حفّز استمرار سوق دمشق للأوراق المالية بالعمل خلال الأزمة، وعدم توقّف جلسات تداولها على مدى ست سنوات، لدينا جملة من الاستفسارات حول أداء السوق ومدى قدرتها على الترويج للثقافة الاستثمارية في البورصة، وغيرها من تساؤلات توجّهنا بها إلى المدير التنفيذي للسوق الدكتور عبد الرزاق القاسم، الذي أوضح بداية أن طبيعة الاستثمار تتطلب بيئة آمنة ومستقرّة لإتاحة الفرصة أمام الراغبين للخوض بغماره، والحصول بالنتيجة على عوائد مالية ونجاحات معنوية.
وأشار القاسم في حديث خصّ به “البعث” إلى أنه في خمسينيات القرن الماضي كانت ثقافة الاستثمار سائدة، ويقبل الأفراد على شراء شهادات الأسهم لأبنائهم، وهذا يعني أن هذه الثقافة ليست بجديدة على مجتمعنا، فعلى الرغم من أن بورصة دمشق تأسست في عام 2009 وشهدت إقبالاً كثيفاً على الاستثمار خلال أول عامين على تأسيسها، حيث تمّت تغطية الكتلة المطلوبة للتداول بثلاثة أضعاف، إلا أن الأزمة قلّصت حجم الإقبال بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية.
ويضيف القاسم: إن إدارة السوق تعمل جاهدة على إعادة نشر ثقافة الاستثمار في المجتمع، على الصعيد الشعبي والاجتماعي من خلال حملات التوعية وفتح علاقات وقنوات مع مجموعة من الهيئات والجمعيات والمنظمات بغية توضيح مزايا الاستثمار في سوق الأوراق المالية وحجم الفائدة العائدة على كل شركة، بالإضافة إلى قيام إدارة السوق بالعديد من الندوات والدورات التدريبية لطلاب الجامعات وورشات العمل، إذ وصل عدد المتدربين إلى حوالي 800  طالب في سوق دمشق عام 2016، بالإضافة إلى الندوة التي أقيمت في مدرج جمعية خريجي المعهد التجاري التي تميّزت بحضور وتفاعل مميز.

ارتفاع ملحوظ
لاشك أن عدد الحسابات الجديدة للمستثمرين يعتبر مؤشراً يعكس مدى إقبال المستثمرين على السوق، كما أن ارتفاع قيم وأحجام التداول يأتي ضمن سياق اتساع رقعة المنخرطين بالاستثمار في البورصة، وهنا بيّن القاسم ارتفاع قيمة التداولات وأحجامها في بداية العام الحالي لتصل إلى مستويات قياسية أدّت إلى تصنيف سوق دمشق في المستوى الأول على مستوى البورصات العربية، ويعلل القاسم ارتفاع عدد الحسابات بتوقع المستثمرين أن الأمور السياسية ستشهد انفراجات وبالتالي فإن الفرصة الاستثمارية واعدة، وفي قراءة بيانية للربع الأول من العام الحالي نرى ارتفاع كميات الأسهم التي تم تداولها، وارتفاع قيم المؤشر بشكل ملحوظ، حيث بلغ حجم التداولات 2.7 مليار ليرة سورية، وهي قيمة تعادل قيمة التداولات في عام 2016 كاملاً، كما ارتفع المؤشر إلى 3000 نقطة وهي قيمة لم يصل إليها السوق منذ تأسيسه، وهنا يوضح القاسم أن الاستقرار النسبي لسعر الصرف وعرض الأسهم بأقل من أسعارها الحقيقية شكّلا عاملاً مهمّاً في ارتفاع حجم التداولات.

تعقيد
وحول مدى انعكاس توسيع دائرة الاستثمار في البورصة على استقرار سعر صرف الليرة السورية، رأى القاسم أن الانعكاس المباشر لهذا النوع من الاستثمار معقد من الناحية الفنية على سعر الصرف، حيث إن الاستثمار يتطلب وجود استقرار بسعر الصرف في البداية، ليتم التوجّه إلى الاستثمار، وحتى يتسنى لنا تلمّس مدى انعكاسه على سعر صرف الليرة لابد من أن يتم الاستثمار عبر إنشاء معامل ومنشآت ومشاريع جديدة تستقطب الكتلة النقدية وتستطيع الإنتاج والتصدير لتؤمّن القطع الأجنبي وتزيد العرض منه، فينعكس إيجاباً على ارتفاع قيمة الليرة السورية، مشيراً إلى ضرورة فتح مجال للاستثمار بـ”الدولار” في بورصة دمشق خلال مرحلة إعادة الإعمار ليتم تأمين جميع مستلزمات الإعمار بالعملة الأجنبية منعاً لتذبذب سعر الصرف.

المحافظة على الثقة
وفي معرض جوابه عن استمرار سوق دمشق رغم الأزمة، أكد القاسم أن أهم الأسباب هي التزام إدارة السوق تجاه المستثمرين والمحافظة على الثقة معهم، بترك الفرصة قائمة أمامهم من خلال السوق للبيع والشراء، كما استطاعت إدارة السوق ضغط حجم النفقات للتكيّف مع الإيرادات، وذلك رغم بعض العجز الذي ظهر خلال السنوات الماضية وتم تجاوزه. وبرأي القاسم أنه من أسباب الاستمرار أيضاً أن معظم الشركات المدرجة هي قطاع مالي، وقد اكتسبت الخبرة بالتعامل مع ظروف الأزمة، واستطاعت تغطية خسائرها في السنوات السابقة، ولديها مخصصات لمواجهة أية خسائر طارئة، كما أنها قامت في بداية العام بتوزيع كتلة من الأرباح على المستثمرين ما انعكس إيجاباً وقبولاً لزيادة الاستثمار في السوق.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات