الحكم الدولي السابق جمال الشريف واحد من ألمع الشخصيات الكروية عالمياً، فقد شارك بتحكيم مباريات المونديال لثلاث بطولات متتالية، وكانت له بصمة واضحة فيها، إضافة لكونه محللاً تحكيمياً بارزاً على مستوى العالم.

الشريف وفي حوار خاص تطرق إلى ملاحظات عديدة سجلها على أداء المنتخب الوطني في مبارياته الأخيرة، وأبدى رأيه في كثير من القضايا التي طرحت عليه.
الحكم الدولي السابق يبدأ حديثه بتناول الملاحظات حول أداء المنتخب، فيشير إلى أنه في د.107 من عمر مباراتنا الأخيرة مع أستراليا لم يحتسب الحكم ضربة جزاء على لاعبنا تامر حاج محمد الذي عرقل اللاعب الأسترالي بطريقة بدائية، ولم يتجنب الاحتكاك لغياب المرونة عنه والتصرف الصائب، وانصرف لاعبونا بمطالبة الحكم بإنذار اللاعب الأسترالي، وهذا تصرف غير مثالي وكان يجب أن ينتبهوا للعب أكثر، والحكم خاف أن يتخذ قراراً مصيرياً باحتساب جزاء، وأن يكون طرفاً في الحسم، فلم يتخذ القرار.
وكانت هناك لمسة يد على جهاد الباعور، واللمس لم يكن مقصوداً، والحكم قريب من الحادثة
وحول مسألة تبديل الحكم قال: التبديل وارد في قانون اللعبة، وحدثت في مباريات عديدة، ويبدو أنه كان يعاني من شد عضلي، ولم يعلن عنه قبل المباراة وتحامل على أصابته، والمشكلة في هذه المباراة أنها مصيرية والحكم الرابع لم يكن بجو المباراة.
وحول  حالة طرد محمود المواس من المباراة، بين أن المواس كان مندفعاً من دون حذر "قطار وماشي" واستحق إنذارين على أخطاء من المفترض ألّا يرتكبها لاعب محترف، واحد في وسط الملعب تقريباً، والثاني لم يكن له ضرورة نهائياً عندما عرقل لاعباً لا يشكل خطورة على مرمانا محاصراً بخط التماس وظهره للمرمى فضربه على قدم الارتكاز، وحتى عمر خريبين في مباراة الذهاب مع أستراليا أخذ إنذاراً "ببلاش" وحرم الفريق من جهوده.
وأضاف حسب الايام : فرصنا كانت هبات وليست نتاج عمل فني بحت، نهاجم ثم نتراجع، وهذا الأداء غير مرضٍ، من المفترض أن تعرف خصمك وتعد العدة لمواجهته، لكونه فريقاً سريعاً ويلعب أمام جمهوره.
عموماً كان الاندفاع والحماس طابع الأداء.
المشكلة أننا لم نتعلم ونحاول أن نصحح أخطاءنا في المباريات التنافسية، ومن مباراة إيران وحتى أستراليا كان هناك فاصل معقول من الزمن لم نستغله للعب مباراة تحضيرية.
أما قصة رش الملعب بالماء، فكشف الشريف أنه من حق أي فريق أن يرش ملعبه بالماء، وحتى بين الشوطين، إنما المشكلة أنه لم ينتبه أحد من الجهاز الإداري للموضوع، وكان يجب أن يوجد إداري لمراقبة الملعب لا أن ينزل للمشالح، ويخبر فريقه بما حدث، لكي يتم أخذ الاحتياطات اللازمة ومعالجة الموضوع واستبدال الأحذية مثلاً.
لو كان التركيز أفضل في مباراة الإياب لكانت النتيجة مغايرة، ولكن الجميع انصرفوا للتفكير بأخطاء الحكم والاعتراض وتبديل الحكم ورش الماء، والبحث عن شماعة للأخطاء.
الفريق الأسترالي أفضل منّا، والميزة أن فريقنا يملك مواهب جيدة ولاعبين يلعبون بدوريات خارجية ويتلقون جرعات تدريبية عالية وحياتهم مستقرة مادياً وفنياً وتدريبياً، ويحتاجون لمن يحسن إدارتهم، وكان لدينا نقص في التشكيلة، وهذا واضح تماماً.
الخريبين خرب على حاله وعلينا في المباراة الأولى مع أستراليا وأخذ إنذاراً مجانياً، مع أنه يعرف أن لديه إنذاراً سابقاً، ولو أنه وجد لخفف الضغط والرقابة عن السوما.
لا يوجد لدينا مدربون صراحة، والأكفاء خارج البلد، التدريب علم قائم بحد ذاته، والمدرب يجب أن يتقن اللغة الأجنبية لكي يطلع على الجديد دائماً ويقرأ المراجع.

مدربونا بسطاء وأنديتنا فقيرة وهذا ينعكس على تنشئة اللاعب منذ الصغر، ومؤهلات المدرب تنعكس على اللاعب.

لا يوجد اهتمام بفرق الصغار، والمدرب الذي تريد الإدارة التخلص منه تزج به في فرق الصغار، وهو لا يفقه شيئاً بعلم التدريب.

ولا أنكر أن بعض مدربينا تطوروا عن ذي قبل، واجتهدوا وتابعوا دورات خارجية متقدمة

يجب أن نركز على الإيجابيات ونطورها لكي تتطور اللعبة ويستمر المنتخب، ونستغل الفرصة كاملة، لكي يبقى المنتخب متماسكاً، وما قدمه كان أكثر مما هو متوقع.

الأداء الإداري يجب أن يتطور أكثر مع المنتخبات وهو ليس فقط الجلوس مع الاحتياط بالملعب أو رفع اليد و"الشوبرة" بل تحضير كل أسباب الراحة والانضباط ومعرفة اللوائح والمسابقات وكل التفاصيل المهمة.

سأتحدث في خاصية سيزعل منها البعض، وهو أن استدعاء عمر السوما والخطيب في اللحظات الأخيرة خطأ كبير، كان يجب أن يتم حله بوقت مبكر، وكنّا حققنا الأفضل، لأن هدّافاً مثل السومة يستحق الاهتمام أكثر، والقضية الأساسية أن الأشخاص أنفسهم الذين يتم وصفهم أنهم عملوا واجتهدوا في المباريات الأخيرة هم من كان يعوق العمل في البداية، هل كان وراءهم أحد يقول لهم تصرفوا هكذا؟ لاأعرف بالضبط.

السوما لديه شعبية، وأي لاعب لديه رغبة أن يلعب بالمونديال، ومصلحة السوما مع المنتخب، ولديه حسابات مهمة كثيرة، وهو شاب بسيط جداً، ولو أنه كان مع المنتخب منذ البداية لأخذ فرصته مع أحد الأندية الإنكليزية ، ولا أعتقد أنه سيضرب مصلحته بهذه السهولة، كما أن فرصته في لقب أفضل لاعب آسيوي عبر المنتخب، لذلك كان يجب حل مشكلته بشكل مبكر، والجميع يقطف ثمرة إنجازه، لو وجد من يعرف كيف يتعامل معه

كان يجب الاعتراض عليها والطلب أن نلعب الذهاب بأستراليا والإياب بماليزيا لكونك تلعب خارج أرضك، ولو كان هناك من يحسبها جيداً لاعترض منذ البداية، لأن ماليزيا ليست أرضنا بالفعل هي أرض محايدة ولا جمهور لنا فيها، وهو موضوع إداري وأن تستعمل كل أوراقك المتاحة، لا أن يترك الموضوع على المدرب لوحده، وقد يتم أخذ الموضوع بعين الاعتبار، وقد حدث معنا عندما اعترضت العراق علينا عام 1986 ولعبنا في الطائف بدل دمشق.

في ظل هذه العقلية التي تدار بها اللعبة لا يمكن الوصول لمستوى كروي متقدم وأن وصلنا فهي عبارة عن طفرات واستثناءات، تصل مرة وتغيب 20 مرة، نعيش على الفورات من دون تخطيط ونحتاج لأساس متين وعمل صحيح، والارتجالية سأذكر مثالاً جعلنا أضحوكة في العالم، هل يعقل أن يراسل سكرتير الاتحاد من تلقاء نفسه المدرب مورينيو من دون معرفة باقي الأعضاء، ويطلب منه أن يدرب منتخب سورية، ويتباهى بالموضوع، الرسالة وصلت لمكتب مورينيو وردوا بكل لباقة، ولكن ليس أن تستعمل الموضوع من أجل ضجة وشهرة، وأنت تدرك أنه غير وارد بالمنطق، والظروف كلها غير مواتية ولا يمكن أن ندفع له ربع ما يتقاضاه من مانشستر، وهو بالأصل لا يعمل إلّا في ظروف احترافية نموذجية ولاعبين كبار، وهذا يدلل على أن الاتحاد يدار بعقلية فردية، وكان من المفترض أن تتم المساءلة حول هذا الموضوع بالذات، وحتى موضوع مراسلة لاعب بحجم عمر السوما لايمكن مراسلته واستدعاؤه بهذه الطريقة التي تمت سابقاً وعرقلة حل المشكلة لوقت متأخر، بسبب الفردية والمزاجية، ولو كنت مكان بعض أعضاء الاتحاد الذين لا دور لهم باتخاذ القرارات لوضعت المفاتيح على الطاولة وخرجت من الاتحاد بكل احترام.

ولا يمكن القول إن مستوى اللاعبين أعلى من مستوى المدرب، فقد لا يكون لديه تاريخ تدريبي، أو إنجازات ولكنه اجتهد وتابع دورات وأخذ شهادات وعمل معايشة مع فريق أوروبي بالإمارات وبذل مجهوداً لابأس به مع الفريق.

عندما وضع المدرب نزار محروس شروطاً لكي ينجح ويعمل لماذا قوبل بالرفض، وما كان ممنوعاً بات مسموحاً، وقد تكون القصة ليست بيد الاتحاد حينها، ولكن كان يجب أن يتعاملوا معها بشجاعة لتذليل أي عقبة، فالمنتخب يستحق أن نوفر له كل سبل النجاح، كان من المفترض برئيس المنظمة وهو الأقرب للمعنيين أن يذلل كل العقبات من أجل المنتخب ويعالج الأمور بطريقة سليمة لمصلحة الوطن، والدليل أن ما كان يعارض وجوده علناً انحلت مشكلته إنما بوقت متأخر، وأوصلنا للملحق المونديالي
-اختيار قيادات ذات كفاءة عالية لقيادة اللعبة وتمتلك تصوراً وفكراً متنوراً ومتجدداً وقادرة على الابداع، والابتعاد عن المحاباة والمصالح الشخصية في الاختيار.
-الاهتمام بقواعد اللعبة من خلال الأندية، وإجراء مسابقات لها لتنعكس على المنتخبات.
-إعلان كلمة الفصل في طريقة تمويل الأندية ومصادرها المالية وهل يتم الاعتماد على التشاركية أم من المنظمة أو بالموارد الذاتية.. وبحثه بشكل موسع وجدي، وإشراك القطاع الخاص به ليكون فاعلاً.
-توفير منشآت للأندية وكيفية إدارتها.
-تأهيل الكوادر ومساعدتها بالاشتراك بدورات عالية المستوى في مختلف الاختصاصات.
وللأسف نجد اليوم خمسة من أصل سبعة في إدارات الاندية ليس لهم علاقة بالرياضة سوى "البريستيج" والمنافع الشخصية.
عملت بظروف صعبة، لم يكن شيء موجوداً في الاتحاد حينها، لا أرشيف ولا مراجع ولا أي شيء يخص التحكيم لأن كل من يعمل يأخذ معه كل شيء عندما يترك العمل، أسست لكل هذه الأشياء وأقمنا دورات تدريبية عالية المستوى للحكام وعملنا اهتماماً للنخبة والموهوبين، والأهم عملنا حماية للحكم من أي تهور أو ضغوط خارجية ومساعدته في حل كل مشكلاته حتى لا يتعرض للابتزاز من أحد.
غياب التحكيم السوري عن الميادين العالمية بسبب الإهمال، وعدم تقديم الرعاية الكاملة للحكم الذي لا يجد في الاتحاد ما يساعده على التطوير من مراجع ومحاضرات دولية وأشرطة فيديو، كنّا نبحث عن الحكام المواهب ونؤهلهم، وبعض الحكام لا يريدون مغادرة اللائحة الدولية ويزور عمره لأجل ذلك ولا يتيح الفرصة لغيره، والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة للحكم، والتألق والمتابعة يجب أن تكون هاجساً شخصياً للحكم كي يندفع أو يتابع لو أراد ذلك مهما كانت المعوقات، كما كان في أيام الثمانينيات، كما أن شخصية العميد فاروق بوظو النافذة في الاتحادين الآسيوي والفيفا ساهمت بوصول الحكام إلى البطولات العالمية، وتأمين كل ما يهم الحكم
جمال الشريف، حكم كرة قدم سوري دولي من مواليد 1956.
حكم في بطولات دولية عديدة منها بطولة كأس العالم لكرة القدم 1986 وبطولة كأس العالم لكرة القدم 1990 وبطولة كأس العالم لكرة القدم 1994، كأس العالم للشباب 1985 في الاتحاد السوفييتي، الدورة الأولمبية في سيئول 1988 وأدار فيها مباراة الاتحاد السوفييتي وإيطاليا في الدور نصف نهائي، كأس آسيا مرتين الأولى في هيروشيما 1992 وأدار النهائي وبالتالي يكون أول حكم سوري يشارك في النهائيات وأول عربي يقود النهائي الآسيوي، وشارك في نهائي كأس آسيا في الإمارات 1996 وشارك أيضاً في نهائيات كأس الأمم الإفريقية في الجزائر 1990 وتونس 1994 إضافة للكثير من البطولات الآسيوية والعربية.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات