أكد الباحث الاقتصادي الدكتور قيس خضر أن المطلوب من فريق الحكومة الاقتصادي الجديد وبشكل عاجل العمل على ثلاثة ملفات تصب في خانة إعادة توزيع «القيمة» -أي كيفية توليد الأموال للشعب السوري لكفاية حاجاته- وليس خلقها لأنها تخص المعالجة السريعة على المدى القصير والمتوسط.

 

ويرى أستاذ التحليل الاقتصادي بجامعة دمشق أنه من الأفضل اليوم الحديث عن ثلاثة ملفات سريعة وآنية يمكن أن تشكل التحرك الأول لعجلة الحكومة. الأول هو ملف مكافحة الفساد الذي يجب وضعه ضمن خطة وطنية عريضة قابلة للتنفيذ ولا ينفصل عن أي مسار من مسارات الحكومة الاقتصادية والفكرية والخدمية والتنموية وغيرها.. وعبر تحديد عناوين عريضة لهذا الملف وكيفية معالجة ملفات الفساد التي تم تأكيدها بشكل كبير جداً والتي تعتبر شرطاً أساسياً لنجاح أي فعالية اقتصادية قادمة، فإذا بقيت السوق أو المؤسسات أو غيرها فاسدة فإنه لا يمكن لنا أن نتصور نجاح أي سياسة اقتصادية قادمة.

 

ويتمثل الملف الثاني في قيام التجارة الداخلية والجهات المعنية بالتوجه نحو السوق والسيطرة عليها ومحاولة ضبط مسألة التسعير بهدف ردم الفجوة بين الرواتب والأسعار، إذ إن جزءاً من هذه الفجوة لا يتعلق فقط بالدخول وقدرة الحكومة على زيادة رواتب المواطنين، وإنما يكفي أن تقوم بضبط الأسعار كي يتحسن الدخل الحقيقي للمواطن، معتبراً أن الجيد في هذا الأمر هو أن ضبط فلتان السوق لا يحتاج إلى أموال هائلة وإنما لعملية ضبط إداري منظمة وقبضة حديدية مؤسساتية موجودة بيد صانع القرار السوري وبإرادة حقيقية منه.

 

ولفت خضر إلى أن الملف الثالث يتعلق على وجه التحديد بوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أي كيفية العمل على ربط السوق الداخلية بالسوق الخارجية وهو في سياق التوجه شرقاً، أي كيف يمكن الاستفادة من الحلفاء والأصدقاء من أجل خلق تدفقات سلعية وخدمية على وجه التحديد سواء من جانب الخط الائتماني الإيراني أم الخط الائتماني المزمع مع الجانب الروسي.وأيضاً، كيف يمكن لوزارة الاقتصاد إدارة هذا الملف، إذ عليها تحقيق نوع من التوازن على مستوى التسعير، أي ألا نأتي بالسلعة من إيران أو غيرها لنجد أن سعرها قد تضاعف مرات عديدة في السوق السورية، ولذلك نسأل: لماذا لا تتناسب الأسعار في السوق مع أسعار المنشأ الذي حصلت منه على السلعة؟

 

وبيّن خضر أن هذا الملف يحتاج إلى فريق مؤسساتي اقتصادي قادر على ضبط مسألة التسعير بين أسواق المنشأ للسلع والخدمات الخارجية وكيفية نقلها بأمانة وبموضوعية وفرضها على كل من المستهلك والمنتج والموزع السوري كي تتحمل جميع أطراف العملية الإنتاجية والاستهلاكية عبء الأزمة بشكل متوازن، ولا طرف على حساب طرف آخر.

 

وعن القرار السياسي السوري بالتوجه شرقاً وأهمية أو كيفية تطبيقه على أرض الواقع ومسؤوليات الفريق الحكومي الاقتصادي في هذا الجانب قال خضر: الاقتصاد السوري لا يعيش في جزيرة نائية وإنما هو ضمن محيط عالمي له حلفاؤه وله أعداؤه، لذا ينبغي على صانع القرار الاقتصادي السوري إدراك أن الحجم الاقتصادي لسورية لا يتناسب مع السياسي، ومن ثم فإن إمكانية التوجه شرقاً نحو الحلفاء والاقتصادات الصديقة مثل «بريكس» وإيران ودول آسيوية ولاتينية وغيرها فيه كل آفاق النجاح.

 

وأضاف: قبل التحرك شرقاً ينبغي إعداد المركب بشكل فعال، أي إعداد قائمة بالاحتياجات وقائمة بمواطن التصريف والاستهلاك، أي يجب أن نقنع الحليف الذي سنتوجه إليه شرقاً بمدى عقلانية ما أطلب ومدى عقلانية كيف سأنفق، لأن الحليف يجب أن يدرك أو أن نشعره بأنه سيقوم بتقديم قرض أو سيفتح خطاً ائتمانياً وأننا سنوظفه في مصلحة الاقتصاد السوري، أي أن نعيد هذا الناتج «وليس أخذه واستهلاكه كأطباق المطاعم لمرة واحدة دون أن يولد قيمة مضافة مرة ثانية».

 

وأضاف خضر: من الضروري جداً التحرك بناءً على «براغماتية اقتصادية» كما تفعل دول الشرق نفسها أي وفق المبدأ الذرائعي العقلاني، فالشرق لا يمكن أن يقدم لنا الهبات أو الحسنات وإنما يقدمها على أساس عقلاني وهو مقتنع بفعالية وجدوى التعامل مع الداخل السوري وقائم على حسابات الربح والخسارة.

 

وختم بالقول: إذا كانت السوق السورية سوقاً استهلاكية واعدة ورابحة تجارياً وخصوصاً للتجار الذين لم يخسروا في تعاملاتهم، فما المانع من أن يكون المسؤول عن ملف دول الشرق رابحاً أيضاً ونحن لا نرى أي سبب من أسباب الخسارة.

 

Syriadailynews - Alwatan


التعليقات