خلال  سنوات الأزمة التي تعيشها البلاد،ازداد  عدد التعديات على الغابات في الأماكن الحراجية، خاصةً مناطق الساحل، بالتوازي مع تزايد عدد الحرائق، التي أتت على أعداد كبيرة من الأشجار الحراجيةالمعمرة، والتي يعتبر بعضها نادراً، ناهيك عن المساحات الشاسعة من الأراضي التي خرجت عن كونها أحراجاً وغابات وأصبحت جرداء بطور التصحر.
عشرات المناشير الآلية واليدوية التي تجوب عدداً من المناطق الحراجية، تتنقل من منطقة إلى أخرى، دون وجود روادع أو محاسبة،على الرغم من كل التحذيرات والتأكيدات التي أطلقها المعنيون في وزارة الزراعة  من أجل اتخاذ كافة الإجراءات لمنع التعدي على الحراج الزراعية سواء كانت صغيرة أم كبيرة، وعدم قطع الأشجار فيها، إلا أننا ما نزال نشهد وحتى وقتنا هذا نشاطاً متزايداً لهذه الظاهرة.
هذا الواقع بات ملحاً بشدة لإيجاد حلول عملية لوضع حد للتعديات الجائرة على الحراج والغابات، ولجم المعتدين وكل من يقف خلفهم من مستفيدين سواء من أجل التفحيم أو التحطيب أو لغايات أخرى ذات أهداف ربحية تصب في جيوب "سماسرة الحريق"، حيث أنه عند كل حريق يؤكد أهالي المناطق والقرى والبلدات على امتداد خطوط اشتعال النيران التي أحالت جبالهم وغاباتهم وأحراجهم إلى الدمار أن فصل الشتاء يعتبر موسماً بالنسبة إلى تجار الحطب في ظل ارتفاع أسعار المازوت، حيث تسبقه عادة الكثير من الحرائق التي تأتي على الأحراج والغابات بالإضافة للموسم الدائم بالنسبة للفحم وخاصة للأركيلة.
في النتيجة  فصل الصيف، يعد عاملاً مساعداً على جمع المزيد من الحطب،من أجل تأمين وسيلة تدفئة وقتها، وبحسب جامعي الحطب، فإن حر الصيف، كان على الرغم من قسوته أيضاً مشجعاً على جمع المزيد من الحطب؛ حيث ساهم في زيادة قسوة الخشب، وهي اليوم، وبعد قطعها ليست بحاجة إلى عمليتي النشر والحطب، فكان، كما قال أحد جامعي الحطب:" رب ضارة نافعة"!!.
قلة وسائل التدفئة خلال سنوات الأزمة التي تمر بها سورية، أدت وبشكل مباشر إلى ازدياد ظاهرة قطع الأخشاب، وعمل المناشير فيها،ويبرر أصحاب تلك المهنة، بأن لا وسائل ممكنة للتدفئة، مع ندرة بعضها، وارتفاع أسعار بعضها الآخر، ولكن، ومع هذا، يرى الكثيرون من الذين اعتمدوا على الحطب كوسيلة تدفئة ارتفاعاً غير مبرر لأسعارها، على الرغم من انخفاض سعر تكلفتها الحقيقية، ولكن،وبسبب الاعتماد عليها خلال الفترة الماضية، خاصةً أيام الأزمة الحالية، التي تعيشها البلاد، أدت إلى دخول الحطب وأسعاره على خط الاستغلال، وبالتالي ارتفع سعر طن الحطب، واختلف من منطقة إلى أخرى، حسب الرطوبة، والنوع، والتي يصل سعر بعضها إلى ما يزيد عن الثمانين ألف ليرة للطن الواحد.

من جهته باسل دوبا مدير حراج اللاذقية أكد حسب شبكة عاجل الاخبارية أن وتيرة الحرائق الزراعية التي تشكل نصف مساحة الأراضي المزروعة تزايدت بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية وأخذت منحى آخر غير المعتاد، وعزا السبب في ذلك إلى شدة التداخل بين الأراضي الحراجية والأراضي الزراعية ووجود القرى ضمن الأراضي الحراجية، منوهاً  إلى أن ارتفاع تكلفة الخدمة للأراضي الزراعية وقلة الأيدي العاملة أدى إلى هجرة الفلاحين لأراضيهم، وبالتالي نمو الأعشاب والتي تعتبر فتيلاً لاشتعال الحرائق حيث أن 85 ألف هكتار من الأراضي الحراجيةمتداخلة مع الأراضي الزراعية القابلة للاشتعال.
وبحسب وسائل إعلامية، فقد تم تخريب أكثر من 50 مركزاً حراجياً بين محرس ومخفر ومركز إطفاء وشعبة حراج ومركز مراقبة، فقد قال دوبا: نبذل جهود كبيرة جداً لإطفاء الحرائق بالرغم من الإمكانات البسيطة الموجودة لدينا، حيث لم يتم تحديث أي آلية لدينا منذ عام 2010 إضافة إلى خروج 10 صهاريج من الخدمة من أصل 42 صهريجاً، منوهاً إلى أنه استشهد خلال السنوات الخمس الأخيرة 13 عاملاً أثناء تأدية واجبهم بإطفاء الحرائق في ريف اللاذقية الذي يعد أكثر المناطق تعرضاً للحرائق بفعل الإرهاب حيث إن الحرائق امتدت على مساحات كبيرة منه ولم نتمكن من الدخول إلى مناطق نشوب الحرائق نتيجة وجود المجموعات الإرهابية المسلحة.
الجواب في حال الأشجار المقطوعة والمحروقة
إذاً، وبكل تأكيد، ظاهرة قطع الأخشاب من المناطق الحراجية،والحرائق للغابات ظاهرة للعيان، والأحطاب تقطع وتنقل على مرأى ومسمع وربما بعلم مسبق من بعض المعنيين والمسؤولين عن الضابطة الحراجية في عدد من المناطق، ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه: "من يوقف زحف المناشير  والحرائق على السفوح الخضراء؟!"، سؤال ربما تجيب عليه حال الأشجار المقطوعة والمحروقة!

سيريا ديلي نيوز


التعليقات