لم يعد من المستغرب فشل وإخفاق الاتفاق الروسي – الأميركي الذي عُقد في شهر تشرين الأول من هذا العام، لأنه لم يكن اتفاقاً جديّاً من الطرف الأمريكي منذ البداية، فالجميع يعلم عدم جديّة ورغبة

الولايات المتحدة في إيجاد حل للأزمة السورية، وإنهاء الصراع الدائر منذ سنوات هي فقط تعبت بالوقت وتلهي الأطراف جميعها، فالمعروف عن أميركا أنها تنتهج سياسة استنزاف على المدى الطويل، تقوم على إضعاف الدول التي لا تقبل الخنوع والمساس بسيادتها، فهي لم تعد كالسابق ذلك الذي يخرج خاسراً في أي معركة يخوضها ، وهي لا تريد شن حروب كما في الماضي ضد أي بلد يرفض لعب دور الدمية ويخالف الأوامر ويرفض سياسة القطيع الذي تقوده، وأيضاً لا تريد زج جنودها بشكل مباشر في احتلال فعلي لأراضي الآخرين ولا خسارة المليارات في قضايا قد تجلب لها فائدة وربما لا..

وكما قلنا سابقاً هي لم تعد تشن الحروب ضد من يحالفها بل تديرها كما تُدار ألعاب الفيديو، وها هي تقفز قفزة نوعية في إدارة الحروب عن بُعد «كالألعاب» وتعتمد الدرجة الأولى على أعصاب باردة واستراتيجية اقتصادية طويلة الأمد، لاستنزاف اقتصاد البلد وموارده البشرية والمادية وحصاره وصولاً إلى مرحلة الاستسلام والقبول والتسليم بالواقع الذي تريده وتعمل له!.

لذلك علينا ألا نتفاجأ إذا تراجعت أميركا وحلفاؤها عن هذا الاتفاق أو سواه ويجب ألا نُصعق إذا انتهت المهلة المُعطاة لفصل «الإرهابيين» عن «المعتدلين» كما تسميهم لأنه كما ذكرنا هو ما يسمى «العبث بالوقت».

ولكن العلامة الفارقة في سياسات الولايات المتحدة الأمريكية والتي يمكن الانطلاق منها كعامل بقاء وثبات ضد إملاءاتها وترقّبها لاستسلامنا والقبول بما تريد، أنها تبني استراتيجياتها وفقاً لتفكيرنا وردّات أفعالنا ومدى ثبات مواقفنا، وبالثبات على المبادئ التي اخترناها، فهم يرون ويتبنون الرأي الذي يعكس وجهة نظرهم بأنَّ الصراع الدائر منذ سنوات، إن استمرّ سيؤدي إلى إضعاف موقف الدولة السورية – شعبياً وإحراجها وإظهارها على أنها المشكلة وبالتالي يكون الحل بالتغيير وتصويره كمطلب شعبي.

فأميركا لا ترغب أو بالأحرى لا يهمها مستقبل الجماعات المسلحة لكنها بذات الوقت لا تريد أن تخرج سورية منتصرة دون شروط وإملاءات أمريكية واقتسام «الحظوة السورية» أي باختصار لن تخرج بدون أرباح، أي أعطوا أميركا أرباحها وينتهي الأمر.

فكل هذه المماطلة بالحل ودعم المسلحين في أكثر من جبهة وبطرق مختلفة ليس حبّاً بالديمقراطية ولا خوفاً على الحريات، ولا ترحيباً بها، بل طمعاً بالحصة الأكبر، ولهذا ربما سيستمر الصراع أشهراً أو ربما لسنوات أخرى، أو ربما يظهر الحل بين ليلة وضحاها، إذا تحققت المصالح وتوافقت، وربما تخيب توقعاتنا أو تصيب.

ولكن ما يجب أن نعلمه ويكون منطلقاً لنا في مواجهة هذا التطرّف الأمريكي والتحيّز الواضح في مواقفها أنّ صبات الشعب في سورية وتعايشه مع الظروف الحالية سيدفع الولايات المتحدة لمراجعة حساباتها وخططها، وربما التنازل قليلاً عن بعض شروطها وهو بالضبط أي «التكاتف الشعبي» ما تراهن عليه الدولة السورية في حربها على الإرهاب ومواجهة الضغوط الدولية وعليه سوف نكسب.

 

 

سيريا ديلي نيوز- وفاء سجيع أحمد


التعليقات