أعلن وزير المالية الدكتور محمد جليلاتي يوم الجمعة، أن انخفاض سعر صرف الليرة السورية خلال اليومين الماضيين، ناتج عن تلاعب تجار العملة والمضاربين في السوق السوداء بأسعار الصرف لكسب أرباح خيالية وليس ناتجا عن العرض والطلب، فيما قال حاكم مصرف سورية المركزي أديب ميالة إن المصرف سيكون اللاعب الأساسي في سعر الصرف، وسيتدخل في الوقت المناسب.

 

وقال جليلاتي في تصريح صحفي، نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) إن "المتلاعبين بأسعار الصرف في الظروف الحالية هم أعداء للشعب لأنهم يتلاعبون بقوته ويساهمون في خدمة عملاء الوطن مع بعض القنوات الإعلامية، التي ركزت على الموضوع لإزعاج المواطن، وإقناعه بأن وضع الاقتصاد سيئ".

وأشار جليلاتي إلى أن "هذا الأمر كان موضع اهتمام كبيرا من مجلس النقد والتسليف ومن مصرف سورية المركزي، الذي يتابعه كل ساعة ويتخذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين".

وكان متعاملون أفادوا مساء الخميس، أن سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية في السوق "السوداء" تراجع إلى 80 ليرة بعد تجاوزه 100 ليرة مساء الأربعاء، وذلك بعد أنباء عن تدخل مباشر للمصرف المركزي في سوق الصرف، فيما حدد المركزي اليوم السبت، سعر صرف الدولار مقابل الليرة شراء وحوالات بـ 59,54 ليرة فى حين وصل المبيع إلى59,90 ليرة.

وأشارت تقارير إعلامية في وقت سابق، إلى تدخل من قبل المصرف المركزي في السوق المالية من خلال المصرف التجاري السوري، حيث تضمن البيع والشراء دون قيود، ليصبح المركزي اللاعب الرئيسي في السوق، حيث سيبيع بسعر السوق السوداء ناقص ليرة وسيبيع لدى الارتفاع ويشتري لدى الانخفاض، بحسب التقارير.

ولفت جليلاتي إلى أن "هناك قانونا للصرافة يمنع شركات الصرافة غير المرخصة من التداول والعمل بالقطع الأجنبي تحت طائلة المساءلة لأن من يمارس هذه المهنة بغير ترخيص، يهدف للتلاعب بسعر الصرف وبقوت الشعب، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع غير مبرر بأسعار السلع الاستهلاكية والغذائية".

وكان مصرف سورية المركزي أصدر قرارا في شهر كانون الثاني الماضي، يسمح للمصارف المرخص لها بالتعامل بالقطع الأجنبي ولشركات الصرافة المرخصة بشحن الأوراق النقدية الأجنبية "البنكنوت" باستثناء الدولار الأميركي واليورو من داخل سورية إلى خارجها برا أو جوا.

وأوضح جليلاتي أن "سعر الصرف يحدد من خلال تفاضل العرض والطلب بين الكمية المعروضة من القطع الأجنبي والكمية المطلوبة، التي تكون عادة لتأمين مستلزمات الإنتاج والمستوردات من المواد الأولية والمنتجات الجاهزة وهذا لم ولن تتوقف الدولة عنه والدليل أن كل المواد التموينية ومستلزمات الإنتاج موجودة في الأسواق المحلية والمعامل تعمل".

وقال إن "أعداء الوطن لم يجدوا وسيلة غير المضاربة ليلجؤوا إليها وهي وسيلة ضعيفة يمكن معالجتها فورا والدليل على ذلك أنه خلال يومين أعيد سعر الصرف إلى وضعه الذي كان عليه".

وبوصول سعر صرف الدولار بالسوق السوداء يومي الأربعاء والخميس إلى حاجز الـ 100 ليرة، يكون الدولار، قبل انخفاضه إلى 80 ليرة، قد ارتفع بأكثر من 52 ليرة مقارنة بسعره قبل نحو عام، وذلك بعدما كانت البيانات الرسمية أظهرت خلال عام 2011 إن الليرة السورية خسرت أكثر من 16% من قيمتها أمام الدولار، وذلك بارتفاع وسطي سعر صرف في كانون الأول 2011 إلى 54.69 ليرة سورية، مقارنة بـ47.11 ليرة وسطي كانون الثاني 2011.

وأشارت تقارير إلى أن سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية في السوق السوداء تجاوزت 110 ليرات الخميس، فيما لم يصدر المصرف المركزي اليوم نشرة تحدد أسعار الصرف بسبب عطلة رسمية، إلا أن نشرة أمس حددت سعر الصرف تحت حاجز 60 ليرة.

بدوره، صرح حاكم مصرف سورية المركزي أديب ميالة إنه "تم وضع الإجراءات اللازمة لاستقرار سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية وعودتها إلى الوضع الطبيعي ومن أجل صد الشائعات التي تروج لانخفاض سعر صرفها".

وأشار إلى أن "المصرف المركزي سيكون اللاعب الأساسي في سعر الصرف، وسيتدخل في الوقت المناسب ووفق ما يتناسب مع الظروف المحيطة لكي يكون ذلك أكثر جدوى".

وكان ميالة، أعلن الشهر الماضي، أن المصرف سيكون متواجدا في السوق غير النظامية بشكل "لا يتخيله المضاربون"، مشيرا إلى أن المركزي يراقب التطورات الجديدة على سعر صرف الليرة السورية من أجل تحديد كيفية تدخله بالسعر المرتفع لإعادته إلى المنطقة الطبيعية.

كما أعلن أواخر كانون الثاني الماضي، عن عزم المصرف ضخ كميات ضخمة من القطع الأجنبي في الأسواق، مبينا أنه سيتدخل بجزء بسيط من احتياطيه الهائل من القطع الأجنبي حتى يعلِّم المضاربين درساً لا ينسى.

وأكد ميالة أن "ما حصل من تقلب سعر الصرف خلال اليومين الماضيين، يأتي في إطار الحرب الاقتصادية والحملة المنظمة على سورية وأهم أدواتها هي العملة الوطنية، بهدف زيادة الحصار الاقتصادي بعد أن فشلت دول ومنظمات وتجمعات دولية كبيرة في النيل من صمود سورية".

وقال إنه "تم جمع شركات الصرافة والمصارف والصرافين في السوق كي يتم إبلاغهم بالإجراءات التي سيقوم بها المصرف المركزي والتي بدأ فيها ومن خلال ذلك انخفض سعر الصرف أمام الدولار أكثر من عشرين ليرة واستقر على الثمانين ليرة".

وأضاف ميالة إن "الانخفاض يطمئن المواطن والمصرف المركزي سيتدخل بشكل فوري ومستمر في السوق لكي يصد الشائعات كلما ازدادت ولإعادة سعر الصرف إلى مستواه التوازني".

وأوضح أن "التعامل في السوق السوداء مخالف للقانون وهناك جهات مختصة تقوم بمعالجة هذه المخالفات وفق القانون".

واتخذ المركزي في الأشهر الأخيرة عددا من الإجراءات لمواجهة العقوبات التي فرضتها دول غربية بسبب ما أسمته "قمع" المتظاهرين في سورية, ومنها التدخل في السوق من خلال المزادات للمحافظة على سعر صرف الليرة، كما أصدر عدد من القرارات تراجعت الحكومة عنها فيما بعد.

ووصل الاحتياطي من القطع الأجنبي الموجود في بداية الظروف التي مرت بها سورية إلى 18 مليار دولار، لكن نقص هذا المبلغ بمقدار 1.2 مليار دولار لتمويل مشاريع استثمارية كان تم الاتفاق على تمويلها مع بنك الاستثمار الأوروبي أو بعض المؤسسات الأوروبية الأخرى وأحجموا عنها، بحسب حاكم المصرف المركزي، فيما كان شدد وزير الاقتصاد والتجارة محمد الشعار على ضرورة الإدارة الحكيمة للعملة الأجنبية التي تملكها الدولة.

وارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية في سورية خلال الفترة الأخيرة بشكل جنوني، حيث أظهرت بيانات رسمية سابقة أن الأسعار ارتفعت بحدود 25% أو 30%، إلا أن هذه الارتفاعات تجاوزت حد 50% في بعض السلع، بحسب مستهلكين.

التعليقات