لا مجال للبحث بأي شئ يتعلق بالوطن البديل والحسابات الدولية .خاصة وأنت في خضم الأزمة وتبحث عن حقيقة ماذا سيجري والى أين ذاهبون......

مشاعرك حينها تأخذك لمكان مقدس وهو نفسه المكان الذي تدور حوله الحقيقة  ..

مشاعر ترتقي بك لأدق تفاصيل ذكرياتك ...لهذا أي شئ يمسهم سوف يكلفك الكثير من التعب والتوتر والخطر...

ولكن لا شئ يعلو فوق هذه المشاعر المتوهجة المقدسة التي تذهب بك بعيدا أبعد ما يتصوره العدو....

لا شهرة ولا مال يضاهي تضحية أي شئ يبحث عن حقيقة سوف يكتب التاريخ أحداثها بكل معالمها وأحداثها .

 كل هذا وأكثر تتابعونه بالجزء / 21  .من حضن الشيطان مع كاتبنا القدير يعقوب مراد وحصريا على سيريا ديلي نيوز .

/ الناشر

 

في حضن الشيطان 21

عدت أتحسس الأرض , وخطر لي فجأة خاطر أرعبني ..  قد يكون هناك من يراقبني الآن , ويراقب تصرفاتي .. أستدرت بوجهي بإتجاه الحائط , وثمة سؤال واحد كان يقلقني :

ـ هل سأخرج من هنا حياً أو ميتاً ..!؟

وحين لم أجد جواباً أستسلمت لسلطان النوم ..

لاأدري كم مضى من الوقت وأنا ممدد هنا , ولكني حين بدأت أستيقظت كانت الصورة ضبابية تماماً , والافكار عادت تلح علي إلحاحاً , وكأنها تخاطب القلب والعقل ., ثم مالبثت أن تحولت الى علامات استفهام كبيرة تصارع القلب والعقل ونظراتي تجول في هذا المكان المكان الضيق , المظلم ., فلا أرى إلا من أحبهم يتربعون مابين عقربي القلب والعقل ..

ـ ترى هل عرفت اليزابيت بما حصل معي ..!؟

ـ هل سيأتي من يخلصني ويخرجني من هنا ..!؟ أم ..

وفجأة سطع شعاع من نور غمرني , وسمعت صوتاً يقول بلغة انكليزية :

ـ أتمنى أن تكون نمت جيداً في ضيافتنا .. !؟

التفت حولي فلم أجد أحداً , ولم أر شيئاً , ولكني رأيت نفسي من خلال حزمة الضوء التي غمرتني بحيث يسمح للاخر برؤيتي ..

وضعت يدي على عيني في محاولة لتجنب قوة الضوء , وقلت ساخراً بلغتي العربية  :

ـ ضيافتكم !!

ضحك بصوت عالٍ ., وقال بلغة عربية : يبدو أنك تريد التحدث باللغة العربية .. ليكن سأتحدث معك باللغة التي تفهمها , وأريد أن أعتذر عن الطريقة التي جئنا بك إلى هنا ..

قلت : ومن أنتم .!؟

قال : لايهم أن تعرف الان من نحن , ولكني أعدك بأنك ستعرف قبل أن تخرج من هنا ..

وشعرت ببارقة أمل حين قال قبل أن تخرج من هنا , فهذا يعني بأني بالنهاية سأخرج حياً ... فعدت أسأل مصدر الصوت :

ـ ولماذا أنا هنا ..!؟

ضحك مرة ثانية , فتردد صدى ضحكته في أرجاء الغرفة الضيقة , وقال :

ـ أنت تعرف لماذا أنت هنا الآن ..!؟

ـ لا أبداً .. لاأعرف ..

قال بنبرة حازمة : أسمعني جيداً .. لن ترى باب الخروج من هذه الغرفة إلا إذا اتفقنا أنا وأنت ..

ـ أنا لاأعرفك ., ولاأعرف من أنتم . ! فكيف تريدني أن أتفق مع من خطفني وجاء بي الى مكان لاأعرف أين أنا .!؟

عاد الصوت أكثر حزماً : أسمعني جيداً ., أعرف انك انسان لاينقصك الذكاء , وأعرف عنك أكثر مما تعتقد .. بل أكثر مما تعرف عن نفسك , وأعرف مسيرة حياتك بتفاصيلها الدقيقة , ولكن في الصورة التي أعرفها عنك هناك جوانب رمادية غير واضحة لذلك لدي بعض الاسئلة بحاجة الى أجوبتك لتوضح الصورة بشكل أفضل , وبعدها سترى باب الخروج من هذه الغرفة ..

قلت : وأن رفضت التعاون معك والاجابة على الاسئلة ..!؟

عاد يضحك من جديد : ليس أمامك خيار آخران أردت الخروج فعلاً من هنا , يجب أن تتعاون معنا ., وبصدق ..

وضحكت طويلاً ., وبصوت عال تعمدت أن يسمعه ..

سألني باستغراب :

ـ ماالذي يضحكك بهذا الشكل .. هل رويت لك نكته وأنا لاأعلم ..!؟

قلت : طبعاً .. وهل هناك نكتة أكبر من قولك : بصدق !!

وأردفت كلامي : أنت تفرض علي شروطك , ولاتترك لي أي خيار .. ثم تطلب أن أكون صادقاً .. فهل بعد كل هذا تتوقع أن أكون صادقاً ..

قال : نعم .. وأنا متأكد بأنك ستكون صادقاً .. هل تعرف لماذا !؟

وقبل أن أسأله لماذا ..؟ قال : سأكون معك صادقاً وأصارحك بشيء هام : لقد زرعنا في جسدك شريحة صغيرة جداً وهي موصولة لجهاز كشف الكذب ..

صمت قليلاً ., ثم عاد يقول : لهذا كنت صادقاً بكلامي حين قلت لك ليس أمامك خيار أخر غير الصدق حتى ترى باب الخروج من هذه الغرفة ...

وصمتت أنا , في البدء تملكني الارتباك والرهبة , ولكن بعد ذلك شعرت ببعض الطمأنينة , لانني بين أيدي محترفين ., وليس تحت رحمة عصابات قتلة ..

وكان لابد لي العودة لسنوات عملي كباحث اجتماعي في ادارة السجون , والاستفادة من خبرتي والاساليب الفلسفية والنفسية الناجحة التي تعلمتها ..

عاد الصوت يمزق هدوء تفكيري , ويستفزني نفسياً :

ـ أعتقد بأنك فوجئت بكلامي ., وأنك تفكر الان بالرفض لتبقى هنا ., وسيشكل غيابك مادة دسمة  للصحافة والاعلام ليكتبوا عن اختفاءك .! وتنتشر صورك على صفحات التواصل الاجتماعي مع بوستات رنانة تشيد بانجازات الكاتب والناشط الذي أختفى في ظروف غامضة وووو الخ .. وأنصحك بهذا لانهم بعد ذلك سيجدون جثتك .. وهكذا تصبح بطلاً لفترة قصيرة ثم تصبح على حافة النسيان مثل كل شهداء هذا الزمان ..مارأيك بهذا السيناريو  !؟

وأدركت بأنه لايريدني أن أختارهذا السيناريو, وانما يحاول أن يستفزني لاتعاون ايجابياً .. وأردت أن أقدم له هدية يشعر بأن اسلوبه نجح بالسيطرة عليَ.. فقلت له :

ـ لا بالعكس تماماً ..أنا أحب الحياة , ومغرم بثقافة انسانية الانسان بكل مافيها من حب وفرح وتسامح , ولست من أنصار ثقافة الحقد والخطف والقتل ..

وليس لدي رغبة بالموت هنا  , بل لدي أمل ورغبة قوية للعودة الى دمشق ورؤيتها من جديد .

سألني  : متى ..!؟

قلت : سأقول لك ماكنت أقوله دائماً : عندما أشعر بأن أوكسجين إنسانيتي بدأ ينفذ من روحي ., أسرع لدمشق الياسمين .. لأذوب فيها حباً وعشقاً وكرامة .. ففيها أحافظ على أنسانيتي التي أحبها , وأفتخر بها ., ولا أريد أن أخسرها في غربتي .. وخاصة الآن وأنا في هذه الظروف

عاد يسألني : ومن لك في دمشق ..!؟

ضحكت وقلت :

لي في دمشق ذكرياتي ,,

فرحي وأهاتي ..

روحي وأصدقائي ..

حضارة الماضي والحاضر والمستقبل الآتي ..

لي في دمشق .. عشق  ..

لي في دمشق .. دمشق ..

فأنا دمشقي الهوى من جبل قاسيون وحتى الفراتٍ ..

قال : معلوماتي تقول انك لست من مواليد دمشق ..

قلت مصححاً : عندما أقول دمشق فأنا أقصد سوريا , كل سوريا ..

قال مستوضحاً : يبدو أنك حزمت أمرك , وأتخذت قرارك بالرفض على التعاون معنا ., لتكون شهيد دمشق ..

ضحكت , وقلت :

ـ ليس ذنبي انك لم تفهم كلامي .. لذلك سأوضح لك أولاً :

ـ لا أريد لأحد أن يموت من أجل دمشق , وأنا لا أريد أن أموت من أجل دمشق , بل أريد أن أعيش لأجل أن تعيش دمشق .

ـ وثانياً أريد أن تلغي كلمة ـ تعاون ـ لأني فعلاً  لن أتعاون معكم لأني لا أعرفكم , بل سأكتفي بالاجابة مرغماً على أسئلتك أيها المحقق لاحصل على براءتي  .

صرخ بصوت جهوري وكأنه حقق نصراً كبيراً :

ـ اتفقنا ...

ثم صفق بيديه فعم النور كل أرجاء الغرفة , ودخلت صبية حسناء تحمل الطعام والشراب وقال :

ـ سأدعك الأن لتناول الطعام والشراب ,  وتتعرف على مكان اقامتك , ولاتنسى أن تسال الصبية لتدلك على مكان الحمام والمرحاض , وترتاح قليلاً , وسنلتقي بعد قليل وجها لوجه في غرفتك  .

في الحلقة القادمة : وجهاً لوجه مع الاسئلة التي يتوقف مصيري عليها ...!؟

 

وللحديث تتمة

 

تنويه : في حضن الشيطان ./ بحث وتحقيق وأحداث حقيقية تم كتابتها في صيف 2013

 

ـــــــــــ . يعقوب مراد . ـــــــــــــ

سيريا ديلي نيوز


التعليقات