ماذا يعني أن تهرع مجلة فرنسية إلى نشر رسوم مسيئة للرسول الكريم بالتزامن مع الاحتجاجات الواسعة التي أثارها الفيلم الأمريكي المسيء للإسلام؟.
هل هي رسالة «تضامن» في الإساءة إلى دين سماوي يزيد عدد أتباعه على مليار وسبعمئة مليون إنسان بحجة حرية الرأي أم هي تعبير عن ثقافة الكراهية والعداء التي زرعها الساسة في ثنايا المجتمعات الغربية تجاه الإسلام كدين وثقافة وحياة؟!.
مع أن خطوة المجلة الفرنسية يمكن أن تصنف ظاهرياً في إطار «التضامن» مع مخرج الفيلم المسيء للإسلام، إلا أنها في واقع الأمر تأتي كنتاج لبيئة تُحقن منذ سنوات بأفكار ومواقف مشوهة تقصدت الإساءة إلى صورة الإسلام وإظهاره كعدو للحياة والإنسانية.
والسؤال كيف فعل ساسة الغرب ذلك؟
على خلاف ما يعتقده البعض، فإن الموقف الغربي من الإسلام، أو ما اصطلح لاحقاً على تسميته بالإسلام السياسي لإخفاء جوهر العداء، لم يبدأ مع تفكك الاتحاد السوفييتي، فالحملات الاستعمارية الغربية التي تعرضت لها معظم الدول العربية خلال العقود الأولى من القرن الماضي عملت، في سياق إحكام سيطرتها على تلك الدول، على محاولة النيل من المؤسسات الدينية، وتحييد دورها في الحياة العامة وتشويه صورتها لدى الشعوب الغربية عبر إلصاق تهم كثيرة كـ«التخلف والكسل ..». لكن يمكن القول: إن العقود الثلاث الماضية شكلت نقطة ارتكاز أساسية في استعداء السياسة الغربية للدين الإسلامي وتشويه صورته، وهذا تبلور عبر منحيين:
- الأول بتأسيس ودعم التيارات المتطرفة والتكفيرية، التي من شأن ممارساتها تقديم الإسلام للعالم «كدين يلغي الآخر ويبرر القتل والسرقة والاغتصاب» وتطغى على الإسهامات الحضارية الواسعة التي قدمها هذا الدين الحنيف للبشرية، وهذا اتضح مع دعم الولايات المتحدة الأمريكية للمذهب الوهابي التكفيري الحاكم في السعودية منذ عدة عقود، ومن ثم تأسيسها لمنظمات تكفيرية مسلحة على غرار تنظيم «القاعدة» وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها ومصالحها العدوانية، كما حدث سابقاً في عدة دول ويحدث اليوم في سورية والعراق.
- والثاني تمثل في تشجيع الإساءات المجتمعية للدين الإسلامي وللمسلمين سواء عبر السكوت عن الإساءات التي توجهها وسائل الإعلام ومؤسسات أخرى للإسلام ورموزه بحجة كذبة احترام حرية التعبير والرأي، أم عبر التحريض والاعتداءات الجسدية وأعمال التمييز العنصري والديني التي يتعرض لها المسلمون في الغرب، ومحاولة إلصاق تهمة الإرهاب بهم وتحويلهم إلى أشخاص يتخوف الجميع من وجودهم.
ولعل ما يؤكد التزام السياسة الغربية بالعمل على هذين المنحيين في مشروع استهداف الدين الإسلامي هو ذلك التزامن المفضوح بين نشر مجلة فرنسية رسوماً مسيئة للرسوم الكريم، وتصريحات للسفير الفرنسي في سورية يؤكد فيها توجه بلاده لتسليح المجموعات الإرهابية والتكفيرية الموجودة في سورية، مع إدراك باريس التام لعواقب وتداعيات كل من الخطوتين.
والمؤسف أن الأنظمة التي تتخفى خلف الإسلام وتدعي حمل رايته كذباً وبهتاناً كانت السند الحقيقي للغرب في حملته، فبعضها شارك مباشرة في حملة التشويه هذه عبر نظامه السياسي الإسلامي المتطرف أو التابع للسياسة الغربية، والبعض الآخر كانت مشاركته اقتصادية من خلال مئات المليارات من الدولارات التي تستثمر في بنوك الغرب ومصانعه وشركات أسلحته والأسوأ في وسائل إعلام مارست شتى أنواع التحريض ضد المسلمين.
سيريا ديلي نيوز - تشرين
2012-09-22 13:13:49