ملايين الدولارات! ستمر من بين أيادي أطفالك، وفي نهاية المطاف، سيرثون أيضًا أموالك التي كسبتها بكدٍّ وجِد؛ لذا يجب أن يكونوا جاهزين لإدارة أموالهم.

هكذا استهلت نانسي إل. أندرسون مقالها على موقع «فوربس»، إذ تعرض أهم الأفكار لتعليم الأبناء حسن إدارة الأموال. فتقول الكاتبة إن معظم الآباء –في واقع الأمر– لا يريدون شيئًا أكثر من أن يكون أبناؤهم بارعين في إدارة الأموال لكي يصبحوا ناجحين، ويستثمروا من أجل مستقبلهم، ويتبرعوا للأعمال الخيرية. ولتحقيق ذلك، على آبائهم أن يبدؤوا تعليمهم منذ نعومة أظافرهم، وأن يرشدوهم على طول الطريق.

ومع هذا، تشير الكاتبة إلى أن معظم الآباء يلتزمون الصمت بدلًا من ذلك، فوفقًا للدراسة التي أجراها معهد «كامبدن ويلث» المتخصص في الاستشارات المالية للعائلات الثرية، تحت عنوان «رحلة في معالم انتقال الثروة»، فإن 67% من العائلات الثرية قلقة حيال مشاركة تفاصيل الميراث المُحتمَل مع ورثتهم، مع أن جميع هذه العائلات تريد الحفاظ على ثروتها من أجل الأجيال القادمة.

اقرأ أيضًا: مترجم: 9 طرق لتأديب الأطفال بلا إهانة

وبحسب المقال، فإن مخاوف الآباء الأثرياء لها ما يبررها، فهم لا يريدون تثبيط هِمم ورثتهم، كما أن المشاكل المتعلقة بتفاصيل الميراث لم تُحَل تمامًا، إضافةً إلى أن الورثة يبدون صغارًا للغاية، ومع ذلك، يجب أن يدرك الورثة مسؤولياتهم حتى يكونوا مستعدين عندما يحين الوقت. وقد وجدت الدراسة أن 10% فقط من العائلات الثرية يشاركون تفاصيل الميراث كاملةً مع ورثتهم.

ويتابع المقال، يجب أن تكون هناك طريقة أفضل لإعداد الأجيال القادمة كي يُحسنوا إدارة الأموال. فتنقل الكاتبة عن دايفيد يورك، محامي تخطيط التَرِكات (وهو الذي يضع الخطة المناسبة لتقسيم الميراث وتنفيذ الوصايا) المقيم في ولاية يوتاه ومؤلف كتاب «الوكيل: التخطيط لتَركة تدوم»، قوله إن عملية تخطيط التركات تحتاج إلى خطوة أخرى، وهي «إعداد العائلة لإدارة الثروة، وليس فقط تهيئة الثروة من أجل العائلة».

وتبين الكاتبة أن تخطيط التركات التقليدي يعتمد على أعمار الورثة، فيتسلم المنتفعون الأموال حين يصبحون «كبارًا بما يكفي لإدارة أموالهم»، وغالبًا ما يُحدَّد السن اعتباطًا -بحسب الكاتبة- عند 30 أو 35 عامًا. لذا يقترح يورك إعداد الأجيال القادمة «حتى لا يجدوا أنفسهم مصدومين وغير جاهزين لما هو قادم» حين تُلقى عليهم كومة من النقود، فترى كاتبة المقال أن العمل في شراكة –كمُعلم مالي– مع أبنائك وأحفادك يمكن أن يعلمهم حسن إدارة الأموال في سن مبكرة.

وبحسب المقال، ينبغي لأولادك أن يكسبوا ويديروا أموالهم في عمر مبكر؛ فهكذا يبدأ العديد من الأثرياء رحلتهم وفقًا للدراسة التي أجرتها شركة «يو. إس. ترَست» في عام 2016، فتقول الدراسة: «في المتوسط، بدأ الأثرياء ادخار الأموال في سن 14 عامًا، وبحلول الخامسة عشر كانوا يكسبون المال من عملهم خارج المنزل».

ويوضح المقال أنه ليس عليك أن تكلف أولادك مباشرة بأعمال شاقة؛ ابدأ بخطوات صغيرة ثم ابنِ عليها بمساعدة المعلمين المحنَّكين، تمامًا كأي جزء آخر من تعليمهم. يحتاج الصغار أن يتعلموا كيفية إدارة الأموال وأن يدركوا قيمة الدولار الواحد، فما أن يُنفق، يذهب بلا رجعة؛ لذا فعليهم أن يحسنوا الاختيار.

اقرأ أيضًا: مترجم: 10 دروس نتعلمها من الأطفال
«الخبرة خير معلم»

يفيد المقال بأن إعطاء الأبناء أموالًا حقيقية كي يستخدموها ويتعلموا بها ويستثمروها ويخاطروا بها من شأنه أن يحدث كل الفارق؛ فالأموال الحقيقية تساوي دروسًا مالية راسخة.

ونعرض فيما يلي الأفكار التي ذكرتها الكاتبة نانسي أندرسون في مقالها، والتي من شأنها أن تساعد الأهل في تعليم أبنائهم كيفية إدارة أموالهم إدارةً حسنة، وقسمت الكاتبة أفكارها إلى ثلاثة مستويات: للمبتدئين، والمتوسطين، والمتقدمين.
1. اجعلهم يعملون من أجل الحصول عليها

فإذا كنت تعطي ابنتك المراهقة أو ابنك المراهق مصروفًا، فوظفه أو اجعله يعمل بدوام مؤقت، اجعله يكسب نقوده الخاصة. ومع ذلك، فأنت لا تزال الوالد، لذا فتابع ما يفعله بأمواله، وتأكد من أنه يدخر نصف ما يكسبه على الأقل لكي يستثمره، ويُبقي على النصف الآخر كي ينفق منه.
2. علِّمهم قاعدة «عدد ساعات العمل المبذول»

هذا التدريب تصنفه الكاتبة على أنه للمبتدئين. ويهدف إلى تحديد ما إذا كانت السلعة أو الخدمة تستحق الشراء أم لا، فتقول الكاتبة: أقم علاقةً بين ما يكسبه ابنك المراهق أو ابنتك المراهقة في الساعة الواحدة، وبين عدد الساعات التي يجب أن يعملها كي يدفع ثمن هذه السلعة أو الخدمة. وتضيف: اصطحبه في رحلة ميدانية إلى متجر المستلزمات الرياضية، ومتجر الملابس، وحتى إلى وكالة بيع السيارات.

احضر آلتك الحاسبة، واختر شيئًا يناسب اهتماماته، مثل رياضته أو هوايته المفضلة ­-ربما تكون التزحلق أو ألعاب الفيديو-، ثم احسب المبلغ الذي ينبغي أن يكسبه من كل ساعة عمل كي يشتري ما يريد.

فإذا كانت ابنتك تكسب 10 دولارات في الساعة من عملها جليسة أطفال، فسينبغي أن تعمل من 20 إلى 30 ساعة حتى تدفع ثمن أحذية التزلج التي تريدها، وإذا كان ابنك يكسب نفس الأجر في الساعة ويريد قميص توم برادي (لاعب كرة قدم أمريكية معروف)، فسينبغي أن يعمل مدة ست ساعات ليحصل عليه. اختر أي شيء -سيارة جديدة، مركب، منزل… إلخ- واربط بين سعر الشيء المراد شراؤه، وعدد ساعات العمل المبذول.

اقرأ أيضًا: مع القرود والذئاب.. 3 أطفال نشأوا في الغابات على طريقة طرزان
3. اجعلهم مسؤولين عن أحد بنود ميزانيتهم

خصصت الكاتبة هذا التدريب لمتوسطي المستوى. تقول الكاتبة: «عندما كنت صغيرة، كان والداي يعطياني مصروفًا للملابس، كان 25 دولارًا شهريًّا، وكان عليّ أن أشتري كل شيء بذلك المصروف -ملابس المدرسة، معطف جديد، كِنزة… إلخ-؛ لذلك كان عليَّ أن أتعلم كيف أدخر النقود من أجل مشتريات العودة إلى المدرسة، أو من أجل أشياء أغلى مثل سترة أنيقة، وغالبًا ما ينتهي بي الأمر مع ملابس داخلية وجوراب رثَّة؛ لأنني لم أكن أضع الأساسيات في الحسبان، ومع هذا فقد كان في المجمل درسًا جيدًا».

ابدأ بأشياء بسيطة واعمل عليها مع أولادك: إحدى هذه الطرق أن تجعلهم مسؤولين عن مستلزمات دورة المياه، فأعطهم ميزانية شهرية من أجل شراء الصابون ومعجون الأسنان ومستحضرات العناية بالشعر. ويمكنك أن تعلمهم تعظيم القوة الشرائية لنقودهم عن طريق شراء المنتجات التي عليها تخفيض في السعر، واستخدام كوبونات الخصم، وشراء منتجات غير مشهورة بدلًا من منتجات الماركات العالمية.

علِّمهم ألا يسرفوا، لذا فحين يشترون شامبو الشعر الخاص بهم، سيستخدمونه حتى آخر قطرة! بل وسيخففونه بالماء بدلًا من رمي العبوة وفيها قطرة شامبو باقية في القاع. وعندما يتمكنون من تحقيق فائض في الميزانية، اجعلهم يحتفظون بالفائض؛ بل واحتفل معهم إذا كانوا يريدون إنفاق الفائض على أنفسهم؛ فقد استحقوه بِحُسن إدارتهم للمال.

ومع تقدمهم في العمر -تقول الكاتبة- وسِّع نطاق مسؤولياتهم حتى يكونوا هم من يديرون نفقاتهم قبل مغادرتهم إلى المعهد أو الجامعة.
4. استثمروا سويًّا.. ابدأ مشروعًا مشتركًا مع ابنك أو ابنتك

تخصص الكاتبة هذا التدريب للمستوى المتقدم. فبحسب المقال، يقترح يورك تأسيس شركة عائلية ذات مسئولية محدودة يمولها ولدك بمبلغ يتناسب مع عمره، لتكن 100 دولار، ويُعيَّن الوالد مديرًا للشركة، ومن ثَمّ يقرض الشركة الأموال اللازمة.
Embed from Getty Images

على سبيل المثال، يضع الابن 100 دولار من مصروفه في الشركة، ويقرض الوالد الشركة 900 دولار؛ فيصبح لديهما استثمار بقيمة 1000 دولار، ثم يقرران باعتبارهما فريقًا أين يستثمران أموال الشركة، في استثمارات تقليدية، مثل: الأسهم، أو سندات صناديق الاستثمار المشترك، أو العقارات، أو المشاريع الصغيرة.

يتعلم ولدك فيضًا من الدروس من عمله إلى جانبك، ويرى يورك –وفقًا للمقال– أن هذا بمثابة «معمل، حيث يتعلم جيلٌ من جيلٍ آخر»، فرائد الأعمال الشاب يمكنه أن يؤسس مشروعًا، والفنان يمكنه أن يشتري ويبيع لوحات فنية، والمستثمر الطموح يمكنه أن يختار الاستثمار في قنوات الاستثمار التقليدية مثل صناديق الاستثمارات المشتركة.

وتلفت الكاتبة إلى أن كل خيارات الاستثمار تتوقف على اهتمامات أبنائك، فيستفيد الابن من عائد الاستثمار، والقدرة على اتخاذ القرارات التي تتعلق بالاستثمار، ويتعلم العديد من طرق/ وسائل/ فرص الاستثمار المختلفة.

وتختتم نانسي مقالها قائلةً: «يبدأ أبناؤك على دراجة أطفال ذات ثلاث عجلات، ثم ينتقلون إلى دراجة ذات عجلتين مزودة بعجلتين إضافيتين صغيرتين لحفظ التوازن، وفي النهاية، تخلع عجلتي حفظ التوازن وتركض إلى جوارهم حتى ينطلقوا، وتتوقف أنت وأنفاسك متقطعة، منحنيًا ويداك على ركبتيك. فتدريب أبنائك لكي يحسنوا إدارة أموالهم هو الشيء نفسه. ابدأ منذ نعومة أظافرهم، وارشدهم على طول الطريق حتى يكونوا مستعدين لمجابهة التحديات التي ستواجههم».

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات