إن سورية  تمر في خطر شديد ومأزق عظيم، تواجهها تهديدات  كبيرة وتحديات جسيمة تحيط بالجميع وستقع آثارها فوق رؤوس الجميع، الأمن القومي السوري في أخطر حالاته، والتدخل الخارجي الإقليمي والدولي متعاظم من منافذ متعددة، والحالة العامة للبلاد تنذر بمزيد من مخاطر الإحتراب الأهلي  ثم التدهور الإقتصادي، والشباب للأسف الشديد هم وقود هذه الحرب اليومية في كل مكان، بدمائهم الطاهرة أو بمستقبلهم القابع تحت تهديد فشل الوطن ومؤسساته، في إطار ذلك إن  الوطن أمام مفترق طرق، فإما أن ننفذ مخرجات الحوار والمصالحة الوطنية، ونمضي نحو المستقبل الآمن أو أن تنتكس الإنجازات التي تحققت حتى الآن والعودة الى سيناريوهات الرعب والخراب والدمار والإقتتال الداخلي على ذلك النهج الذي نراه في بعض الدول العربية، التي أصبحت  تعيش حالة من الفوضى والإقتتال الداخلي، ومن هذا المنطلق إن لغة العقل والمنطق وتغليب الحكمة هو ما يجب الإحتكام إليه اليوم في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة التي تمر بها سورية الوطن والشعب عبر إصطفاف وطني من كافة  أبناء شعبنا، وفي طليعتهم القوى السياسية والفعاليات الإقتصادية والثقافية والإعلامية  ومنظمات المجتمع المدني، الكل بدون إستثناء مدعوون إلى تحمل المسؤولية الوطنية  والإرتقاء إلى مستوى متطلبات وإستحقاقات التحديات والأخطار التي تحاك ضد سورية أرضاً وإنساناً.


إلى متى سنظل نحس بمرارة الألم والحزن لما يجري في بلدنا الحبيب سورية، فمنذ بداية الأزمة السورية عام 2011 وحتى الآن سفكت الكثير من الدماء على أرض هذا الوطن وشربتهم الأرض، فهل رويتي يا أرض سورية من دماء أبنائك أم ما زلت ظماء، يا مهد الحضارات ثوري في وجه القتل والتخريب وإصرخي بأعلى صوتك كفا ... كفا... فأبنائي غاليين علي ودماؤهم ثمينة وزكية ولن أسمح بسفكها بدون سبب أو هدف، إلا إذا كان من أجل حب الوطن، سنفديك يا سورية بأرواحنا ودمائنا دون هوادة، وسنقدم الغالي والرخيص من أجل تقدمك وإزدهارك، وبالتالي إن المستقبل المزدهر لا يبنيه التطرف ولا الإرهاب، ولا التعصب العرقي أو الديني أو الطائفي، وإنما تصنعه  الشعوب المستنيرة بالعلم والعقل والإنتاج، وتحفظه المجتمعات المتآلفة بالإقتناع  والتوافق والمشاركة والثقة بالوطن.


جميعنا لا يريد الحرب، فلماذا علينا الإنتظار كل هذا الوقت، والحرب تقترب منا رويداً رويداً لإلتهامنا؟ أين المبادرات ذات النوايا الصادقة في تطبيقها لحلحلة الأزمة؟ السياسيون والمثقفون في هذا البلد انكفأوا في منازلهم، والقوى والدول الخارجية تغذي هذا الصراع، وتؤجج الأحقاد بين الإخوة، ليتسنى لمصالحها أن تمر بسلام، وتنفيذ أجنداتها بكل دقة لنجاحها.


إن ما يحدث خلال هذه الفترة الحرجة صراع دولي بأيادٍ سورية وعربية وتصفية حسابات سياسية الغرض منها جر البلاد إلى حالة من الفوضى الخلاقة، فهناك قوى مختلفة تعمل للحيلولة دون تنفيذ مخرجات الحوار والمصالحة الوطنية التي هي المخرج الحقيقي للخروج من الأزمات التي عايشناها خلال السنوات الماضية، لذا لا بد من ضرورة تضافر جهود كل القوى الوطنية وكل أطياف الشعب للإلتفاف حول تلك المخرجات ورفض أي تهديد للأمن القومي للوطن أو الإنتقاص من هيبته وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية أو الطائفية.

في إطار ما سبق يمكنني القول إن الوطن ملك للجميع والوطن يجب أن نحافظ عليه كما نحافظ على حدقات عيوننا، هذا بلدنا جميعاً يجب أن نلجأ إلى الحوار كما أسسناه منذ البداية, لكن اللجوء إلى العنف الإرهاب هذا غير وارد فالإرهاب والعنف لن يحقق للوطن أمناً وإستقراراً ولن يحقق إلا الشتات والتمزق والفوضى، فكل سوري يصاب أو يستشهد خسارة على سورية، إذ يجب الحرص على الجميع مواطنين أو عسكريين، كما أن المحافظة على السلم والإستقرار ضرورة ومسؤولية لا ينبغي التفريط فيها، وتبدو الحاجة للحكمة والصبر اليوم أكثر من أي وقت مضى، ويظل أملنا كبيراً بأن السوريين لن يسمحوا أن ينزلق وطنهم نحو الهاوية، فلنحافظ على بلادنا ونجنّبها مخاطر الفتنة والإحتراب، ونقطع كل ذرائع التدخل الأجنبي الذي لم تجنِ منه الشعوب إلا الويلات والخراب والدمار.


وأخيراً أختم مقالي بالسؤال التالي، هل يتفق السوريون يا ترى من أجل أطفالهم ومستقبلهم ووحدة تراب وطنهم؟، أعتقد انه بإتفاق الجميع والتسليم بحق الآخر في العيش والشراكة الفاعلة دون تشكيك سينهض الوطن وتفشل كل المخططات الغربية الهادفة النيل من الوطن السوري المليء بالآلام والجراحات، أو جعله ساحة حرب لتصفية حسابات دولية وإقليمية ولا يدفع الثمن أولاً  وأخيراً سوى الشعب السوري.
 

سيرياديلي نيوز


التعليقات