وزارة الصحة تدرك حجم المعاناة  الذي يعاني منها قطاع المشافي والمراكز الطبية والمستوصفات، نتيجة النقص في عدد الأطباء ولاسيما المتخصصين منهم، حيث تصل الأمور إلى مستويات من الحدية بمكان تجعل مسألة “قرع الناقوس” أولوية تدفع القائمين على الشأن الصحي ومعهم صناع القرار في وزارة التعليم العالي، إلى إعلان خطة سريعة تعيد ترميم وترقيع ما كان يشكّل أسطولاً في مسك دفة “العافية والصحة” لدرجة وجود فائض كان يصدّر إلى دول الاحتياج والعوز.
مع سنوات الحرب تبدو الصورة مقلوبة، إذ تسبّبت الهجرة التي أصابت شرائح الأطباء في مقتل بحصول حالة أزمة كبيرة  لدى المشافي ولاسيما التخصصية منها، وباتت الحاجة ماسة إلى ضخ كوادر وكفاءات حديثة التخرج من الجامعات الطبية حيث تحرص سياسة “التعليم العالي” هناك على أن تكون المخرجات بمقاييس وجودة مناسبتين لدعم القطاع وليس الإساءة إليه وتدميره، ولهذا كانت احترازات “السنوات التحضيرية” للكليات الطبية، بما يؤكد أن اللعب على وتر الحاجة سيعطي نتائج فاشلة وقاتلة لمؤسسات طبية تقضي المسؤولية النهوض بها وليس الإجهاز عليها بمَن لا يستأهلون صفة “طبيب”؟.

عبر فعاليات ونشاطات طالما يشكّل “الإعلام” شاهداً ومشاركاً بها تصل مستويات العرض والتوصيف والحلول إلى درجة مهمة جداً، لا بل حساسة في شفافية ووضوح أجهزة ودوائر صناعة القرار الإداري والإعلامي في وزارة  الصحة وشركائها المحليين والإقليميين مدعّمين بالعلاقة مع منظمة الصحة العالمية، حيث للتقييم والمكاشفة والرصد والتوعية الاجتماعية أولوية يشتغل عليها المهتمون والخبراء وأصحاب المشورة تنفيذياً وطبياً وإعلامياً وأممياً.
ومن خلال معاينة مجريات البرامج والورش وتلقّف تفاصيل الندوات المكثفة، تحضرنا في جزئية المعاناة النفسية واختزال عديد الأطباء أرقام خطيرة قدّمها مدير الصحة النفسية في وزارة الصحة عندما دلّل على وجود 70 طبيباً نفسياً فقط على مستوى سورية، في زمن تعلو وتتعاظم فيه الحاجة الماسة إلى هذا الاختصاص حيث أصابت الأزمة الأنفس في الصميم، ما يجعل الإغاثة والدعم النفسيين في طليعة الأولويات بما يوازي أو أكثر المعونة والإنقاذ “الغذائي والعلاج الجسماني”؟.

وفي تفاصيل ما قيل أن هناك 70 ألف مريض، ما يعني أن لكل طبيب ألف مريض..؟!، وهذا ما حرّض المعنيين بالتدريب على الإسعاف النفسي ليصل العدد إلى 1300 طبيب و2500 ممرّض، حيث تتوسّع الإصابات النفسية ليس على مستوى المناطق الساخنة فقط، بل في عموم البلد في ظل غياب الثقافة الاجتماعية وإمكانيات الوصول والاستهداف.

 عدد الأطباء السوريين المسجّلين في نقابة الأطباء حسب البعث ، 33   ألف طبيب، 20 في المائة منهم غادروا البلاد، إلا أن الاختصاصات النادرة تعاني نقصاً حاداً في عدد الأطباء، ولكن المشكلة -يراها الكثيرون تقبل التأجيل- هي الحالات النفسية التي يوجد منها نحو 700 ألف حالة شديدة جلها خارج المشافي، فهل يكفي 10 أطباء نفسيين يتخرّجون سنوياً والوضع يتطلب نحو 2000 طبيب، في وقت ينتشر فيه 600 طبيب نفسي سوري في العالم.

فهل تعلن استنفارات من مستوى حكومي متقدّم يتجاوز حدود الرصد إلى التحفيز والجذب والاستقطاب لهذا الاختصاص الإغاثي الذي يتطلبه أبناء وأطفال البلد في توقيت لا يحتمل المماطلة والتسويف كما يعتقد الكثيرون.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات