إن أردت أن تعرف مستقبل أمة عليك النظر إلى وجوه أطفالها؟؟ 
ماذا نقرأ في وجوه أطفالنا؟ 
ماذا سنجد على خطوط أيديهم التي استبدلت القلم بالعمل المضني والمسؤولية المبكرة التي يعجز الكبار عن تحملها في بعض الأحيان؟
معظم الأطفال المتواجدين في الشارع تركوا المدرسة في عمر مبكر ولا يحملون في ذاكرتهم الفتية سوى المهانة وعذاب المشي والتجوال هنا وهناك، عمالة الأطفال لها أشكال كثيرة وضحية واحدة، لا سواها وهي" الطفل"، الطفل الذي ترافق ذكر اسمه مع كلمات معينة مثل البراءة والزهور والوردة، لكن الأطفال الذين نتحدث عنهم هنا يثيرون الشفقة، فمنهم من أمتهن بيع العلكة قرب الشارات المرورية وفي الساحات العامة والحدائق، ومنهم من يتنقل بين السيارات لبيع المحارم أو الورد أو السكاكر أو يمسح البلور لا وقت له للتفكير للذهاب إلى المدرسة أو اللعب بالكرة أو ممارسة هوية يحبها 
أبرياء في الشارع ...
الطفل محمد لم يتجاوز عشر سنوات يعمل في بيع البسكويت عندما سألته عن سبب عمله لساعات طويلة أجاب بحزن وألم باد والدمعة تغرغر في عينه ونفسه العزيزة ترفض ذرفها لأنه يعتبر أن البكاء للأطفال الصغار وهو بعمله مثل رجل كبير قال: أنا مسئول عن عائلة مؤلفة من أم وثلاثة أخوة فتيات والأزمة جعلتنا منا عائلة مشردة في الطرقات .


وضحكة الطفلة سارة لم تفارق وجهها الجميل رغم أن حالها لم تكن أفضل من حال الطفل محمد ولكن والدها الراقد على الكرسي جعله بلا عمل في حين تعمل والدتها  في الخياطة ولا يوجد مردود آخر للمنزل لذلك قررت سارة بيع العلكة على الرصيف في منطقة البرامكة من أجل مساندة والدتها المتعبة من كثرة مصاريف المنزل وعلاج الأب.

أما قصة خالد فهي مختلفة ويطبق عليها قول الشاعر:  
لكل شيء إذا ما تم نقصان     فلا يغر بطيب العيش إنسان 
هي الأمور كما شاهدتها دول  من سره زمن ساءته أزمان

فقد كان والده مدير عام لإحدى المؤسسات العامة فكان خالد يذهب أميراً ويعود وزيراً ولكن هذه الحالة لم تستمر معه، فالأب الفاسد الذي لم يكن أهلاً للثقة التي وهبتها له الدولة لم يمض أكثر من سنوات في منصبه حتى أحيل إلى القضاء وحجز على أمواله وأموال زوجته المنقولة وغير المنقولة، ما أدى إلى وفاته إثر نوبة قلبية لتنهي كل شيء ولتبدأ المرحلة الجديدة لخالد الذي كان فيها أميراً ليصبح بائع بسطة في شارع الثورة وهو ابن 13 عاماً من أجل تأمين مصاريف الدراسة له ولباقي أخوته الصغار.
لماذا يعمل الأطفال؟
الكثير من الأطفال المتشردين الذين يتواجدون في الشوارع والأزقة وعلى أشارات المرور يتراكضون على السيارات لكي يحصلوا على ليرات قليلة ليسدوا بها أخر النهار رمق جوعهم فالأزمة أثرت عليهم كما قالوا مما أطال عليهم أوقات فراغهم  وضيق الآفاق المستقبلية، فيقفون إلى جانب الذين سبقوهم في مسيرة التشرد، لتبدأ مسيرة المعاناة والألم، وبدلاً من أن ترى لعبة في يده وابتسامة مرسومة على وجهه، أو تجده

 مستيقظاً نشيطاً  ليشرب كأس الحليب ويستعد للذهاب إلى المدرسة، ستجده بائعاً متجولاً عبوس الوجه يجوب الشارع بحثاً عن الرزق.
عمل دون تنفيذ...
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كعادتها تقوم بدراسات نظرية لمتابعة الحالة ولكن دون تنفيذ النتائج المطلوبة على أرض الواقع بل نجدها موضوعة على الرفوف متروكة للزمن ليأكلها الغبار،وعندما سألنا الوزارة عن الموضوع كانت الأبواب مغلقة بوجههنا والاكتفاء الأزمة فرضت ظروف قاسية على جميع السوريين وخاصة الأطفال ونحن لم نستطيع القيام بإحصاءات دقيقة خلال الفترة الحالية ولكن نحاول مكافحة هذه الظاهرة من خلال البرنامج الموقع منذ عام 2008  مع منظمة العمل الدولية، وتضمن البرنامج دراسة أوضاع الأطفال في سوق العمل وإصدار قاعدة بيانات تبين أسوأ الأعمال وأخطرها لمنعهم من العمل فيها ومن مكونات 

هذا البرنامج التحضير لبرنامج وطني للقضاء على عمالة الأطفال.‏ 
أما عن عمل الجهات الرقابية في الوزارة الخاصة بمتابعة عمل الأطفال خلافاً للقانون فهناك كما يقال جهاز للتفتيش في الإدارة المركزية ومديريات الشؤون في المحافظات أناط به القانون مهمة التفتيش على منشآت القطاع الخاص، لكن لدى الوزارة أقل من (100) مفتش في كل المحافظات بينما عدد منشآت القطاع الخاص تزيد على خمسمائة ألف منشأة غير تلك التي تعمل دون ترخيص نظامي، وبيانات الوزارة تشير إلى ضبط ما يزيد عن 500 حالة سنوياً، فالرقم لا يتطابق مع الواقع نتيجة قلة عدد العاملين بجهاز التفتيش لدى الوزارة.‏
عكس كلام الوزارة ...
من جهة عكس ما تردده وزارة الشؤون الاجتماعية نلاحظ وجود أعداد كبيرة من الأطفال المشردين في الشارع خلال الفترة الراهنة و لا يوجد رقابة ولا متابعة ولم نسمع بما يدعى لجان الطواف من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل سوى في الجرائد وعلى شاشات التلفاز.

أكثرهم في الريف‏ 
من جهة ثانية فأن مؤشرات المكتب المركزي للإحصاء بينت أن نسبة الأطفال العاملين في الريف تفوق نسبتهم في المدينة حيث بلغت نسبتهم في الريف 5.5٪ بينما لم تتجاوز 2،6 في المدينة، ومعظمهم في الريف يعملون مع ذويهم في الزراعة لذلك كانت النسبة أعلى في المحافظات الشرقية.‏ 

دور الأم المتعلمة‏ 
كما بينت إحصائيات المكتب المركزي أن عمالة الأطفال تختلف هبوطاً وصعوداً بحسب الحالة التعليمية للأم، فقد بلغت نسبة الأطفال العاملين لأمهات لم يحصلن على أي تعليم حوالي 6،8٪ في مسح على حوالي عشرة آلاف طفل، وانخفضت النسبة إلى 3،5٪ بين عشرة آلاف طفل تحمل أمهاتهم الشهادة الابتدائية، ووصلت إلى 1٪ لدى الأمهات من حملة المعاهد والجامعات كذلك اختلفت المؤشرات صعوداً وهبوطاً تبعاً للحالة المادية للأهل، حيث كانت مرتفعة لدى الأسر الفقيرة، لكنها لم تكن معدومة لدى الأهل الميسورين مادياً.‏القانون غير رادع وغير متابع !


منعت قوانين العمل تشغيل الأطفال قبل سن الخامسة عشرة، و أعطى القانون الحق لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل منع تشغيلهم في بعض الصناعات التي يراها ما لم يبلغوا سن الثامنة عشرة.‏ 
كذلك منع القانون تشغيل الأحداث الذين تقل أعمارهم عن (16) عاماً بين الساعة السابعة مساء والسادسة صباحاً ولا يجيز القانون تشغيلهم فعلياً مدة تزيد على ست ساعات في اليوم الواحد.‏ وعدم السماح لهم بدخول أمكنة العمل، وعدم تكليفهم بساعات عمل إضافية أو تشغيلهم في أيام الراحة وأن يضع صاحب العمل نسخة من الأحكام الخاصة بتشغيل الأحداث وكأن الأطفال يعلمون حقوقهم أو أرباب العمل يريدون أن ينفذون القانون ويمتنعون على تشغيل الأطفال ولو كان كذلك ما الفائدة من حقوق غير معترف بها بسبب عدم تفعليها؟؟؟
أما الأهل الذين يغمضون أعينهم  ويدفعون أولادهم إلى حياة الألم والتشرد بهدف الحصول على المال في آخر النهار فقد طالهم القانون بالعقوبة، وطال أيضاً أصحاب العمل الذين يستخدمونهم بغرامة مالية بين 25-50 ألف ليرة سورية ولكن هل يوجد من يطبق هذا القانون؟!.‏ 

 

سيرياديلي نيوز - خاص


التعليقات