سيريا ديلي نيوز – علي حسون

 بعد أن أصبح لجم الأسعار مستعصياً على الجهات الرقابية، وفي ظل الفلتان الحاصل في الأسواق، ومع تحوّل المراقب التمويني لما يشبه جابي الأموال عن طريق الرشوة المتعمدة من التاجر، تأتي أهمية إحياء تلك الفكرة التي طرحتها مديرية حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية والتي تمّ رفضها مسبقاً وقوامها تحفيز عناصر الرقابة بمنحهم 10% من قيمة كل ضبط، على أن يمنح المراقب 8%، وتخصّص 2% الأخرى للإداريين العاملين في جهاز حماية المستهلك.

 

فكرة تحفيز العامل على أداء مهمّته هي تقليدية في العمل الإداري تقف في الجانب المعاكس لفرض العقوبات "سياسة الترهيب" بحسب رأي الخبير الاقتصادي الدكتور قيس خضر الذي أوضح أن لكل آلية إيجابياتها وسلبياتها، فآلية إعطاء نسبة معيّنة من قيم المخالفات للمراقبين التموينيين تتجسّد بجعلهم جزءاً من الطرف المحصّل للمخالفات، وبالتالي ستزداد منافعهم ومصالحهم كلّما زادت الإيرادات الناتجة عن فرض المخالفات، مشيراً إلى أن هذه الفكرة تعدّ رئيسية لدى صنّاع القرار عندما يروّجون لمثل هذه الفكرة، وهذا قانون متعارف عليه بما يسميه المحللون الاقتصاديون "نظرية الوكالة".

 

خارج السياق يرى البعض أن هذا المشروع يشوبه سلبيات لا يستطيع أحد تجاهلها، ولاسيما على صعيد إفراغ الآلية من مضمونها وقدرتها على الفاعلية، وربما تجعلها بوابة جديدةً للفساد.

 

خضر لفت إلى أن هذه الفكرة يجب ألا تأخذ منحى خارج السياق التاريخي والجغرافي لتطبيقها، مشدداً على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار من قبل صنّاع القرار أنها ستطبّق خلال فترة زمنية صعبة من تاريخ الاقتصاد المحلي.

 

عيوب جائزة

 الدكتور خضر أشار إلى أولئك التجار الذين ساهموا بانفلات السوق وتشويه الأسعار، كونهم يسلكون طريقاً معاكساً لسياسة المحفزات هذه، مبيّناً أنه عند فرض العقوبة أو المخالفة قد يلجأ التاجر لرشوة المراقب التمويني بمبلغ يفوق النسبة المقررة التي تعرضها الجهات المعنية، وهذا ما يعدّ من عيوب هذه المسألة.

 

وطالب خضر الجهات المعنية عند تطبيق هذا النهج أن يتزامن مع فرض سياسة الترهيب وإنزال العقوبة الشديدة والصارمة بحق المراقب التمويني بما يكفي لتجنيبه سلوك طريق الخطأ، حيث لا ينبغي وضع معايير الاقتصادية ليترك تطبيقها رهناً بأخلاقيات الوحدات الاقتصادية.

 

رشاوى... رشاوى

يُشار إلى أن فكرة التحفيز كانت قد عُرضت على الحكومة منذ خمس سنوات، ورُفضت من قبل وزير المالية آنذاك، بذريعة أن النسبة التي سيحصل عليها المراقب من تنظيمه الضبط ستحسم من واردات الخزينة. إلا أن الفكرة قائمة أساساً على تنظيم الأسواق ومنع المخالفات إلى أدنى حدّ، وبالتالي تحقيق أكبر قدر من الاستفادة للمستهلك وتعميق ثقته بالجهات القائمة على الرقابة، فضلاً عن أنها تمنع المراقبين من تجاوز القوانين وارتكاب مخالفات تندرج تحت بند "الرشاوى"، مقابل غض النظر عن الكثير من المخالفات نظراً للمغريات الكثيرة التي قد يواجهها المراقب التمويني خلال عمله ضمن الأسواق، وبالتالي فإن منح تلك النسبة قد يعوّض عن المخاطر التي قد يتعرّض لها المراقب أيضاً في الأسواق، ومنها حالات التهجّم على المراقبين من قبل المخالفين ومجابهتهم.

Syriadailynews


التعليقات