تصدّر قرار رفع اسعار الدواء بنسبة 50% حديث السّاعة في الفترة القريبة, فــ بينما كانت تتناثر تأكيدات و تُعلن تصريحات على انه لن يكون هناك ايّة زيادة على أسعار الدواء, تلقّى المواطن السوري صفعة جديدة بصدور قرار رفع اسعار الدواء حيثُ توحدّت ردات فعل الشارع السّوري وخصوصاً أصحاب الدّخل المحدود بين ساخر وساخد وممتعض, فبعد ارتفاع اسعار البنزين,المازوت والخبز لم يبقَ للحكومة إلاّ أن تُحاسب المواطن السوري على عدد أنفاسه .. ومع تتالي انعاكسات هذه الازمة الاقتصادية على الوطن السّوري من تدمير للعديد من المعامل و هجرة معامل اخرى لخارج سورية لم تجد وزارة الاقتصاد سبيلاً لحلّ أفضل سوى زيادة اسعار الدواء بنسبة قد تساعد ماتبقّى من معامل دوائية على الاستمرار بالإنتاج الدوائي للسوق المحلية .. وقد ظلم في هذا القرار الكثير من فقراء هذه الوطن المجروح, فــ من مواطنين دفعتهم الحرب لمغادرة منازلهم مجبرين إلى محافظات أخرى, إلى آخرين ممن أصيبوا بأمراضٍ مُزمنة ك أمراض السرطان والضغط والربو والقلب الخ ..والتي أصبحت تكاليفها بعد ارتفاع اسعار الدواء عالية جداً .. اليوم هذا المواطن لم تعد لديه القدرة على الالتزام بشراء هذه الادوية فمنهم الكثير ممن انقطع عن علاجه مُعبراً عن ذلك : أنّ الموت أفضل له من أن يشحد ثمن الدواء .. قمنا بالتقصّي عن الموضوع في العديد من الصيدليات ... أحد أصحاب الصيدليات تحدث لـ ((سيريا ديلي نيوز)) : إن سوق الأدوية في سوريا شهدت نقصاً حاداً في بعض الأدوية وخاصّة المتعلّقة بالأمراض النوعية, مشيراً إلى أنّ هذا النقص يعود لارتفاع كلفة الإنتاج الدّاخلة في الصّناعة الدوائية والأسعار التشجيعية التي تضعها الحكومة لهم،ومُبيناً أنّ هذا القرار سيساهم في توفير الأدوية في معظم الصيدليات، وسيكون سعره مناسباً ومنافساً في جودته الدواء الأجنبي الذي يأتي من دول غربية بأسعار عالية. وأشار إلى أنّ المواطن يدفع فاتورة كل ذلك، ثم قال مستدركاً: "المريض في النهاية يريد أن يحصل على الدواء المناسب والفعّال دون أية حسابات أخرى". .. أمّا نقيب الصيادلة الدكتور محمود الحسن فقد أكد في تصريحاتٍ له : أنّ قرار رفع الأسعار يأتي لدعم المُنْتَج الدوائي المحلي ودعم المعامل من أجل الاستمرار في الإنتاج، مع إشارته إلى أن الأسعار الجديدة لا ُتغطّي التكلفة التي تترتب على مُصنّعي الدواء والشركات التي ما زالت تعمل بكامل طاقتها رغم الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، لاسيّما وأنّ الدّواء السوري معروف بفعاليته وقوة تأثيره وجودة تصنيعه. وأكّد الحسن أنّه تمّ التّعهد من قبِل المعامل الدوائية المحلية بأن يتمّ إعادة إنتاج كافّة المستحضرات الطبية التي كان قد توقف إنتاجها وبناءً عليه سيتمّ مُتابعة الموضوع مِن قبل الجهات المُختصّة ويتمّ مُحاسبة أيّ تقصير في هذا المجال .. ورأى الحسن أنّ توفّر الدّواء الوطني لو ارتفع سعرهُ بشكل بسيط أفضل من عدم توافره ومن ثمَّ فإن المواطن سيلجأ إلى تأمين الدواء البديل (الأجنبي) وبأسعار مضاعفة وبطرق غير مشروعة وهذا ما يساهم في نشر الدواء المزور ولذلك كانت الخطوة برفع سعر الدواء إلا أنه ليس بهذه الطريقة أن يرتفع 50 بالمئة دفعة واحدة. وبيّنَ الحسن أنّ الدّواء الوطني كان يغطي 92 بالمئة من احتياجات السوق المحلية قبل الأزمة وانخفضت النسبة بعدها إلى “نحو 80 بالمئة ما يعني استيراد 20 بالمئة الأمر الذي يكلف مبالغ كبيرة يمكن تخفيضها في حال عودة الإنتاج الوطني لمستواه ولاسيما بعد توقيع تعهدات من كل أصحاب المعامل البالغة 70 معملا لتوفير الأصناف المفقودة خلال فترة قريبة”. و بــ سؤالنا عن بعض أسعار الأدوية قبل وبعد قرار رفع الاسعار, إحدى الصيدلانيات أجابتنا : دواء ال سيتامول تاميكو كان ب 65 أصبح 100 ل.س , دواء باراسيتامول كان 50 أصبح 75 ل.س, بنادول 75 أصبح 115ل.س , أحد أدوية القلب وهو الكلوبيد "يوصف للشحوم" كان330 اصبح 520ل.س وهوعشر حبات , أحد أدوية الربو "موسع قصبي" برنكوفلّين كان 85 اصبح 135 ل.س, وهذه النسب الأدنى من الأدوية طبعاً فما بالك بالعيارات الأعلى !! ,وأضافت: أن نسبة الشّراء بعد ارتفاع اسعار الدواء لم تنقص ولكن هناك أناس فضّلوا الانقطاع عن علاجهم بسبب أحوالهم المادية السيئة نوعاً ما .. صاحب إحدى الصيدليّات تحدث باستياء قائلاً: الصيدلي اصبحت ارباحه قليلة كنا على وشك اغلاق الصيدلية,و تابع : بائعو الخضار حاملي شهادات الخضرجية "على حد توصيفه" يربحون اكثر منا .!!! أيضاً أحد المواطنين وهو مريض ضغط وسكري أعرب عن غضبه الشديد من هذا القرار الذي اعتبره "جائرا" ولا يراعي دخل المواطنين وخاصة المريضين منهم. وأضاف : قبل أشهر كنا نلف معظم الصيدليات في دمشق بحثا عن أدوية الضغط والسكري، كنا نجد أنواعا محددة، والبدائل الأجنبية متوفرة ولكن أسعارها مرتفعة،

مبيناً أنه بعد تعديل أسعار الأدوية لن نشتري الدواء الوطني بل الأجنبي لأنه فعال أكثر وسعره بات يساوي سعر الدواء المحلي.. وأعلن صراحةً أنه سيتوجه إلى الوصفات الطبية المصنوعة من الاعشاب ، فهي رخصية وإن لم تنفع فهي لن تضرّ، مُؤكداً أنّه سيتبع حمية معينة تجعله يستغني جزئياً عن بعض الأدوية، كخطوة لمحاربة غلاء الدواء. الباحث الاقتصادي عمار يوسف تحدث لسيريا ديلي نيوز قائلاً : مما لاشك فيه أن الأدوية هي حاجة أساسية للمواطن السوري, ولا بد لنا للإنصاف من ملاحظتين هامتين : أولهما: أن الأدوية وخلال الأزمة المستمرة منذ خمس سنوات حافظت على مصداقيتها الدوائية وفعاليتها أي لم تمس الجودة بحال من الأحوال. والملاحظة الثانية :هي ثبات سعرها وعدم ارتفاعه مقارنة بكافة المواد الاستهلاكية والحاجيات الأساسية للمواطن والتي وصلت في بعض الأحيان إلى ما يزيد عن 15 ضعف لسعرها ما قبل الأزمة وهنا أتى قرار رفع سعر الدواء بنسبة 50 % وبرأينا هذا القرار منطقي وواقعي ولكنه في الوقت نفسه يؤثر على حياة المواطن المعيشية بطريقة ما خاصة أن الدواء هو حاجة يومية للمواطن السوري. وتابع : هذا القرار قد لا يكون في توقيته المناسب في ظلّ هذه الحرب, لكنه ضروري للاستمرار و لا بدّ منه . يشار إلى أن وزارة الصحة عممت في 17 آب الجاري على الصيدليات لائحة بالأسعار الجديدة للمعامل والصيدليات ..

قد تكون هذه القرارات فعّالة و لها دور هامّ في مجال الصناعات الدوائية, لكنها لم تكن يوماً في حليف المواطن محدود الدّخل , لذلك نتأمّل أن يُنظر بعين الرحمة لكافة المواطنين الّذين أصبح معظمهم تحت خطّ الفقر بسبب معاناة الحرب, فــ "الفقر في الوطن غُربة" كما يُقال,و علّنا برحمتنا نخفف أسباب الغربة في هذا الوطن ...

 

سيرياديلي نيوز- خاص - رهام علي


التعليقات