سنة مرت على نزوح عدد من السوريين الى مناطق الشمال تبدد خلالها لدى السواد الأعظم منهم، الكثير من الأحلام، وانقشع زيف الوعود الفضفاضة التي سمعوها على لسان من باتوا اليوم بحسب النازحين "يتهربون من الاستماع إلى معاناتنا ولقائنا ولو لبعض الوقت، ولا يردون على اتصالاتنا الهاتفية". ويعيش في طرابلس وضواحيها (الميناء والبداوي)، نحو 1500 عائلة نازحة تستفيد مما يقدمه لهاالمحسنون من مساعدات، لكن يبقى الهمّ الأكبر في كيفية تأمين بدل إيجارات المنازل والغرف التي تأويهم. من يزر المناطق الشمالية حيث يتواجد النازحون السوريون، الذين جرى تضخيم أعدادهم من بضع مئات الى آلاف لكسب بعض الجمعيات المال من العديد من الدول الخليجية، يتلمس نقمة هؤلاء على "جهات سياسية لم تكتف بإظهار الحماسة لدى استقبالنا مع بداية الأزمة بل حرصت على توجيه الدعوات إلى العائلات السورية للهروب إلى لبنان" بحسب ما تقول إحدى العائلات التي تؤكد "ان هذه الحماسة لم تعد موجودة بعدما أدّينا دوراً سياسياً ضاغطاً مع انطلاق الثورة، والسبب قلة المساعدات والشح في المال" مشيرة الى "غياب شبه تام لبعض التيارات السياسية التي تكتفي اليوم بإطلاق التصريحات المناهضة لنظام بشار الأسد". لا يخفي قسم كبير من النازحين السوريين المتواجدين في طرابلس، استياءهم من تردي أوضاعهم المعيشية والإنسانية وعدم ترجمة بعض القوى السياسية للوعود التي أُغدق منها الكثير في بداية الأحداث، فيما لم ينفذ إلا القليل على أرض الواقع الذي يشهد على مآس إنسانية، رواها لـ"الانتقاد" العديد من النازحين.

ضحى. م تقول "إن سبب اختيار عائلتها مدينة طرابلس يعود لما أبلغوا به، وشاهدوه بداية عبر وسائل الإعلام من اهتمام وحسن استقبال" لافتة النظر إلى أنهم "وجدوا بيئة حاضنة لكنهم افتقدوا الاحتضان".
 لفت عزوف نازحين سوريين عن المشاركة في تظاهرات مناهضة للنظام ما اضطر وسائل اعلام الى دفع مبالغ مالية لمن يظهر على الشاشة ويشتم الرئيس بشار الأسد.
عائلة عوض على سبيل المثال تعاني مأساة إجتماعية كبيرة. تروي فاطمة كيف أنها نزحت مع عائلتها من حمص بعد معارك شديدة وقعت في منطقة الخالدية، ولجأت الى طرابلس ومعها أطفالها بعد أن رأت على إحدى الشاشات الترف الذي يعيشه النازحون. تعبر فاطمة عن تفاجئها حين توجهت الى أحد مراكز الجمعيات الاسلامية في منطقة أبي سمراء حيث وقع شجار بين عدد من النازحات والمشرفين على تلك الجمعية الاسلامية بعد أن طلب منهن "الصعود الى الباص لنقلهن الى أحد الاعتصامات في مدينة الميناء في "عيد الام" ورفع لافتات ضد الرئيس السوري بشار الأسد". تقول فاطمة "حين رفضنا ذلك قال المسؤول الشرط الوحيد لحصولكن على المساعدات هو المشاركة معنا في الاعتصام، وحين رفضنا ذلك مجدداً طلب أن نقف في وسط الشارع لأخذ صورة لنا عبر الفيديو، فوقفت إحدى النساء بخجل وقد غطت وجهها بحجابها قائلة لهم الله يسامحكم والله يا جماعة نحن فقراء ولا ذنب لنا في كل ما يحصل في سوريا، نحن جئنا إلى هنا لنطعم أطفالنا". فأجابها المسؤول "إذاً عليك ان تمشي تحت إمرتنا وتسمعي كلامنا". ولدى مراجعة مصادر الجمعية الاسلامية المذكورة أكد مسؤول فيها "وقوع الحادثة" عازياً ما حصل الى طلب إحدى دول الخليج عدم تقديم أي مساعدة لأي عائلة إلا بعد مشاركتها في مسيرات مناهضة للنظام. علماً أن الاوضاع المزرية التي يعيشها النازحون أدت الى عزوف الكثيرين عن المشاركة في أي اعتصام أو مسيرة ضد النظام، ما اضطر وسائل إعلام "الرأي والرأي الآخر" الى دفع مبالغ مالية لكل عائلة تظهر عبر الشاشة وتحرض على النظام السوري وتشتم الرئيس بشار الأسد. تقول أسماء عوض "بكل صراحة لقد سئمنا الوعود ومللنا من الحديث عن معاناتنا أمام وسائل الإعلام، فظروف معيشتنا ظاهرة للعيان، وكل ما نحتاجه حليباً لنطعم اطفالنا ودعماً حقيقياً وليس كلاماً". ينظر النازحون السوريون في طرابلس بخوف شديد الى مصيرهم ومستقبلهم في ظل انعدام الصورة الواضحة في وطنهم، وعدم وجود مرجعية موحدة وصالحة تهتم بشؤونهم وتتابع قضاياهم اليومية. وكثيرون هم من باتوا على قناعة تامة بأن الآتي من الأيام، لن يكون أفضل مما مضى، ما دفع ببعضهم إلى العودة الى سوريا، بمساعدة شخصيات سياسية في قوى الثامن من آذار بعد حصول الأخيرة على ضمانات بعدم محاسبة من ظهروا على شاشات التلفزة وهاجموا النظام. فادي منصور_الانتقاد   سيريا ديلي نيوز  

التعليقات