سيريا ديلي نيوز-د.فائز الصايغ

ليس من باب المغالاة، ولا المبالغة الصحفية، ولا من باب الانحياز للوطن وجيش الوطن القول: إن معركة حلب التي طال انتظارها والانتصار فيها هي بوابة لإعادة الاعتبار إلى طبيعة وشكل الانتصار وتتويج حقيقي لانتصار السوريين لسوريتهم أولاً ومن خلال سوريتهم "بلا شوفينية لمن يرغب الاصطياد في الماء العكر" انتصار للعروبة وللنهوض الوطني المرتجى بعد الربيع العربي المسموم في الأقطار العربية كافة سواء التي تأسس فيها الإرهاب، أم التي مر بها عبر دول الناتو وفي المقدمة الراعي الأول للإرهاب في العالم أو عبر العملاء والأدوات والإمعات العربية المختبئة في غرف التكييف في أجواء يحترق الحديد في بلدانهم أو حولها.
معركة حلب بوابة مشرعة على مستقبل جديد، ليس لسورية وشعبها وحده، وإنما لكل المؤمنين بالعروبة كعقيدة، وبالإسلام كسماحة، مع أن المطلوب اليوم إعادة توصيف العروبة من جديد، وإعادة تأطير الإسلام وتحصينه أيضاً، وهذه مهمة عسيرة في ظروف كهذه، ذلك أن إعادة تسويق العروبة في جوهرها يحتاج إلى جهد النخب الفكرية العربية النيرة والصادقة، لا كما صاغتها الجامعة العربية والعملاء الذين تعاقبوا على "أمانتها" العامة، لا أستثني أحداً إلا ما قرأته وسمعته، عن السيد الشاذلي القليبي الذي قرر الاستقالة من منصبه عندما اتجهت بعض دول الجامعة استهداف العراق يوماً تنفيذاً لأوامر الراعي إياه، وأعني الولايات المتحدة الأمريكية والتي شكل غزوها بداية تأسيس الإرهاب في المنطقة.
جامعة تستهدف سورية حاضنة القومية العربية والمدافعة عن العروبة والعرب وعن الإسلام، والمسلحة بهذه الوقاحة، جامعة يجب رجمها بحجارة المصريين أولاً، وبالحجارة العربية عموماً، ورجم كل من استهدف العروبة والإسلام من خلال استهداف سورية خدمة مباشرة للصهيونية العالمية وقاعدتها إسرائيل ومن معها سراً وعلناً.
بوابة الانتصار ما كانت بهذه الدقة وهذا التصميم وهذه العزيمة لولا آلاف الشهداء الذين سقطوا على الدرب المؤدية إلى حلب بالمعنى المجازي، ومنها إلى بوابة التاريخ الحديث الذي تكالبت فيه قوى الشر والعمالة الدولية فضلاً عن المال الخليجي والسياسات الحمقاء للكثير من العرب الذين تذبذبت سياساتهم ومواقفهم بين الخيانة والتردد والجبن على حساب القرار القومي العربي والعدالة الدولية المفترضة.
لا أنكر دور الحلفاء والأصدقاء والتضحيات التي قدمت على مذبح البقاء وعشق الحياة بشرف دفاعاً عن سورية بما يحمل تاريخها القديم والحديث من تراكم حضاري تنويري عريق سمته العدالة والدفاع عن القيم، ومنها قيم العروبة وقيم الإسلام النقي من تشوهات الجهلة والمتخلفين.
معركة عاصمة الشمال وبوابة الفرح تحتاج إلى التفرد والخصوصية أكثر من مقال عابر للمقالات، فقد ذاق أهلها من المرارات بمقدار ما قدموا لسورية وشعبها "والشعوب" العربية وللعالم من الفرح والغنى والطرب.. أتقن الحلبيون ومعهم كل السوريين كيف من الوجع تكتب سمفونية الفرح بجدارة.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات