مع استمرار الصمت المطبق في  محافظة ريف دمشق حول الواقع الخدمي المزري وترهل المجالس المحلية، يزداد فساد وارتكابات البعض من رؤساء الوحدات الإدارية، ما يترك لغزاً محيّراً يصعب فك شيفرته من قبل المواطن، ولاسيما أنه يسمع كلاماً إعلامياً معسولاً وتأكيدات تثلج الصدور، ولكن  الواقع مغاير لهذه التصريحات المعلنة من رأس الهرم التنفيذي في المحافظة. فعندما يشدّد المحافظ المهندس علاء منير إبراهيم في كل محفل إعلامي على ضرورة قمع المخالفات ورفع مستوى الواقع الخدمي مع تهديد ووعيد للمقصّرين، يأتي الردّ مباشرة من رؤساء الوحدات برفع مستوى المخالفات بدلاً من الخدمات مع تسهيل الارتكابات بدلاً من قمع التجاوزات، ضاربين عرض الحائط بكل القوانين والقرارات، وما شهدته المحافظة منذ فترة بسيطة في مدينة جرمانا من تصدّع بناء مخالف مؤلف من سبعة طوابق، ما اضطر إلى إزالة الطابق السابع والتفكير بإزالة عدة طوابق منه، يجعلنا نطرح سؤالاً مهماً: ألم يحن وقت كسر حاجز الصمت من المحافظة واستدراك الخلل وإيقاف سلسلة الفساد، تجنباً لتكرار حالة جرمانا في المدن والبلدات الأخرى، خاصة وأن انتهاكات البعض في المدن والبلديات تتوسّع أفقياً في المخالفات (وعلى عينك يا تاجر)، بالتوازي مع تردي واقع الخدمات مما يضيّق الخناق على المواطن المسكين الذي استسلم للواقع المرير بعد أن فقد الثقة بالتنفيذيين، وبدأ ينظم حياته متأقلماً مع الواقع مسلماً أمره للقدر، وذلك بحسب كلام المواطنين الذين مازالوا يعلقون آمالهم على صحوة ضمير مسؤول بعد نقل أوجاعهم عبر الإعلام، حيث أكدوا أن رؤساء البلديات أصبحوا يسمسرون على المكشوف وفي وضح النهار، وخاصة من خلال أشخاص مقربين لهم يسمون “مفاتيح” -أي عن طريقهم- يتمّ التوسط والوصول إلى المبلغ المطلوب لقاء تشييد المخالفة، وعندما قلنا قد يكون في كلامكم مبالغة إلى حدّ ما ردّوا علينا قائلين: ألا يشاهد المعنيون خلال جولاتهم الخلبية هذه المخالفات فالواقع يتحدث عن نفسه؟!!.

 المواطنون  استغربوا صحوة ضمير رئيس البلدية عندما يريد مواطن فقير تشييد غرفة صغيرة لإيواء أولاده، حيث يبدأ حينها عزف مقطوعة الأنظمة والقوانين على مقام النزاهة والحرص على المصلحة العامة، وفي الوقت نفسه تنتشر محاضر البناء المخالفة لأشخاص نافذين- حسب وصفهم!!.

واعتبر الخبير في الإدارة المحلية سامر الحلاق أن هناك حالة من الترهل والفساد في البلديات، ولابد من ضرورة العلاج بعد تحديد أسباب الداء، وأول جرعات الدواء انتخابات مكاتب المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية.

وطالب  الحلاق حسب البعث إلى انتخاب كلّ من مكتب المجلس (رئيس- نائب رئيس- أمين سر)، وأعضاء المكتب التنفيذي سنوياً، أسوة بمجلس الشعب الذي ينتخب مكتبه ولجانه الدائمة سنوياً، علماً أن الإدارة المحلية أكثر التصاقاً بالمواطنين، خاصة وأن بقاء مكتب المجلس المحلي ومكتبه التنفيذي مدة تزيد على سنة، يؤدّي إلى تشكيل شبكات فساد، لافتاً إلى أن العضو مطمئن لوجوده فترة زمنية طويلة، علماً أن مدة سنة بالنسبة للمكتب التنفيذي للمحافظة -مثلاً- كافية ليقدم العضو التنفيذي كل ما لديه من أفكار وبرامج وآراء ضمن الاستراتيجية العامة للمجلس، خاصة وأنه خلال السنة يجتمع المكتب التنفيذي للمحافظة نحو 100 اجتماع، ما يؤكد عدم وجود مبرر لبقاء المكتب أكثر من سنة. وأوضح الحلاق أن التواصل بين المكتب التنفيذي ومجلس المحافظة سيئ للغاية بسبب عدم تفعيل تقنيات التواصل التفاعلي لدى المديريات والأعضاء، كما كشف عن وجود تمييز واضح من خلال زيارات لمحافظة ثانية أو لوزير، دون إعلام الأعضاء، وبالتالي تفويت فرصة المساهمة بإنجاح الزيارات.

ووضح  عضو مجلس محافظة ريف دمشق أميرة عرابي عن فجوة حاصلة بين المحافظ وأعضاء المجلس، ولاسيما أن هناك أموراً ومشكلات لا تحلّ إلا عن طريق رأس الهرم التنفيذي، لافتة إلى ضرورة اللقاءات الدورية من أجل تحسين الواقع الخدمي للمواطنين مع تفعيل دور أعضاء مجلس المحافظة، وخاصة في ظل تعنّت رؤساء البلديات وتهميش الأعضاء مع صمت المكتب التنفيذي على تصرفاتهم.

كلام عرابي أكده عضو المجلس رامز بحبوح، لافتاً إلى عدم جدوى مجلس المحافظة مع هكذا تصرفات من التنفيذيين، مطالباً بحلّ المجلس كون لا استجابة لكل ما يُطرح في اجتماعات المجلس وإدارة “الظهر” لنا من قبل المعنيين، ليبقى السؤال الأهم: متى تستفيق الجهات المعنية من سباتها، أو الأصح: متى تقرّر الخروج من لبوس الممثل وتظهر على الواقع بالصورة الحقيقية وتتحمّل مسؤولياتها وتضع النقاط على الحروف؟!.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات