وهج الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار خبا خلال الفترة الماضية بشكل كبير ما يوحي  بانحسار دورها لاعتبارات ربما تتعلق باتباعها لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وبالتالي فقدانها المزيد من صلاحيتها المفترض أن تتوازى مع ما تصدره من قرارات ذات صبغة قضائية، أو أنها في طور الإعداد لبرنامج عمل يتضمن آليات تعاطي استثنائية مع مفرزات السوق المتذبذبة وفق أمزجة رموزه ورواده..!.
وعلى الرغم من تأكيدات الهيئة بين الفينة والأخرى التي لا تخرج عن سياق توافر المواد والسلع الأساسية في أسواقنا، وأن الاحتكار الفعلي أي بمعنى “حبس مادة ما” في حدوده الضيقة، وأن السوق مفتوحة لكثير من البضائع والسلع، إلا احتكار القلة التي تقر الهيئة شرعيته والمتمثل بتحكم أربعة أو خمسة من التجار بسلعة ما في السوق كأن يتفق مثلاً تجار السكر أو الحديد ..الخ بأن يتحكموا بسوق السلع والمواد التي يتاجرون بها ولو على حساب خدمة المستهلك، يكفي لإحداث خلل بانسياب هذه السلع..!.
والمبرر لهذا الواقع  حسب البعث ربما  يعود بالدرجة الأولى الى أن المنافسة غير قائمة بشكل مطلق، كون أن الدولة لا تزال تتدخل بفرض الأسعار التي تحول دون الوصول إلى مستوى السوق المفتوح تماماً، ولا إلى مرحلة اقتصاد السوق الاجتماعي الذي يستند بالأصل على ثلاث نقاط أساسية أولها: التحويل أي أن كل ما يستطيع القطاع الخاص القيام به يجب أن يحول إليه.
 ثانياً: أن تتدخل الدولة وتضع الضوابط والتشريعات القانونية التي تحكم هذا السوق باعتبارها لاعباً أساسياً في السوق من خلال هذه القوانين.
 ثالثها: تأثر بعض الطبقات الاجتماعية من هذا الاقتصاد الذي يفرض على الحكومة تأمين المسكن والمأكل لهذه الطبقات من خلال دعم مدروس بحيث يصل الدعم إلى مستحقيه.
 فغياب أي عامل من هذه العوامل كفيل بإحداث انزلاقات باتجاه الاحتكار، وتشويه المنافسة، وحتى لا نجانب الحقيقة علينا الاعتراف بأن تداعيات الأزمة ساهمت بشكل ملحوظ بتضعضع أسس اقتصاد السوق، وإعادة النظر بنأي الدولة عن التدخل بالأسعار، ما انعكس بالمحصلة على واقع المنافسة لصالح الاحتكار..!.
 واقع الحال هذا يستوجب من الهيئة تعزيز مكانتها في السوق كذراع حكومي ضارب لأي احتكار كان، ونأمل أن يكون انكفاؤها عن الساحة مؤقتاً ويأتي في سياق إعادة ترتيب البيت الداخلي، والإعداد والتحضير لآليات عمل استثنائية تبتر أية محاولة احتكارية، تحول دون شفافية ونزاهة المعاملات التجارية في الاقتصاد الوطني..!.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات