خاص- سيريا ديلي نيوز

أنهيت كلامي في الجزء السابق بقولي : بعد مشاركة اليزابيت اللوجستيه

مع الفريق السويدي المشارك في قافلة الحرية انقطعت اخبارها , وتضاربت الاراء فلم نجد لها اسماً بين الذين اعتقلتهم اسرائيل بعد الهجوم الاسرائيلي على سفينة مرمرة المشاركة في قافلة الحرية المتجة الى غزة لكسر الحصار في اواخر شهر ايار 2010 ...

ومرت السنوات ونحن نبحث عنها في كل مكان ولكن دون جدوى , وكنت أرفض الاعتراف بحقيقة ان اختفائها يعني موتها .. وهاأنا اليوم أراها .. أرى تلميذتي التي افتخر بها .. هذه هي اليزابيت التي احب اناديها ليزا .. ومرة ثانية حضنتي ولكن هذه المرة كانت دموع الفرح وسط تصفيق الحاضرين ... /

وقف البروفسور فريدريك , وقال :

ـ كل الذي قلته أنت الان عن اليزابيت مكتوباً هنا في ملف اليزابيت وبخط يدها ,,

ولن أقول لك الان كيف تمت عملية تهريب واخفاء اليزابيت بعد القرصنة الاسرائيلية ,

بل سنترك هذه المهمة لها تخبرك بها فيما بعد , ولكن استطيع أن أخبرك بأنها من يومها وهي معنا , واليوم نود أن نشكرك ونشكر حضورك بيننا .

وقاطعته : ولكن لم تقل لي من أنتم ..؟

 

ـ هاربـــــــــــــــون !!!

قلت ذلك مستغرباً قال مؤكداً : نعم هاربون ..

واشتقينا هذا الاسم من قصيدة الهاربون لنازك الملائكة , ودعني اطلعك على هذه اللوحة المخملية التي دونت عليها القصيدة :

نازك الملائكة : الهاربون

 

إلام نجوب سحيق البلاد ؟

يعيث السراب بنا

تناولنا وهدة لوهاد

ويخدعنا المنحنى

***

وفيم أتينا ؟

يسائلنا البحر : ماذا نريد ؟

وتلحقنا عربات الرياح وتبقى تعيد

تعيد السؤال

ولا ردّ إلا خطوط الملال

على صمت أوجهنا في الليالي الطوال

نفرّ وتدركنا من جديد

***

ويسألنا الأفق أين نسافر ؟ أين نسير ؟

ومن أيّ شيء هربنا ؟ وفيم ؟ لأي مصير ؟

وفي صمتنا

قلوب تدقّ , ووقع المنى

على يأسنا فرح لا يطاق فهيّا بنا

لنبحث عن جرح حزن صغير

***

وفي سيرنا نسمع الليل يسخر من سرّنا

يلاحقنا بالظلام ويغري الرياح بنا

يقول الطريق

لماذا نجوب الوجود السحيق

يلاحقنا أمسنا ورؤانا ووجه صديق

وحتام نهرب من ظلّنا ؟

***

وفي سيرنا في الدياجير نبصر هزء القمر

ويغضبنا في سناه البرود , وبعض الشجر

يسدّ السبيل

علينا , ويسخر منّا الأصيل

وينبئنا أنّنا الباحثون عن المستحيل

وأنّا , برغم منانا , بشر

***

ونسمع من جنبات المسالك ذات مساء

صدى هامسا في الدجى أنّنا.. أنّنا جبناء

نخاف الأصيل

ونرحل لا رغبة في الرحيل

ولكن نهرب من ذاتنا , من صراع طويل

ومن أنّنا لم نزل غرباء

***

وها نحن , حيث بدأنا , نجوب الظلام الفظيع

شتاء يموت , وأسئلة لم يجبها ربيع

حيارى العيون

يسائلنا غدنا من نكون ؟

ويتركنا أمسنا المنطوي في ضباب القرون

فيا ليل , يا بحر , أين نضيع ؟

ـــــــ

قلت : رائع فعلاً , وأنا من عشاق نازك , ولكن :

 

ـ لماذا تهربون . ..؟

ـ لاننا نعرف أكثر مما يجب ,,

ـ لم أفهم ., هل بالامكان أن تشرح لي أكثر .. ؟

ابتسم بمودة , وقال : طبعاً ., ولكن .. ـ هل تريد فعلاً أن تعرف ..!؟

ـ طبعاً .. وهذا سبب وجودي ..

ـ ولكن المعرفة تحتاج الى مغامرة ., فهل تستطيع المغامرة ..!؟

ـ أعتقد بأنك أصبحت تعرف الجواب ..

ـ الاعتقاد شيء , والإيمان شيء آخر ..أن تعتقد بشئ فهذا لايكلفك أن تغامر بأي شيء ,

ولكن أن تؤمن بشيء فذلك يصبح مبدأ وغاية نبيلة يجعلك أن تغامر بكل شيء لأجل هذه الغاية الانسانية النبيلة ..

وحسمت أمري بكلمة : أريد أن أفهم الحقيقة ..

قال : كل انسان يريد أن يعرف الحقيقة , ولكن ليس كل انسان لديه القدرة أن يدفع ثمنها .

ـ وماهو الثمن المطلوب مني .!؟

ـ الحفاظ على السر ., فأن حافظت على السر فلن تدفع أي ثمن لقاء ذلك

, ولكن ان لم تحافظ على احترام السرية قد تكون حياتك هي الثمن ...

وبثقة وتحد قلت : موافق على المحافظة على السر , وأقسم على ذلك فقط ..

بشرط أن لاأكون طرفاً أو اداة ضد الانسان والانسانية , ولاضد وطني ,

ولا أن يفرض علي شيئاً يخالف قناعتي وضميري .

اقترب البرفسور مني وبيده كتاب وضعه على الطاولة ,

وقال : ضع يدك على كتاب مجموعتنا / من أجل الانسان / .

واقسم أن تحفظ السر , وأن تكون أفعالك وأفكارك وحياتك من أجل الانسان ..

وضعت يدي , وأقسمت العهد الجديد ., ثم أخذ بيدي , واقتربنا من الجالسين حول الطاولة المستطيلة , وقال :

ـ البروفسور ج . م خبير اقتصادي كان لسنوات طويلة مستشار اقتصادي للبنك الدولي , ولديه وثائق ومستندات هامة جداً ..

ثم أقتربنا من الثاني , وقال :

ـ وهذا وزير مالية سابق لاحدى الدول وكان على صلة مباشرة بكل العقود والرشاوي وغسيل الاموال في بلده ,,

والثالث , هذا رجل اعمال ملياردير كان يطلب منه تمويل صفقات اسلحة غير شرعية لمنظمات على لائحة الارهاب الدولي .

والرابع هو خبير قانوني عمل لسنوات في الامم المتحدة , وكانت مهمته الوحيدة ايجاد الثغرات لتمرير عراقيل في تفاصيل العقود والاتفاقيات وحتماً سمعت بعبارة يرددها السياسيين كثيراً

ـ الشيطان يكمن بالتفاصيل ـ كان هو المقصود لانه هو من يضع تلك التفاصيل .

والخامس هو عراب صفقات الاسلحة لمنظمات ومؤسسات وأفراد

والسادسة كانت مسؤولة علاقات عامة في البنك الدولي ., ومشرفة على كل العلاقات الاباحية واللاخلاقية لتوريط رجال لهم قوة ونفوذ .

والسابع هو جنرال متقاعد مهمته وضع خطط عسكرية لصالح الجهات والمنظمات التي لديها طموحات سياسية او عسكرية او دينية .

والثامن هو رجل دين وسيط ينفذ مايطلب منه بفتوى يمررها لمن يهمه الامر ..

والتاسع هو رجل جمارك كانت مهمته تمرير كل مايطلب منه ,,

والعاشر هو طيار كانت مهمته ايصال رسائل خاصة جداً ...

وصديقتك اليزابيت وانت تعرف قصتها تماما

كل الذين تراهم الان في هذه القاعة وغيرهم هم هاربون من بلادهم التي لاتعرف بانهم على قيد الحياة بل هم أموات ..

تماماً مثل اليزابيت .

قلت : لماذا ...؟ قال : ياصديقي ,,

الذين تعرفت عليهم الان ولظرف ما , قرروا التمرد على واقع حياتهم ,

ورفضوا اسلوب حياتهم التي دمرت بلاد وشعوب

ـ ولماذا يهربون ,. ؟

لماذا لايستقيلون .؟

ـ في مثل هذه الاعمال ليس هناك استقالة الا للقبر

ـ لماذا ..؟

ـ لانهم يعرفون أكثر مما يجب

ـ وماذا يعرفون ,,.؟

نهض , ومشى باتجاه صورة السيد المسيح مصلوباً , وقال :

ـ يعرفون الحقيقة التي تبحث عنها ياصديقي ,,

يعرفون الحقيقة التي جئت لليونان لاجلها ,,

يعرفون كل شي ,, فهل مازلت تريد أن تعرف الحقيقة ,,ّ.؟

نظرت الى اليزابيت .,

فوجدتها تأكل أظافر أصابعها قلقة , وكأنها فهمت نظرتي فاسرعت إلي وطلبت أن تتحدث معي على انفراد ,,

وخرجنا من الغرفة السرية لبهو الكنيسة ..

ـــــــــــ . يعقوب مراد . ـــــــــــــ

 

ـ في الحلقة القادمة

سنعرف ماذا قالت اليزابيت .؟

ولكن هل سنعرف الحقيقة ,,.؟

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات