مالكو العقارات التجارية المؤجرة قديماً يشعرون بالغبن الشديد لعدم قدرتهم على استعادتها وبسبب الفرق الشاسع بين ما يتقاضونه من بدلات إيجار بحكم دعاوى التخمين وما تساويه إيجارات عقاراتهم على أرض الواقع بأسعار اليوم.
المواطن محمود نظيف صاحب عقار تجاري في جادة العاني/شارع بغداد بدمشق مساحته 40م2 يقول: في العام 2015 رفعت دعوى تخمين على المستأجر وحكمت المحكمة مؤخراً برفع الأجرة من 38 ألفاً في السنة إلى 105 آلاف في الوقت الذي يؤجر فيه المحل اليوم بما لا يقل عن 2مليون ليرة في السنة أي ما يعادل 160 ألفاً في الشهر، مطالباً بزيادة الأجرة بشكلٍ معقول ومنصف بين المالك والمستأجر.
المشكلة الكبيرة ل استرداد المالكين لعقاراتهم التجارية المشمولة بأحكام التمديد الحكمي أي محلات الفروغ لم تجد الحل إلى الآن، في حين حُلت مشكلة العقارات السكنية بعد صدور القانون رقم 6 لعام 2001 والذي منح المالك حق استرداد حيازته لعقاره السكني المشمول بأحكام التمديد الحكمي مقابل التعويض على المستأجر أو الجهة المستأجرة بمبلغ يعادل 40% من قيمة العقار، وتالياً أبقى القانون لمستأجر العقار التجاري حق الاستعصاء وحرية القبول أو عدم القبول بما يسمى الفروغ مهما كانت قيمته وبكلمة أخرى بقي المؤجر تحت رحمة المستأجر مهما وقع عليه من غبن.
المواطن نورس عبيد مالك لأحد العقارات التجارية على الشارع العام في مدينة جرمانا ويتقاضى أجرته فقط 2500 ليرة في الشهر بينما تزيد أجرته الحقيقية اليوم على 200 ألف في الشهر،
وبالرغم من  صدور قانوني الإيجارات رقم 10 لعام 2006 ورقم 20 لعام 2015 بقي وضع العقارات التجارية المشمولة بأحكام القانون رقم 111 لعام 1952 على حاله باستثناء حالة رغبة صاحب الفروغ ببيع فروغه، حيث أعطى القانون رقم 20 المالك حق أولوية شراء هذا الفروغ المعروض للبيع أو الاستفادة بـ 10% منه، أما في حال لم يرغب المستأجر ببيع فروغه فلا يستطيع المالك إخراجه من محله حتى ولو بقي المستأجر فيه لعشرات ومئات السنوات .
المتقاعد حيدرة بعيرة وهو من سكان حي الصالحية بدمشق ويملك مع أبناء عمومته عدة محلات في شارع الحمراء بدمشق قد ورثوها عن آبائهم وجميعها مؤجرة قديماً منذ ستينيات القرن الماضي، يقول: عمري الآن 70سنة ولدي أولاد وأحفاد، وكذلك أولاد عمي
و90% من مستأجري التمديد الحكمي لا يفرغون أو يخلون محلاتهم ويورثونها لأولادهم وأحفادهم، وأضاف: من المفروض أن يصدر قانون يفسخ العلاقة الإيجارية التجارية يحصل المستأجر بموجبه على 40% من قيمة العقار في حال كان قد دفع فروغاً، وإذا لم يكن قد دفع فروغاً لا يحق له أن يتقاضى أي تعويض، يكفي أنه كان يستغل المؤجر كل هذه الفترة ويستفيد منه بشكل شبه مطلق.
أرقام خيالية وابتزار للمالكين
المستأجرون المستعصيون يطلبون أرقاماً خيالية من أصاحب الملك مقابل تسليم المحلات لأصحابها، السيد أُبيّ القاق يملك محلاً على الشارع العام مؤجراً منذ ثمانينيات القرن الماضي يقول: المستأجر الحالي طلب ثمن فروغ المحل الذي تبلغ مساحته 30 متراً مربعاً 50 مليون ليرة فإذا علمنا أن سعر متر المحل بيع وشراء في هذا المكان بحدود المليون ونصف المليون في أحسن الأحوال فإن المستأجر يكون قد طلب ثمن فروغه أكثر مما يساوي سعر المحل بكثير مقابل تسليمه لنا.
الخبير والمقّيم العقاري المهندس عيد برهوم رأى حسب تشرين  أن ازدياد الطلب على المحلات التجارية يؤدي حكماً إلى رفع قيمة الفراغ ولكن عندما يتجاوز الفراغ القيمة التقديرية للمحل فهذا استغلال ومكسب غير شرعي ومن دون أدنى رادع أخلاقي أو قانوني، مكرراً حاجتنا إلى قانون فصل العلاقة الإيجارية للعقارات التجارية و تطوير القوانين بما يتواكب مع العصر الحالي وتطور المجتمع وزيادة نشاطاته الاقتصادية وتنوعها.
عقود استثمار وهمية
عدد كبير جداً من المستأجرين القدماء للمحلات التجارية لا يعملون فيها بل يقومون بتأجيرها بعقود محاصصة واستثمار وهمية لا تسجل عند أي جهة حكومية ولا يستوفى منها أي رسوم، وقد زادت نسبة هذه العقود كثيراً بعد صدور القانون رقم 20 لعام 2015 ما يعني أن القانون الأخير بمنحه المالك حق أولوية شراء الفروغ أحرج صاحب الفروغ لأنه سيفصح عن قيمة الفروغ الحقيقية وسيترتب عليه دفع الرسوم الحقيقية المستحقة للدولة من قيمة بيع هذا الفروغ، ما جعلهم يلتفون على القانون عبر تأجير عقاراتهم بعقود استثمار وهمية بدلاً من بيع فروغها.
أحسان شعيب يملك مع إخوته عدة محلات تجارية على شارع عام يقول: لدينا أربعة محلات مستأجروها الأساسيون لا يعملون فيها بل يقومون بتأجيرها للغير بما يتراوح بين 150-200 ألف في الشهر عبر عقود شراكة محاصصة وهمية بينما يعطوننا عن كل محل 50ألف ليرة في السنة الكاملة.
الخبير العقاري نسيب الشيخ قدّر أجرة المحلات التجارية على الشارع العام فيها بين 125 و 250 ألف ليرة، مضيفاً أن الوضع الحالي لقانون التمديد الحكمي غير عادل على الإطلاق، ومشيراً إلى أن 60% من مستأجري المحلات التجارية القدماء لم يدفعوا فروغاً لأصحاب ومالكي العقارات الحقيقيين.
وأوضح الشيخ أن مستأجر العقار التجاري المستعصي لا يخلي ولا يدفع الأجرة الحقيقية والمناسبة لقيمة العقار ولا يوجد قانون يلزمه بالخروج منه، مقترحاً أن يعوض القانون على المستأجرين القدماء بـ10% من قيمة العقار التجاري لأن هذه النسبة تساوي مالياً ما نسبته أكثر من 50% من العقار السكني.
طارق عبيد مستأجر لمحلين على الشارع العام في جرمانا وقد دفع ثمن فروغهما سابقاً
يقول: حرامٌ أن يبقى المتسأجر مستحوذاً على المحل، مقترحاً أن يصدر قانون يفسخ العلاقة الإيجارية مقابل أن يعطى للمستأجر نسبة يحددها القانون من قيمة العقار ولصاحب الملك مع أحقيته بالاحتفاظ بملكيته للعقار.
هناك الكثير من مستأجري المحلات التجارية المشمولة بأحكام التمديد الحكمي يملكون عقارات تجارية في المنطقة ذاتها والمثير للدهشة أن القانون لا يسمح بإخلاء هؤلاء أسوةً بما يسمح به للعقارات السكنية حتى ولو أثبت المالك أن المستأجر يملك عشرات المحلات في المنطقة ذاتها وحتى لو كان العقار الذي يملكه المستأجر مجاوراً للمحل الذي يستأجره. كما أن هناك العديد من المحلات التجارية المؤجرة قديماً مغلقة ولا يستثمرها مستأجروها بأي حرفة أو تجارة أو صناعة وإنما يتاجرون بفروغها.
عضو مجلس الشعب ونائب رئيس اللجنة الدستورية فيه شحادة أبو حامد توقع أنه في الأيام القادمة سيعاد النظر بقانون الإيجار رقم 20 لجهة حالات التمديد الحكمي التجارية، لافتاً إلى أن صاحب الملك له الحق في استرداد ملكيته لعقاره ولكن بشرط إنصاف المستأجر، مؤكداً أن القانون لن يغفل هذا الشرط وسيحفظ حقوق الطرفين.
تمنى أبو حامد أن يتساوى القانون السكني مع التجاري في هذه الحالة وأن يعاد النظر بالقانون وتطويره بما يتمشى مع العصر، لافتاً إلى أنه يجب تطوير وتحديث القوانين بشكلٍ دوري إذا كان هناك ما يستوجب الدراسة والتطوير.
وأضاف أبو حامد أنه كما أعطى القانون رقم 20 لعام 2015 الحق لمالك العقار السكني ابتداء من تاريخ 1/1/2018 باسترداد عقاره المؤجر لأحزاب سياسية أو للجهات العامة ومؤسسات القطاع العام والمشترك أو المنظمات الشعبية أو النقابات والمشمولة بأحكام التمديد الحكمي مقابل التعويض على الجهة المستأجرة بمبلغ يعادل نسبة 40% من قيمة العقار ينبغي أن يعطى هذا الحق أيضاً لمالك العقار التجاري، موضحاً أنه إذا أصبح هذا القانون شاملاً لجميع العقارات التجارية والصناعية يكون قد حقق التوازن بين المالك والمستأجر وأنصف الطرفين.
وأوضح أن من الناحية الإنسانية صدور قانون بفسخ العلاقة الإيجارية التجارية القديمة كان أولى من صدور قانون فسخ العلاقة الإيجارية السكنية، لأن مستأجر العقار السكني يسكن فيه مع عائلته ويشغله ليأوي أسرته، ومعظم مستأجري البيوت القدماء هم من الفقراء، أما مستأجري المحلات التجارية معظمهم إما من التجار والأثرياء ويستخدمونه للتجارة في معظم الأحيان أو من الصناعيين والحرفيين الميسورين، لكن الذي حدث مع صدور القانون رقم 6 لعام 2001 هو العكس، حيث قبل المشرع أن يخرج المستأجر من البيت الذي يسكنه مع عائلته مقابل التعويض عليه بـ40% من قيمة العقار ولم يقبل بخروج التاجر أو الحرفي أو الصناعي الميسور من المحل الذي يشغله.

 

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات


HABIB
من الطبيعي ان يسترجع المالك حقه من دون تعويض للمستأجر وذلك بسبب استفادة المستأجر من العقار التجاري لمدة طويله وايضا عقوبة لقلت أخلاقه وطمعه الزايد بتمسكه بشئ ليس له