سألت هيفاء "السيدة فيروز" في مسرحية "يعيش يعيش" جدّها "نصري شمس الدين" قائلة:
لماذا يا جدي يبدأ البيان الانقلابي بعد كل انقلاب جديد بـ "بعد الاتكال على الله والشعب"؟
فاجابها جدّها قائلاً:
لأن الله والشعب يطيلون بالهم كثيرا "اي يصبرون كثيرا"
........
انا من الشعب الصامت، من الذين يتكلم الجميع باسمهم دون اخذ رأيهم، الذين يريدون ان يعيشوا بسلام ويعودوا الى بيوتهم بعد عملهم، وطموحهم هو ان يرسلوا اولادهم الى المدارس لكي يرتقوا من خلال العلم الى حياة افضل من حياة عائلاتهم.

انا من الشعب الصامت الذين يشكلون الاكثرية التي ترضى بأي شيء...

بالوقوف طويلاً – منذ ما قبل التاريخ - امام افران الخبز
بالجلوس انتظاراً لحافلات النقل العام التي لا تأتي
بانتظار المياه التي تنقطع منذ عهد نفرتيتي وتوت عنخ آمون
بانتظار أول الشهر لكي يقبضوا مرتباتهم التي كانت باحسن الاحوال تكفيهم الى ما بعد منتصف الشهر

هذا الشعب الطيب الصامت الذي كان يندد بالامبريالية عندما يطلبون منه التنديد، ويُسقط في الليل ويعيّش في اليوم التالي نفس الشخص اذا طَلب منه أولي الامر ذلك........

هذا الجزء الصامت من الشعب، المغلوب على أمره، أصبحت طموحاته تنحصر في عصر المعبر الوحيد بين مدينة حلب (التي قسّموها الى شرقية وغربية) هو تأمين ربطة خبز وكيلو خيار وبندورة....

اصبح طموحنا في عصر معبر رفح الحلبي، ان نَهرب من القناصة لنشتري قوت اولادنا وجرة غاز ونتلقى الكثير من المواعظ والخطابات والاهانات والذل...

اصبح طموحنا ان نصدق حتى الاوهام، فنقف على المخابز لأننا سمعنا وصدقنا أنهم سيوزعون بطاقات لدخول الجنة، وتركض الالسنة قبلنا ونحن ندور من مسؤول الى مسؤول لنؤمن موافقات للخبز والمازوت وحفوضات الاطفال

ويريدون منا فوق كل ذلك ان لا نقول آه

احزن وتنساب دمعتي لكل القتلى من المدنيين الذين لم يبقوا في بيوتهم إلاّ لأنهم لا يملكون امكنة غيرها ولم يغادروا حلب لأنهم لا يملكون المال لذلك.

احزن لكل النازحين من الأطراف الذين اصبحت الدول تعرضهم كفئران تجارب وتتسول عليهم.

احزن لقتلانا من الشباب الذين اُعدموا وقُتلوا لا لشيء الا لأنهم كانوا وقوداً في حربِ لم يختاروها وأتت أوامرها من الفضاء.

يذكرني ميخائيل نعيمة عندما قال واصفاً حالنا تماماً
 


أخي ! قد تَمَّ ما لو لم نَشَأْهُ نَحْنُ مَا تَمَّا
وقد عَمَّ البلاءُ ولو أَرَدْنَا نَحْنُ مَا عَمَّا
 


يصورون الناس وهم يلحقون باذلال سيارات الخضار لا لشيء الا لكي يصورون الامر وكأن كل شيء تحت السيطرة وأنهم يؤمّنون كل شيء لهذا المواطن الصالح الطيب الذي بشروه بالجنة

لقد تفاقم وجود السلاح مع الجميع بحجة الدفاع عن المواطن والوطن

كتب نزار قباني قصيدة غنّتها ام كلثوم : وانتشرت في السبعينات  والثمانينات من القرن الماضي

تقول القصيدة
أصبح عندي الآن بندقية
الى فلسطين خذوني معكم
.....
عذرا نزار فالبندقية الآن ليست موجهة من أجل فلسطين
ولا استثني احداً

اصبحت البندقية بطاقة رابحة للحصول على الخبز من الأفران
والغاز والمازوت وكل شيء

فحجتنا اننا ندافع عن الوطن

واصبحت ترى البنادق في الافران فاذهب يا صديقي
وقم بتغيير القصيدة لتصبح

أصبح عندي الآن بندقية
الى الأفران وصفوف الدَور خذوني معكم

اللهم اشهد اني بلّغت

المهندس باسل قس نصر الله


التعليقات