في كل عام ومع انتهاء امتحانات شهادة التعليم الثانوي وظهور نتائجها، تبدأ التكهنات المرتبطة بالطموحات والأحلام المشروعة للطلاب وذويهم، بانتظار ما يصدر عن وزارة التعليم العالي من معدلات للقبول الجامعي، عندها تبدأ بعض هذه الأحلام والطموحات بالتهاوي، لتستكمل بعد ظهور نتائج القبول الأخيرة.

وبحسب قاسيون ففي كل عام يتم التعذر برفع معدلات القبول الجامعي بسياسة الاستيعاب والطاقات الاستيعابية المتوفرة بكل جامعة وكلية، بعيداً عن ربط ذلك بسياسة قبول لها علاقة بخطط استراتيجية عامة، لها صلة مباشرة بالرفد الاقتصادي والمجتمعي بالكوادر والمؤهلات المطلوبة من أجل تحقيق وإنجاز تلك الخطط.

وفي كل عام يثار موضوع مدخلات ومخرجات التعليم العالي، وضرورة ربط المخرجات مع استراتيجيات مرسومة ومدروسة بدقة بما يتفق ويرتبط بمجمل الخطة التنموية للبلاد بجوانبها كافة، بالإضافة إلى أهمية تأمين متطلبات التعليم الأساسية فيه، اعتباراً من وسائل التدريس وأدواته مروراً بالكادر التدريسي والمحاضرين والإداريين، وليس انتهاءً بالعملية الامتحانية ومسيرتها وآليات ضبطها والمراجعة فيها.

ولعل أهم ما يمكن أن يتم التركيز عليه على مستوى مدخلات ومخرجات التعليم العالي، هو الجانب الاقتصادي والتمويلي لهذه العملية، حيث بات من الواضح أن هناك تراجعاً في معدلات الإنفاق الحكومي على قطاع التعليم عموماً خلال السنوات المنصرمة، حيث كانت مخصصات التعليم في موازنة عام 2010 بحدود 35 مليار ليرة، وقد وصلت في موازنة عام 2016 إلى حدود 32 مليار ليرة، وهي تعادل نسبة 10% فقط من مخصصات عام 2010 بحسب تباين سعر الصرف بين العامين المذكورين، على ذلك يتضح أن التوجه الحكومي الرسمي يقلص من إنفاقه على التعليم عاماً بعد آخر، مع كل ما يمكن أن يحمله ذلك من آثار سلبية على مستويات جودة التعليم بمدخلاته ومخرجاته، ناهيك عن الظروف الأمنية كلها وانعكاساتها السلبية على مجمل العملية التعليمية، بالإضافة إلى محدودية الإمكانات المادية للمواطنين بنتيجة السياسات الاقتصادية المتبعة، بالإضافة إلى أسباب الحرب والأزمة.

وعليه نتمنى، مع أبنائنا الطلاب وذويهم، أن نلمس جديداً على مستوى سياسة القبول والاستيعاب الجامعي بهذا العام، بعيداً عن التسويق والترويج للجامعات الخاصة التي تستقطب أبناء أصحاب الملاءات المالية الكبيرة فقط، وبعيداً عن الارتجالية، على يؤخذ بعين الاعتبار ما تم استنزافه من كادرات مؤهلة ومدربة خلال سني الحرب والأزمة، فقداً أو هجرةً أو غيرها من الأسباب، من الواجب العمل والسعي من أجل تعويضها.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات