل جلسة ألف ليرة.

وأردفت رانيا الأساتذة يقولون سنعطي الأشياء المهمة المتوقعة في الجلسات الإمتحانية، فهم لا يعطون كامل المنهاج بدورة واحدة وهذا يؤثر على الطالب الذي ينشغل ويرهق أهله مادياً بدورة ثانية وثالثة فالأساتذة يعتبرون هذا نوعاً من التجارة الرابحة مستغلين حاجة الطلاب فنرجو من وزارة التربية والجهات الحكومية المختصة تحديد سعر هذه الدروس وإلزام المدرسين بها.

في حين بين المدرس (حاتم .ع) ل بلدنا  قائلا : إن الدرس الخصوصي شيء عادي لأن الأستاذ لا يستطيع أن يعطي الطالب كل شي داخل غرف الصف نتيجة ضيق الوقت فالحصة الدراسية عبارة عن "45" دقيقة والأستاذ يجب أن يصحح الوظيفة للطلاب وأن يقوم بتسميع الدرس السابق وهذا يحتاج تقريباً لنحو 20 دقيقة، فالوقت المتبقي من الحصة لا يكفي لإتمام الدرس مما يضطر الأستاذ لشرح النقاط الأساسية حتى يستطيع أن يكمل المنهاج لأخر العام وكذلك عدد طلاب الصف الذي يتجاوز في بعض الأحيان 50 طالب في الصف الواحد وهذا الأمر يعيق المدرس في إنهاء الدرس.

وبدوره اعتبر مدرس الفيزياء والكيمياء في إحدى المدارس الحكومية (خالد .ح) إن الأسباب تتعلق بالطالب وأخرى تتعلق بالمناهج الدراسية الصعبة والكثيفة، وكذلك الأسرة والوسط الاجتماعي المحيط، وأضاف طبيعة المناهج والأسئلة التي توضع في نهاية العام الدراسي تحتاج لتفحص لا يدركها إلا الطالب الذي درسها خلال العام وإعادة المواد مرارا وتكرارا لذلك بات أمر الدرس  الخاص شيئاً شائع بين الطلاب لضمان النجاح.

أما أم أحمد وهي (والدة لطالبة بكلوريا علمي) فأنها تحسبها بطريقة اقتصادية: أنا أضع لابنتي أساتذة لكل المواد لأنني أريد أن اضمن مستقبلها في الجامعة بعلامات عالية عوضاً من أن تدخل جامعات خاصة أو في التعليم الموازي أو المفتوح لأربع سنوات التي ستكلفني أكثر من الدروس الخصوصية بكثير.‏

أما السيد حسام (أب لطالب في المرحلة الابتدائية) فيرى أن  المنهاج الجديدة التي دخلت على المنهاج التعليمية وعدم معرفة الأهل بها ليعلموا أولادهم ولا سيما إدخال اللغة الفرنسية في المراحل التعليمية كافة هو السبب الذي يدفع الأهل إلى اعتماد مدرس خاص لأولادهم وأضاف حسام لا ننسى أن هناك تفاوت في الاستيعاب بين الطلاب فأحدهم قد يكون قليل الاستيعاب ويحتاج لوقت أكثر من غيره وبذلك فهو بحاجة إلى أستاذ يقوم بشرح الدرس له وهذا من الأسباب التي تجعل من الدرس الخاص مفيد.

في حين أكد بعض الأهالي أن هناك مشكلة في المدارس الحكومية مردها، نقص الكادر التدريسي المختص وتكليف طلاب الجامعة لسد النقص، إضافة إلى صعوبة تدريس المنهاج الجديد ولذلك يلجأ الأهالي إلى المدرسين الخصوصيين سوءاً في المراحل الجامعية أو الإعدادية أو الثانوية على الرغم من إطلاق وزارة التربية القناة الفضائية التعليمية من أجل فائدة الطلاب وتخفيف الأعباء عن الأولياء والتقليص من الدروس الخصوصية.

في السياق ذاته برر البعض أسباب الدروس الخصوصية أن الطالب الذي يكون مستواه الدراسي ضعيفاً يضطر إلى الاستعانة بالدروس الخصوصية من أجل الحصول على النجاح، أما الطالب المتفوق فيستعين بها من أجل الحصول على التميز وهذا حق مشروع لكل منهم.

والحقيقة أن هناك بعض المدرسين ممن يوصفون بخمسة نجوم يعطون المواعيد على الهاتف وبعنجهية والأهل يستعطفونه من أجل ساعة واحدة فقط، حيث يؤكد أحد أولياء الأمور أنه بعد اتصالات حثيثة مع مدرس لمادة الكيمياء وافق على إعطاء ساعة فقط وبسعر التنزيلات 1000 ليرة، أما آخر فيقول إنه احتاج لمدرس لغة عربية لشرح القواعد لابنتيه ولكن المدرس اشترط عدم إعطاء المجموعة واشترط إعطاء ساعة لكل طالبة (لأن الطالبتين مجموعة) وألف ليرة للساعة، ولعل معاناة الطلاب والأهالي لا تنحصر في المدارس الحكومية بل تعدتها للخاصة فأحد أولياء الأمور يضرب الكف بالكف ويقول إنه دفع لابنته 100 ألف ليرة رسوم مدرسة خاصة، واليوم يدفع 1500 بالساعة للمدرسين الخصوصيين وكل ذلك لأجل أن تدخل ابنته كلية الصيدلة.

مديرة إحدى المدارس الحكومية قالت: هناك فجوة واسعة بين الطالب والمدرسة بمعنى أن الطالب يعتقد أنه متمكن من المادة طالما أنه تلقاها من خلال الدروس الخصوصية فيهمل واجباته المدرسية, ولا يهتم كثيراً بشرح المدرس بالصف, وعدم تجاوب الطالب مع المدرس يدفعه إلى الانقطاع خلال العام واللجوء إلى الإحالات الصحية.

ولفت المديرة إلى أن الدروس الخصوصية ترهق الطالب إذا لم يستطع التوفيق بينهما فعند الدوام صباحاً تراه متعباً يغلب عليه النعاس وهذه الظاهرة واضحة ومنتشرة في أغلب المدارس، وتابعت الحديث قائلة نعم من حق الطالب أن يستفيد من دورات التقوية ولكن ليس على حساب الدوام وأؤكد أن الأوائل في مدرستي هم الذين يلتزمون بالدوام كونهم يستفيدون منه وأضافت هناك سلبيات وإيجابيات للدرس الخاص ولكن السلبيات أكثر فمثلاُ الطالب لا ينتبه أثناء الحصة الدراسية لأنه يعرف أن هناك من سيعطيه الدرس في المنزل وهذا ما سيقلل من مستواه التعليمي أما الإيجابيات فالدرس الخاص للطالب قليل الاستيعاب في الصف مفيد له حتى يستطيع مواكبة ما يأخذه زملاؤه في الصف ولكن شرط ألا يكون على حساب المدرسة.

ففي الماضي كانت المدارس الحكومية تركض وراء الطلاب من أجل حضور الدورات التعليمية برسوم رمزية جداً وكان الطلاب الفقراء والبعض من الطلاب بالمجان، أما اليوم فأصبحت المسألة بالمقلوب وأصبح الطلاب يركضون وراء المدرسين.

syriadailynews

التعليقات