سيريا ديلي نيوز - الدكتور المهندس محمد غسَّان طيارة

ـــ الشرق الأوسط: لقد ظهر هذا المصطلح مع بداية الحركة الصهيونية في القرن التاسع العاشر وكان الهدف منه تشتيت أذهاننا وخاصة أننا لا نقرأ ما يُكْتبونه حول مسْتقبل الشرق الأوسط. ومن محاولات الغرب لتحويل أنظارنا فقد أنشئوا منظمات خاصة للشرق الأوسط حتى أضاعوا أن الشرق الأوسط هو جزء من آسيا وظهرت تحديدات مختلفة للدول التي تضمها منطقة الشرق الأوسط فأصبح الشرق الأوسط هو فقط الدول العربية والدولة الصهيونية المغْتصبة.

لقد تم إعداد مؤتمرات متنوعة منذ منتصف سبعينات القرن الماضي (بحسب المعلومات المتوفرة لدي) حول الشرق الأوسط في كلٍ من الأردن وبلغاريا وألمانيا واليونان ومصر قد شاركت في ندوات الأردن وبلغاريا واليونان ولم أشارك إلا بعد الاتفاق على عدم دعوة الدولة الصهيونية المغتصبة وفشلت في المشاركة في الندوة التي أقيمت في ألمانيا بسبب الإصرار على مشاركة العدو الصهيوني فيها. كما أقامت جامعة جورج واشنطن دورة في الإدارة واتخاذ القرار لدول الشرق الأوسط شاركت فيه الدول العربية وإيران قبل الثورة الإسلامية فيها وإسرائيل ومن حظ المشاركين العرب أن الصهيوني المشارك لم يداوم في كل الدورة ولم يحضر حتى الصورة لجميع الحضور في الدورة. واليوم الشرق الأوسط لا يضم إلا الدول العربية والعدو الصهيوني المغتصب.

لقد صرح علناً بيريز عن أهمية تكوين الشرق الأوسط الكبير في عام 1991 وطبعاً كان هذا قبل ظهور كلام كونداليزا رايس عن ولادة الشرق الأوسط الجديد من لبنان أثناء العدوان عليه في تموز / آب 2006.

اليوم ينظر العالم الغربي المتصهين بعلى أن الشرق الأوسط يضم الدول العربية في المشرق والمغرب العربي بزعامة إسرائيل وهو حلم تيودور هرتزل الذي أفصح عنه في كتاباته في سنة 1897 عندما قال بأن الشرق الأوسط يجب أن يتحول إلى مجموعة من المستعمرات التي تدور في فلك إسرائيل الدولة القوية والغنية...

تنبع خطورة مصطلح الشرق الأوسط من الحلم الصهيوني في السيطرة عليه ودوران دويلاته في الفلك الصهيوني. ولا أعتقد يخفى على أحد اليوم بأن كل ما سموه بالربيع العربي وما يحدث في كلٍ من سوريا والعراق ولبنان يهدف إلى تمزيق الوطن العربي إلى دويلات متناحرة تخضع للكيان الصهيوني الغاصب.

لقد مر من بين ظهرانينا مفهوم الشرق الأوسط من دون انتباه وتصريحات كونداليزا رايس الأخيرة كانت جرس الإنذار لنا جمعياً بما يُخطط للعرب وللعروبة.

ـــ الأصولية والأصوليون: عندما نتحدث عن هذا المصطلح القديم الحديث لم يخطر على بالنا أن معناه التطرف والابتعاد عن الحقائق والتمسك بالتعصب وهذا ما بلعناه لقمة سائغة عندما رموا لنا بهذا المصطلح على جماعات دينية متعصبة حتى ضاعت علينا المفاهيم الدقيقة لمعنى الأصولية مما يجعلنا نفكر بأن صانع الأصولية هم أعداء الدين من الصهاينة ومن الدوائر الأميركية. الصهيونية تريد العودة إلى أصولها في أرض الميعاد كذباً وتزويراً والجماعات الأصولية تخْرق الدين وتمزِّق القرآن وتفتخر بالأصولية وهم بالعرف الصحيح مرتدون وخارجون على الإسلام ونحن سهلنا لهم تسميتهم بالأصوليين في غفلة منا أو لركب موجة التغريب مع الغرب البغيض.

هل هناك عاقل يسمي الانحراف الديني والانجراف نحو التعدي على الغير بالأصولية؟ أصبح الكفر العودة إلى أصول الدين ولهذا علينا أن نعود لتسمية "الأصوليون" بالمتعصِّبين والزنادقة والخارجين على الدين.

ـــ السلفية والسلفيون: ظهرت جماعة جديدة لا تختلف عن سابقتها في أهدافها ولتتميز عنها سمت نفسها ب

"السلفية" وأفكار هذه الجماعات تزيد في شدة التعصُّب والتزمت الديني، وهي تمرح وتسرح بأنهم الخلف الصالح للسلف الصالح وهم أبعد ما يكون عن الدين الإسلامي الحنيف، وقد عمل السلافيون تحت إمرة الإخوان المسلمين في الاعتداءات والتفجيرات التي حدثت في مصر في تسعينات القرن الماضي وفي الجزائر.

إن صانع ومشجع وداعم هذه الجماعات السلفية هو نفسه بأدوات أكثر حداثة الداعم والصانع الماهر للإخوان المسلمين وللأصوليين ومخرجاتهم من داعش ونصرة وقبلهم القاعدة.

ـــ العالم العربي: كان من المؤسف أن نسمع عبارة "العالم العربي" ونعتقد أن فيها مدح للوطن العربي في تكبيره حتى أصبح عالماً ونسينا أن مفهوم العالم يعني قوميات متنوعة كالقومية الألمانية والإنكليزية وغيرها... فقد تناسينا قولنا الوطن العربي وتداولنا مصطلح العالم العربي. قالوا لنا بأننا عالم عربي فصدقنا وفرحنا ورمينا وطننا العربي. إنني لا أكتب من فراغ فليراجع بعضنا ما يُنْشر منذ سنوات فسنجد أن الكثير من كتابنا يتغنون بالعالم العربي وتغاضوا عن المعنى المُذِل له مقابل معنى الوطن العربي المشرَِف.

ولو تابعنا حركة التغيير التي حدثت في المغرب العربي فقد بدأ المغرب بعد نيل دوله الاستقلال باستخدام القومية بدل الوطنية فقد أطلقوا على مؤسساتهم اسماء المؤسسات القومية ومع زيادة الاحتكاك مع المشرق العربي بدئوا يستخدمون عبارات المؤسسات الوطنية ومع نهاية القرن الماضي بدئنا نحن نقلل من استخدام الوطن العربي وزيادة في استخدام العالم العربي ففازت أوربا علينا وتراجعنا نحن برضاء ومباركة من أنفسنا.

ــــ الشعوب العربية: مع بداية هذا القرن بدأت أسمع من كثير من السياسيين تسمية الشعوب العربية وقد خلت في البداية بأنه خطأ غير مقصود ومع التكرار شعرت بأن الأمر خطير ففيه تسويق لأفكار خيانية مرعبة وطبعاً يبقى هذا المصطلح نادر الاستخدام في سوريا ولهذا يجب قطع دابره قبل أن يستفحل. ولكن يجب أن لا يفسِر أحدٌ منا بأن استخدام مصطلح الشعب العربي بدل الشعوب العربية فيه أي نزعة تفاخر على باقي شعوب الوطن العربي أو شعوب العالم ولكن كل ما هنالك أن فيه عودة إلى الأصل مع الاحترام الكامل لحقوق شعوب الأقليات التي تعيش معنا وعلى أرض الوطن العربي ولا يجوز التمييز بيننا وبينهم كما من العار على أي عربي الاعتداء على أي حق لأي مواطن من الأقليات العرقية.

لقد ذكرت مصطلح المشرق العربي والمغرب العربي وكان الأفضل استخدام مصطلح  الدولة العربية في شرق المتوسط والدولة العربية في جنوب المتوسط فالبحر المتوسط هو الحدود الطبيعية التي نجتمع حوله.

ولتخلُّص من كل هذه المصطلحات الغربية والغريبة يجب علينا جمعياً العودة إلى الحقائق التاريخية التي تجمعنا وإلى الصحيح من أديان أبناؤنا.

سؤال بسيط أطرحه: عندما تظهر مغالاة من مسيحي غربي ما يسمونه؟ يطلقون عليه اسم متعصب. وهذا ما يجب أن نفعله مع كل التنظيمات الأصولية والسلفية وغيرها من خوان الإسلام ونضيف على ذلك بأنهم تكفيريون إرهابيون كما فعل الغرب مع محاكم التفتيش الإرهابية في عصور التخلُّف الغربي.  

تعالوا يا علماء السياسة لتنظيم حملة تنظيف لنفوسنا من جميع المصطلحات التي دسها علينا الغرب.

 

syriadailynews


التعليقات